أجمل الحكايات هي التي عرف أبطالها في أعمال كثيرة بالإبداع والظهور الجميل، حكايتنا ليست بعيدة عن هذا النوع من الحكايات، فيكفي أن نذكر أن أحد أبطالها هو نجم من نجوم الفن العربي الذي جدد عهده مع التميز ووضع حلقة جديدة تضاف إلى تاريخه الفني الكبير. (حكاية) محمد عبده الجديدة هي أهزوجة جميلة استطاعت أن تجبر كل من سمعها إلى الإنصات حتى آخر فصولها، فرسم عبداللطيف آل الشيخ سيناريو الحكاية وأبدع المتجدد يوسف المهنا في رسم أجمل لحن لها وترك الجميع فنان العرب يروي بصوته العذب تفاصيل (الحكاية). كيف لي أن أروي حكاية (الحكاية) وهي منذ بدايتها جاءت بسيطة وسهلة وأخّاذة اجتمعت أعذب الحروف وتجددت أعذب الألحان وصدح بها أعذب الأصوات فأصبحت كل الحكاية (حكاية عذبة) وبسيطة في معانيها: الحكاية انك أجمل من تفاصيل الحكاية وانك أكبر من كلامي وكل ما تكتب يدي كل يوم احبك إنتي من البداية للبداية ابتدي بك.. ابتدي بك... ابتدي بك وابتدي لا أحب أن أغفل انطلاق الأغنية كموال كونه نفض الغبار عن فن الموال الذي غيبت أصالته وتشوهت في حضور أشبه ما يقال عنه أنه مزج بين صراخ مبتدئين ورعونتهم تعددت مصادرها إلا قليل، فبدأ محمد عبده مواله الشدي وأطلق حنجرته لتعيد الموال إلى سابق روعته الذي كثيرا ما أتحفنا به ورواد الفن الأصيل ولفصل آخر من الحكاية أبدع عبداللطيف آل الشيخ في صياغة تساؤلات رقيقه أضفى عليها جمالية في السرد والوصف والخيال المميز: كيف قلبي ما يلاقي فيك أبد حد الكفاية؟ وفيك ألاقي يا اشتياقي كل لحظة مولدي إنتي من هيبة جمالك تحسدك حتى المرايا صرت أخاف انك لحسنك يا حياتي تحسدي لم تقف الحكاية عند جمالية وصفها فقط بل حيكت الحروف بشاعرية تمثلت في هذه التساؤلات الجذابة تقرأ (كأعجوبة) مدهشة لا يصيغها كلمات ولحناً إلا عمالقة، فانتقال اللحن من موضع لآخر إبداع متقن من رجل له خبرته ورافق فنان العرب كثيرا فأصبحا ثنائيا يعرفان كيف تتجدد عهود الإبداع: إنتي من هيبة جمالك تحسدك حتى المرايا صرت أخاف انك لحسنك يا حياتي تحسدي كيف ما أوصل وانتي دربي وأبجديات الهداية كيف أضيع وغصب عني فيك ارجع واهتدي فصل آخر من حكاية محمد عبده وعبد اللطيف آل الشيخ استطاعا رسمها بطريقة شابهت البدايات في سهولة الطرح وتناغم الغناء فجعلوا حكايتهما لا تخلو من أدق تفاصيل البساطة والوضوح حتى في التشبيه ما مكّن محمد عبده من الغناء بإحساس حقيقي يسُتمع إليه بالقلب كما هي عاداته عندما يريد أن يبدع، ولأن (الوسيلة تبرر الغاية) اختيرت أجمل الأعذار ووضعت عبارات الشاعر في باقة ورد اختار لها المهنا سيمفونية أخّاذة لتكون أجمل وسيلة للوصول للقلب فكانت (هي) وسيلة للقلب كمبرر لتواجد الدائم والحضور: الوسيلة لقلبي انتي وبك أبرر كل غاية يا وجودي ويا أكيدي ويا زماني السرمدي وظلت (هي) أيضا المعنى الحقيقي للجمال ومدعاة للتباهي بها بشكل استطاع الشاعر اختيار كلمات مميزة لم تخرج القصيدة من رقتها وعذوبتها: كيف ما أرضي بك غروري وانتي للإكبار آية؟ كيف ما أوفي لحبك وانتي حبك سيدي وتلوح نهاية الحكاية بعبارات الحب مجدداً والعشق الذي اكتسى لون البياض وأعطى الإذن لمحبي محمد عبده التباهي بعودته الجميلة وظهوره، وإن كساه الشيب أكثر شبابا كفنان ليس لإبداعه نهاية كما قال: النهاية ما اعرفها والهوى ما له نهاية اعرف اني كل موتي فيك يعني مولدي انتهت (حكاية) عمل جبار كان أبطاله نجوم اعتادوا الظهور في أوقات مناسبة لإعادة الأغنية الخليجية إلى مسارها الصحيح بعيدا عن (أحلام) التجديد الزائف. نجوم (الحكاية) لا يختلف أحد على أحقيتهم بالعملقة والتربع (بهذا العمل) على عرش الإبداع لهذا العام. [email protected]