أنا شاب جامعي متزوج من حوالي تسعة أشهر، وقد حملت زوجتي قبل ثلاثة أشهر.. ومنذ بداية حملها لا تسمح لي بقربها، وتقول إنني أضايقها.! إلا أنها دائماً تصرح لي بحبها (الشديد) لي، وأن ما أصابها ليس بيدها وإنما هو بسبب الحمل، وأنه يصيب كثيراً من النساء. وأنا في ظل ظروفها أحس بعذاب ومرارة، حيث إني كالعطشان الذي أمامه الماء ولا يستطيع الشرب منه.. أرجو توجيهي، بوركتم.. * يُقال للمَرْأةِ الحُبْلَى إذا اشْتَهَتْ شَيْئاً: وَحِمَتْ، والأعراض التي ذكرتَ تُعرف ب (الوحم)، وهو ما يُطلق عليه اصطلاحاً: أن تشتهي المرأة الحامل أو تنفر من بعض الأشخاص أو أصناف الطعام أو غير ذلك، وإن كانت سابقاً تشتهيه أو تنفر منه، بسبب اضطراب في التوازن الفسيولوجي، يؤثر على نفسية الحامل، فتشعر برغبة في التقيؤ مع دوخة وتَقَلُّب في المزاج خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، ويختلف في شدَّته من امرأة إلى أخرى. يقول العلامة ابن القيم، رحمه الله: (فإن قيل: فما السبب في أن النساء الحبالى يشتقن في الشهر الثاني والثالث إلى تناول الأشياء الغريبة التي لا يعتد بها طباً؟ قيل: إن دم الطمث لما احتبس بهن بحكمة قدرها الله وهي أن صرفه غذاء للولد ومقدار ما يحتاج إليه يسير فتدفعه الطبيعة الصحيحة إلى فم المعدة فيحدث لهن شهوة تلك الأشياء الغريبة). فترة الحمل فترة عصيبة وشاقَّة على المرأة، وخصوصاً في حملها الأول، تحمل بين أحشائها جنيناً يتخلَّق، تحمله وهناً على وهن، تذوق الآلام والمتاعب ليل نهار لتُغذِّيه وترعاه وتطمئن عليه، يَطوي الليلُ نسيجَه ولم تهنأ بنوم ولم يغمض لها جفن، تظهر عليها أعراضٌ متعددة، وإن كانت تختلف من امرأة إلى أخرى، إلا أن جملتها تكمن في: التقيؤ، والغثيان، وفتح الشهية للأكل، والرغبة في أطعمة غريبة، والرغبة أو النفور في أو من روائح معينة، والضيق والبكاء، وازدياد علامة الحب أو الكراهية من أشخاص معينين وقد يكون الزوج أحدهم، فلا تطيق حتى رؤيته أو تحمل رائحته. إنها هنا تحتاج منك ابتسامةً حانية، وتقديراً لمتاعبها، وتَحمّلاً لما قد يبدر منها من ضيق أو جفاء خلال أشهر الحمل الثلاثة الأولى، وقد تمتد للشهر الرابع، وكأقصى حد مطلع الشهر الخامس، علماً أن نصف النساء الحوامل –حسب التقارير الطبية- لا يتعرَّضن لهذه المؤثرات، ومن يَتَعَرَّضنَ لهذه الأعراض لا يكون ذلك باختيارهن، فهن في الغالب لا يستطعن السيطرة عليها، ولذا تجد في زوجتك التصريح بحبها الشديد لك، وهو الواقع الذي تؤمن به، إلا أنها لا تستطيع أن تقاوم الضغوطات النفسية التي تعيشها، وكأنها تلتمس منك تَفهُّم حالتها العارضة، وأن تُقَدِّر هذا التغيير الطارئ عليها، فلا تجرح مشاعرها، ولا تُثر المشكلات حولها، ولا تزد الضغوطات على نفسيَّتها المُتْعَبة، وحتماً سيعود عليك ذلك سعادة وهناءً واستقراراً، لتراها بعد ذلك كما عهدتها محبة لك، تروي عطشك بحول الله.. فلتصبر، فما بقي إلا القليل بإذن الله.