النصر بمن حضر ومتصدر لا تكلمني، وغيرها من المقولات التي يطلقها النصراويون وتبقى عالقة في الأذهان لا يستطيع الزمان أن يمحوها من الذاكرة . للنصر جاذبية لا يمكن أن يتجاهلها من يمسك بالقلم أو مفاتيح الكيبورد عندما يهم بالكتابة عن فرحه وإنجازه، وعن تاريخه، فهناك محطات غنية وثرية تجعل الكلمات تبحر في مدائن الجمال وتسافر في الخيال، وتسرد الدور البطولي لكل ملحمة ينجزها هذا العالمي . له من الصحراء نصيب وحتى من البحر نصيب، عندما تعلو أمواجه فوق أمواج الجميع . ولهذا النصر قصة عادة ما تكون فصولهامثيرة للجدل لكنها في كل الأحوال تمثل إبداعا داخل المستطيل الأخضر، ووهجا في المدرج، وطحنا عبر وسائل الاتصال الاجتماعي. النصر أصبح يمثل ظاهرة في فرحه وحزنه، في صدارته وبطولاته وإنجازاته وإخفاقاته، وهذه الظاهرة أصبحت واقعا في الميدان التنافسي المحلي . ميزة هذا النصر في عنفوانه، أنه يجيد النهوض بعد السقوط سريعا، ولا يلبث في محطة الاختناق إلا لحظات سرعان ما يغرد خارج السرب، فعلها في الموسم الماضي، وقالوا سحابة صيف لكن تأكيدها في هذا الموسم يعني أن مطرها قد نثر زرعا ومنظرا خلابا يهيم فيه محبوه ويغبطه خصومه . وأكد النصر تفوقه وأحقيته باعتلاء منصات التتويج، وأكد بما لا يدع مجالا للشك، أنه بطل المرحلة في مختلف المسابقات السعودية، وذلك بعد نجاحه في الحفاظ على لقب الدوري السعودي قبل مرحلة من انتهاء الموسم بشكل رسمي. " العالمي يخالف التوقعات" ونجح النصر في الفوز على الهلال بهدف نظيف في المرحلة الخامسة والعشرين من دوري المحترفين السعودي ليزين خزائنه بلقب جديد. النصر أكد للجميع مما كان يترقب فقدانه للقب، أن الفوز بالدرع في الموسم الماضي لم يكن سحابة صيف، ليثبت العكس، وأن أمطاره مستمرة، وأنه قادر على اعتلاء منصات التتويج عن جدارة واستحقاق، وليس من قبيل الصدفة. الجيل الحالي من اللاعبين الشباب أعاد للنصر رونقه وبريقه، فبالرغم من مرور الفريق النصراوي بالعديد من المحطات الصعبة طيلة موسم كامل، لكنه لم يتأثر بأية عوامل داخلية أو خارجية، سواء في حملات التشكيك التي أطلقها بعض النقاد في عدم قدرته على حسم اللقب لا سيما بعد خسارته الكبيرة أمام الأهلي ، وكان الكل يتوقع تعثره أمام الهلال، إلا أنه استنهض همته في الوقت المناسب، وعاد ليخيب ظنون من شكك في قدرات لاعبيه، واستطاعتهم الاحتفاظ باللقب للموسم الثاني على التوالي. " جيل ناضج كروياً " ويملك الجيل الحالي للنصر القدرة على إسعاد الجماهير النصراوية، ومن الطبيعي أن يحصل العالمي على البطولات في هذا الوقت تحديداً، كون الفريق لا ينقصه أي شيء من حيث اللاعبون أو الجهازان الفني والإداري. والعملية الاحترافية في نادي النصر تسير وفق استراتجية رائعة من الصعب أن تجدها في الفرق السعودية الأخرى. الجيل الحالي أصبح قادراً على إعادة صياغة المجد النصراوي من جديد، خصوصاً مع الطموحات الكبيرة لعشاق النصر التي من الصعب أن تجد مثله في أي ناد سعودي آخر . وضربت الإصابات فريق النصر في مقتل هذا الموسم، حيث تعرض أبرز لاعبيه للإصابة بالرباط الصليبي في وقت عصيب من الموسم، بإصابة لاعبي الوسط إبراهيم غالب، وأحمد الفريدي، في وقت كان الفريق في أمس الحاجة لخدماتهما، فالأول تعرض للإصابة في مباراة لخويا القطري بدوري أبطال آسيا لكرة القدم، والثاني أصيب في مباراة بيروزي الإيراني في نفس البطولة، ولم تكن هاتان الإصابتان الوحيدتين اللتين كادتا تعصفان بأحلام النصراويين، بل أصيب أكثر من لاعب طوال مشوار الدوري، لكن النصر يملك دكة بدلاء لا تقل قوة عن اللاعبين الأساسيين، والذين لجأ إليهم المدرب الأرجوياني للفريق خورخي داسيلفا، أمثال: عبد العزيز الجبرين وعوض خميس، ونجحوا في نيل إشادة النقاد كما نالوا ثقة جمهور النصر . "شبح الإصابات " الإصابات لم تغتل أحلام الفريق النصراوي كما اغتالت أحلام وبددت آمال فرق كبيرة كانت تنافس على اللقب ، حتى الإيقافات لم تنل من "العالمي" كما يلقبه أنصاره، حيث تعرض المدرب داسيلفا للإيقاف من قبل لجنة الانضباط 4 مباريات، بعد تهجمه على الحكم السويسري الن مارك الذي أدار مباراته مع الأهلي، واتهمه بمجاملة مواطنه كريستيان جروس على حساب النصر، مما جعله عرضة للإيقاف، لكن وبالرغم من ذلك نجح داسيلفا في إدارة أمور فريقه من المدرجات في مباريات صعبة، كان أبرزها الفوز على الاتحاد في عقر داره واجتياز محطة صعبة من محطات دوري المحترفين السعودي . طريق النصر لم يكن مفروشاً بالورود طيلة البطولة، لكنه وجد نفسه يفتقد عمر هوساوي،الذي يعد أحد أبرز مدافعيه قبل ملاقاة الهلال في ديربي العاصمة، بداعي الإيقاف من قبل الاتحاد الآسيوي الأمر الذي جعل الجماهير تتخوف من انهيار دفاع الفريق في موقعة الحسم، كما أنه افتقد حارسه المميز عبد الله العنزي بداعي الإصابة في المباراة، لكن البديل حسين شيعان أبلى بلاء حسناً، وحافظ على نظافة شباكه لينجح فريقه في الخروج بالثلاث نقاط من المباراة، وهو الهدف الذي كان يسعى خلفه كافة النصراويين من أجل التتويج باللقب. " ذخيرة المستقبل " بطل الدوري لم ينجح على مستوى الفريق الأول فقط، بل إنه نجح هذا الموسم، وبفضل التخطيط السليم لإدارة الأمير فيصل بن تركي في الفوز بدرع الناشئين، ودرع فريق الشباب، ونافس على لقب فئة الأولمبي حتى المراحل الأخيرة من عمر المسابقة، وهو ما يؤكد امتلاك الفريق النصراوي بقاعدة كبيرة من اللاعبين في كل الفئات، تعد ذخيرة للفريق الأول في المستقبل، ليستمر في المنافسة على الألقاب لأطول فترة ممكنة، وهذا ما يسعى إليه رئيس النصر الأمير فيصل بن تركي الذي تطلق عليه جماهير ناديه " كحيلان". " قوة مالية ونفسية" رئيس النصر أثبت أنه قوة مالية في الموسم الماضي، وجاء هذا الموسم ليؤكد أنه قوة إدارية من خلال التخطيط السليم، وقوة نفسية، لديها مفعول السحر مع اللاعبين، حيث استطاع انتشال اللاعبين من كبوتهم وتهيئتهم نفسياً في وقت قياسي، عقب الهزة التي تعرض لها النصر أمام لخويا القطري بدوري أبطال اسيا، إثر هزيمته 1-3 على ملعبه ووسط جماهيره، مما جعله يودع البطولة من دورها الأول، حيث كان النصر بحاجة للفوز فقط من أجل حسم تأهله للدور الثاني ، لكن لخويا أفسد المخطط النصراوي مبكراً . البعض من جماهير النصر وضع يده على قلبه، وتخوف من تأثير خروج الفريق النصراوي من دوري أبطال آسيا مبكراً بشكل سلبي على نفسيات اللاعبين، لكن الأمير فيصل بن تركي كان له رأي آخر، وعالج اللاعبين نفسياً وهيأهم لديربي العاصمة أمام الهلال، لأنها كانت مفترق طرق لفريقه، وكانت بمثابة مباراة الحسم، وهو ما حدث بالفعل، حيث ظهر اللاعبون في أوج عطائهم، ولم يظهر التوتر على أي لاعب من لاعبي النصر، والجميع اتسم بالهدوء، ولم يتأثروا بالأجواء المحيطة. " قطع الشك باليقين" فيصل بن تركي قطع الشك باليقين، وذكر النصراويين بالرمز الراحل الأمير عبد الرحمن بن سعود، باني نهضة النصر في العصر القديم، ليأتي من خلفه الرئيس الحالي ليكون بمثابة الرمز الجديد لدى الجماهير النصراوية، ليؤكد أن شمس النصر لن تغيب، وأنه باني نهضة النصر في العصر الحديث. رئيس النصر خالف كل التوقعات، ولم يستسلم لحملات التخدير بأن الهلال هو الأفضل في الوقت الحالي، وأن النصر في تراجع، وترك القيل والقال، وعمل على فريقه سواء نفسياً أو من خلال التشديد على المدرب بأهمية الفوز بالنسبة للنصر، وتحقق له ما أراد ليتوج باللقب للعام الثاني على التوالي أمام غريمه التقليدي الهلال. النصر بدد مقولة، إن تحقيقه للبطولات كان بفضل عمل مدربه السابق ومدرب المنتخب القطري الحالي الأرجوياني دانيال كارينيو، ونجح في تحقيق لقب الدوري تحت قيادة فنية جديدة مع المدرب الأرجوياني الآخر خورخي داسيلفا، وهو ماجعل الأمير فيصل بن تركي يعترف بأن النصر دائما ما يتفاءل بتحقيق البطولات مع المدربين الأرجويانيين . " محاور النجاح" إدارة النصر نجحت هذا الموسم على أكثر من محور ، حيث تمثل المحور الأول في المنافسة على الألقاب المحلية، وهو ما كان في صدارة أولويات النصر، هذا الموسم، ونجح في الاحتفاظ بلقب الدوري في خزائنه بالرغم من المنافسة الشرسة من الأهلي، الذي خرج من المنافسة بالتعادل مع التعاون، ليكون أول فريق يحافظ على سجله خالياً من الخسارة، لكنه يفشل في تحقيق اللقب. وبعد أن حقق النصر لقب الدوري يسعى للفوز بكأس الملك بعد أن صعد للدور نصف النهائي، ليحقق الثنائية هذا الموسم كما فعل في الموسم الماضي حينما فاز بلقب الدوري وكأس ولي العهد. النصر بدد مخاوف جماهيره من انفراط عقد الفريق من خلال الاهتمام بالفئات السنية، وإبرام تعاقدات من العيار الثقيل، تمثل في لاعب الاتفاق أحمد عكاش في صفقة انتقال حر، ولاعب الطائي عبد الرحمن الحسن. " اصطياد أكثر من عصفور بحجر" النصر ضرب أكثر من عصفور بحجر، هذا الموسم، بتألق لاعبيه أمثال المهاجم محمد السهلاوي الذي أحرز 21 هدفاً ليتأخر بفارق هدف واحد عن مهاجم الأهلي عمر السومة، كما أنه حقق رقماً خاصاً في المواجهات المباشرة مع الهلال، تمثل في إحرازه للهدف رقم 9 في شباك الهلال خلال 20 مباراة لعبها في ديربي العاصمة الرياض، ليكون أول لاعب يحرز تسعة أهداف في شباك فريق واحد على مر التاريخ. يشار إلى أن السهلاوي قد انتقل للنصر عام 2009 قادما من القادسية في صفقة كانت تعد الأكبر في ذلك الوقت في سوق الانتقالات السعودية، كونها كلفت خزينة النادي حينها مبلغ 33 مليون ريال، والذي كان يعد خياليا في ذلك الوقت، وفي الموسم الماضي جدد السهلاوي ارتباطه بالنصر حتى عام 2019 ، مقابل 35 مليون ريال.ليكون إجمالي المبلغ الذي تكبدته خزينة النصر للتعاقد مع السهلاوي 68 مليون ريال في 10 سنوات. " ظاهرة الملاعب السعودية" قائد النصر حسين عبد الغني، تحول إلى ظاهرة في الملاعب السعودية، حيث يعد أول لاعب يحقق لقب الدوري مرتين متتاليتين، وهو على مشارف الاعتزال، حيث يبلغ عبد الغني من العمر 38 عاماً وطالبه الكثيرون بإنهاء مسيرته في الموسم الماضي، لكنه أصر على الاستمرار ورفض الاعتزال ليحقق اللقب مرة أخرى قبل أن يتخذ قرار الاعتزال، حيث لم يسبق له الفوز بالدوري من قبل طوال مسيرته الممتدة ل 25 عاماً . 8 أخيراً، وبعد فترة طويلة من الغياب، نجح فريق النصر الأول لكرة القدم في استعادة بريقه من جديد، وتمكن من إدخال البهجة والأمل في نفوس جمهور الشمس بعد السنوات العجاف التي عاشها قبل مجيء الرئيس الحالي الأمير فيصل بن تركي، بفضل البطولات التي حققها الفريق في الآونة الأخيرة، والآن أصبح الفريق مطالباً أكثر من أي وقت مضى مواصلة إبداعاته مع ارتفاع سقف طموحات الجماهير النصراوية . "حماس الشباب" النصر أصبح يتسلح بحماس الشباب إذ يغلب على تشكيلته مجموعة من اللاعبين صغار السن، حيث لم يتخط معدل أعمار لاعبيه 24 عاماً، ويبرز في الفريق لاعبون شبان أمثال إبراهيم غالب وعمر هوساوي وخالد الغامدي وشايع شراحيلي وعوض خميس ويحيى الشهري، وعبد العزيز الجبرين والحارس عبد الله العنزي . مستويات النصر المميزة التي يقدمها، هذا الموسم تخطت الحدود، وتألق النصر لم يأت من فراغ، ومن الوهلة الأولى لمس عشاق النصر التغييرات التي أحدثتها الإدارة، بعدما أعادت صياغة الفريق من جديد وأعادت الثقة للاعبين لا سيما بعد إنهاء التعاقد مع المدرب الإسباني كانيدا وإعادة المدرب داسيلفا، الذي أتى في الوقت المناسب. النصر لم يكن موفقاً في اختيار اللاعبين الأجانب، هذا الموسم، باستثناء البولندي ادريان الذي كان علامة بارزة وكان له بالغ الأثر في تألق العالمي، فلاعب بحجم وخبرات ادريان استطاع أن يقود وسط الفريق هجومياً ودفاعياً، كما يجيد اللعب في أكثر من مركز وعلى العكس تماماً لم يقدم الإكوادوري ويلا والبرازيلي فابيان مستويات تشفع لهم بالبقاء في الموسم المقبل، كما أن المدافع البحريني محمد حسين لم يظهر بمستواه الذي كان عليه في الموسم الماضي. " العلامة الفارقة" جماهير النصر كانت العلامة الفارقة بالنسبة للفريق في الموسم الماضي، من خلال مؤازرتها الدائمة للاعبين، حتى عندما تقام المباريات خارج ملعب الفريق ، كيف لا؟ وهي التي تحملت الكثير من أجل الكيان النصراوي، ولم تتخل عنه في أي وقت من الأوقات، إلا أنها في هذا الموسم، لم تكن في الموعد كما كان عليه الحال في الموسم الماضي، وخذلت فريقها في كثير من المباريات المهمة. وبالرغم من ذلك، أصبحت جماهير النصر تعول على فريقها أكثر من أي وقت مضى، للفوز بالبطولات في المواسم المقبلة، لا سيما وأن الفريق أصبح يسير بثبات نحو منصات التتويج . وأصبحت الفرصة مواتية أمام النصر بشكل أكبر منه في السنوات الماضية، بفضل العطاء الذي يقدمه لاعبوه داخل الميدان، حيث يبذل اللاعبون جل طاقتهم لإسعاد تلك الجماهير المتعطشة للبطولات، لاسيما وأنها لم تتخل عنهم مؤازرتهم حتى في أحلك الظروف . " ارتفاع سقف الطموحات" أخيراً وبعد فترة طويلة من الغياب نجح فريق النصر الأول لكرة القدم في استعادة بريقه من جديد، وتمكن من إدخال البهجة والأمل في نفوس جمهور الشمس بعد السنوات العجاف التي عاشها قبل مجيء الرئيس الحالي الأمير فيصل بن تركي، بفضل البطولات التي حققها الفريق في الآونة الأخيرة، والآن أصبح الفريق مطالباً أكثر من اي وقت مضى، بمواصلة إبداعاته مع ارتفاع سقف طموحات الجماهير النصراوية .