لم ولن يفرح تنظيم الدواعش في شق الصف والفرقة بين مجتمع الوطن الواحد (شيعة وسنة)، فمواطنو القطيف وعلماؤها وعقلاؤها يمتلكون كثيراً من الوعي والحكمة، ويعلمون جيداً أن الوطن مستهدف في أمنه واستقراره، ولذلك لم ينقادوا إلى دعوات حزب اللات وملالي إيران، بأن ذلك العمل الإجرامي الذي استشهد فيه العشرات وأصيب فيه المئات من أبناء القديح موجه لأبناء الشيعة، فليخسأ من يظن أن السني والشيعي سيتحاربون، في بلاد الحرمين وتحت مظلة حكومة تطبق شرع الله، وتعامل الشيعي كما تعامل السني في المواطنة والحقوق، في فاجعة القطيف وقبلها جريمة الدالوة اجتمع السني والشيعي في المستشفيات؛ للتبرع بالدم، وقد شاهدت ذلك بنفسي أمام مستشفى القطيف يوم الجمعة، بأن السني يسابق الشيعي للتبرع بالدم للمصابين والجرحى. كل العلماء والوزراء والحكومات استنكرت ذلك العمل الإجرامي، وقد قال سماحة المفتي إن هذا الحادث حادث مؤثم إجرامي تعمدي حادث خطير يقصد المنفذون من ورائه إيجاد فجوة بين أبناء الوطن، ونشر العداوة والفتن في هذا الظرف العصيب، والمملكة تدافع عن حدودها الجنوبية فأرادوا بهذا العمل إشغالها بتنفيذ هذا المخطط الإجرامي، الذي يهدف من ورائه إلى تفريق صفنا وكلمتنا وإحداث فوضى في بلادنا، ولكن ولله الحمد الأمة متماسكة مجتمعة متآلفة تحت دين الله -جل وعلا- ثم تحت راية قيادتنا المباركة الحكيمة التي تسعى وتبذل جهدا في توحيد المجتمع وتقوية روابطه فيما بيننا جميعا». إن من يُفكر بأنه قد يخرج من جريمته في القطيف وقبلها في الدالوة بشرخ في المجتمع وبث الفرقة بين أبناء البلد الواحد هو واهم ومجنون، لقد شاهدت بنفسي مواطنين سعوديين يتسابقون إلى رش المياه على أُسر المصابين، ولم أسمع بنداءات هذا سني أو هذا شيعي، وذهبت بعد أن تبرعت بالدم في القطيف وقدمت واجبي الوطني مع أُخوة لي الشيعة والسنة وتناولنا العشاء في منزل أحد الأخوة الشيعة في القديح، المملكة عانت منذ سنوات من الإرهاب بتنوع أدواته في الشرقيةوالرياض، ولكنها صامدة في محاربته بتعاون المواطنين وعدم انجرارهم إلى نداءات الأعداء خارج الوطن لشق الصف بين الشيعة والسنة، فالمملكة كلها مستهدفة من التكفيريين والدواعش، فقد قتلوا رجال الأمن في الرياض قبل أسابيع، وهاهم ينتقلون بجريمتهم النكراء إلى القطيف لمحاولة جر المملكة إلى حرب طائفية داخلية، ونقل الحرب من عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن ضد الحوثيين والفرس إلى حرب طائفية داخلية؛ لأن أدواتهم من أبناء السنة الشباب المُغرر بهم من المجرمين الدواعش. سنظل رغماً عن أُنوف الأعداء سنة وشيعة أُخواناً متحابين ومواطنين سعوديين، ولاؤنا لولاة أُمورنا حكام هذه البلاد المباركة، فمجلس خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وولي ولي العهد لا يخلو يومياً من استقبال المواطنين، ومنهم علماء ومشايخ الشيعة، ومجلس أمير الشرقية كذلك وفي اثنينيته الأسبوعية كنت ضيفاً في مجلسه العامر، ورأيت الكثير من الشيعة وأماكن جلوسهم بجوار الأمير ولهم مكانة عند القيادة كمواطنين. موتوا بغيضكم أيها الدواعش سنظل سنة وشيعة مواطنين متحابين، فما أصاب القطيف أصاب المملكة بمساحتها كلها وليس بلدة القديح فقط، تعازينا للوطن بأكمله وللقيادة الرشيدة ولأهل القطيف وبلدة القديح في شهداء الوطن، ونسأل الله -عز وجل- أن يُشافي المصابين وأن يحمي بلادنا من الفتن ومن يدعو لها ومن يدعمها وسنظل متحدين ضد من يريد بأمننا وبلدنا الشر، ونفديه بأرواحنا سنة وشيعة. إعلامي وكاتب مُتخصص في قضايا الشأن العام