يقال إن أعذب الشعر أكذبه أي أن معظم القصائد الجميلة التي نسمعها تتحدث عن قصص غير حقيقية ، ذات مرة تناقشت مع أحد الشعراء المعروفين وقال إن القصائد تأتي من قصص وهمية لا وجود لها بمعنى أن الشاعر يبحث عن الفكرة المميزة وعندما يجدها يحاول أن يصيغها بأسلوب جميل يرتكز على البداية القوية للقصيدة، ومن ثم الاسترسال بباقي الابيات حتى تكتمل. هذا الكلام بالطبع لا ينطبق على جميع الشعراء ولكن هناك الغالبية منهم تجدهم يحاولون أن يخوضوا تجارب وهمية لا مكان لها إلا بخيالاتهم؛ ليخرجوا لنا بقصيدة شعرية تحكي إما عن المعاناة والحرمان والألم أو الوصف الذي يعتبر زائدًا عن الحد في حق محبوبته الوهمية والتي يلبسها تاج الحسن والجمال ويضعها على هرم ملكات جمال الكون من خلال هذه القصيدة. وإذا عُدنا لبداية هذا المقال، والذي ذكرت فيه أن أعذب الشعر أكذبه فإن هناك الكثير من الشعراء سبق أن أكدوا هذا الأمر من خلال قصائدهم وآراهم قد وافقوني على ذلك. وبرأيي أنه كلما كانت القصيدة صادقة وتشكل واقعًا من حياة الشاعر كانت أكثر قبولًا لدى المتابعين ذلك أن الشاعر عندها يتفنن في اختيار الكلمات والصور الجمالية الأخاذه لتظهر بشكلها الحقيقي وليس المزيّف وعندها فقط تكون القصيدة أعمق وأسمى. أما إذا اتجهنا للطرف الآخر وهن الشاعرات اللاتي يعتبرن أكثر صدقًا وإحساسًا من الشعراء - حسب رأيي الشخصي - فإننا نتفاجأ ببعض القصائد الجميلة ولكنها نادرًا ما تحمل أفكارًا مميّزة .. ومن يدري فربما أنها تخضع في نهاية الأمر إلى نفس الكلام الذي بدأنا به وهو أن أعذب الشعر أكذبه.