تعتبر برامج الابتعاث من البرامج التنموية المهمة، ومن أهم وسائل التنمية البشرية التي حرصت حكومتنا الرشيدة عليها خلال السنوات الماضية، فالاستثمار في الموارد البشرية المحلية -بالرغم من تأخرنا فيه- سيساهم في بناء اقتصاد قوي، وبذلك لن نعتمد على ذراع واحدة فقط «ذراع النفط»، وستكون لدينا ذراع أقوى وهي ذراع «الثروة البشرية». قطاع التعليم من القطاعات الأساسية المهمة الذي مر على محاولات عديدة للاستجابة لمتطلبات التنمية ولكن بدون جدوى، وسبب ذلك يعود إلى ضبابية وجود إستراتيجية لإحداث النقلة المتأملة منه، إضافة إلى غياب العمل المشترك مع جهات أخرى لها تأثير تكاملي مشترك مع التعليم على العديد من القضايا الاقتصادية، وبمعنى آخر تعتبر مخرجات التعليم الحلقة الأضعف من حلقات التنمية في المملكة. دمج وزارتي «التربية والتعليم» و»التعليم العالي» في وزارة واحدة «وزارة التعليم» يعكس السياسة المستقبلية للمملكة في صناعة مخرجات تعليم تنافسية سيكون لها تأثير كبير في دفع عجلة الاقتصاد للنمو، وهذا القرار حتى ولو تأخرنا فيه يعتبر من أهم القرارات والتحديات التي أثق في تجاوزها بقيادة معالي الوزير الدكتور عزام الدخيل وفريق عمله، والتفاؤل يزداد يوماً بعد يوم خاصة بعد التغييرات والقرارات التطويرية المهمة التي أعلنت عنها الوزارة كالمرحلة الثالثة من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، والتي جاءت بعنوان «وظيفتك وبعثتك»، والتي من خلالها تم توقيع شراكات إستراتيجية مع عدد من مؤسسات القطاع الحكومي بتأهيل الكوادر البشرية المحلية ومن ثم الاستفادة بتوظيفهم. رسالتي لمعالي وزير التعليم: المراحل الماضية من برامج الابتعاث كانت عشوائية ووقع ضحيتها العديد من الخريجين؛ مما جعل نسبة كبيرة منهم مجرد أرقام أضيفت لأعداد العاطلين عن العمل، والآلية السابقة لتلك المراحل يجب إعادة النظر فيها، فعلى سبيل المثال من الأخطاء الكبيرة التي يجب تفاديها هي الموافقة على الابتعاث الخارجي لدراسة الماجستير مباشرة بعد الانتهاء من مرحلة البكالوريوس دون وجود خبرة عملية لسنوات محددة، فهذه الآلية أدت إلى تكدس لكوادر بشرية بمؤهلات علمية عالية أضيفت لأرقام البطالة، ولم يستوعبهم سوق العمل بالرغم من المبالغ الطائلة التي استثمرتها الدولة فيهم، وإضافة الى ذلك من المهم تهيئة المبتعثين قبل تخرجهم، وذلك بتكثيف البرامج التوعوية من خلال ورش عمل فعالة، والعمل على عدم رفع سقف توقعاتهم بعد العودة لأرض الوطن واصطدامهم بالأمر الواقع في ظل المتغيرات العديدة التي طرأت وستطرأ على سوق العمل، وأخيراً ستكون هناك نتائج إيجابية أكبر اذا تم التأكد من الفرص الوظيفية التي يتم عرضها من خلال «معارض المهنة» في دول الابتعاث وربطها مع التخصصات التي تم إرسال المبتعثين عليها لتلك الدول؛ حتى لا تتحول تلك المعارض إلى مجرد معارض إعلانية بموارد مالية مهدرة. ختاماً: دعمك يا معالي الوزير لخفض سن التقاعد سيساهم في نجاح كثير من برامجكم على المديين القريب والبعيد.