ضيفنا لهذا الأسبوع شاعر وإعلامي قطري، قدّم من خلال مسيرته الشعرية الجميل والرائع له، كشف لنا من خلال حوارنا معه عن كيفية دخوله الإعلام، وعن الكثير من النقاط الحساسة بالساحة الخليجية بشكل عام والساحة القطرية بشكل خاص.. إنه الشاعر الإعلامي شهاب الشمراني. بدايةً نرحِّب بك عبر صفحات (في وهجير) بجريدة (اليوم) السعودية. أتشرّف بتواجدي من خلال صفحات (في وهجير)، وأتمنى أن يرتقى اللقاء إلى مستوى الطموح. شهاب الشمراني.. اسم إعلامي شعري معروف.. حدثنا كيف كانت بدايته شعريًا؟ البداية كانت متواضعة ومتعثرة نوعًا ما بحكم عدم النضج الشعري والثقافي، ومن ثم بدأت في تطوير الذات من خلال القراءة، والاحتكاك بالآخرين والبحث عن كل ما هو يفيدني في المستقبل. ومن خلال التواصل الإعلامي في بدايتي كان المناخ الصحفي الشعري أكثر من رائع، واعتقد أن هذا وضعي في محك حقيقي في تطوير أدواتي الشعرية. وماذا عن كيفية دخولك عالم الإعلام؟ دخولي المجال الإعلامي كان بالصدفة، ولم يكن مخططًا له مسبقًا، وبوابة دخولي العمل الإعلامي من خلال إذاعة صوت الخليج، وصاحب الفضل في ذلك السيد/ محمد بن راشد الخاطر الذي رأى فيَّ الحس الإعلامي، وطلب مني الانضمام الى كادر العمل في الإذاعة ودعّمني بتوجيهاته ووضع الثقة في إمكانياتي. كيف وجدت تجربتك من خلال إشرافك على صفحات الشعر بصحيفة الوطن القطرية؟ تشرّفت في العمل مع جريدة الوطن القطرية، ومع أسرة تحريرها، وكانت تجربة ايجابية بالنسبة لي حتى لو أنها لم تدم طويلًا رغم أنني في تلك الفترة كنت مبتعدًا عن الإعلام ولم تكن لدي الرغبة في العودة للعمل الإعلامي إلا أن المناخ في جريدة الوطن القطرية كان جميلًا وأكثر من رائع. ماذا عن الأهداف المنشودة من خلال ذلك الإشراف؟ حين أشرفت على صفحات الشعر في جريدة الوطن رسمت إستراتيجية معينة، واستطعت من خلالها أن أحقق بعض الأهداف وكان من أهمها اكتشاف أسماء شعرية حديثة وتسليط الضوء عليها، وكان من أبرزها الشاعر خالد صالح الشمري وناصر الوبير، وكل منهما وصل الى مرحلة 48 من برنامج (شاعر المليون) وهذا بحد ذاته اعتبره نجاحًا لأن هؤلاء الشعراء كانوا رهانًا على ما قدّمته في سنتين وهناك أيضًا أسماء شابة كانت عنصر الدهشة للمتلقي من حيث ما تقدّم من طرح شعري. ما سياستكم التي تتبعونها في النشر والأخبار وغيرها في ملحقكم؟ النص الجميل يفرض نفسه بعيدًا عن المجاملات والمصالح الشخصية وتبنّي الأفكار الجديدة والطرح المميّز والبحث المستمر عن كل ما هو جديد ويستحق القراءة. كان هناك تصريح للشاعر جهز العتيبي يخصّ الملحق وعن طريقة الأسئلة المطروحة له وتخلل ذلك تعليقات منه، وتمّ إدراجها في اللقاء.. ألم يضايقك ذلك رغم قدرتك على إلغاء الحوار؟ أولًا حين تعود لمقدّمة الشاعر جهز العتيبي تدرك مدى حبي لهذا الرجل وفضله علي في بداياتي الشعرية، ثانيًا حين تعرف جهز عن قرب تعرف انه لا يجيد لغة المجاملة، وهو يطرح وجهة نظره دون أي تحفظ، ثالثًا هناك من أراد أن يصطاد في المياه العكرة من خلال تصفية حساب معي أنا شخصيًا؛ لذلك اخذ اللقاء وحاول أن يثير ما يريد أن يثيره رغم أنني لم أعط اهتمامًا كبيرًا للموضوع ما دامت علاقتي مع جهز العتيبي لم تتأثر بتلك الإسقاطات. وبخصوص المساحة.. فهذا يعود للضيف ومساحة طرح إجاباته كيفما يشاء، وليس من حقي أن أملي عليه الزيادة حتى تكون الصفحة أكبر حجمًا علمًا بأن علاقتي بجهز العتيبي لا تقاس بمساحات ومقاسات معينة. ولكن تمّ تحجيم اللقاء من قبلكم وإعطاؤه مساحة صغيرة.. فلماذا؟ سبق أن قلت أنا لا أملي على الضيف مساحة الإجابة، فهو حر في اختصار إجابته والاسترسال إذا أراد. بصراحة.. هل تعرّض شهاب الشمراني للإجحاف والتنكر لمن مدّ لهم يد العون وكان سببًا في بروزهم إعلاميًا؟ وما زلت أتعرّض للإجحاف، ولكن صدّقني لم أقدّم يد العون حتى يُشار لي بالبنان أمام الإعلام وغيره. أنا مؤمن بقناعتي قبل كل شيء وما دمت أعمل تحت وسيلة إعلامية فأنا مجبر على خدمة الآخرين وتقديم يد العون ما دمت أرى الجانب الإبداعي في هذا الشخص، فهذا حق مشروع في تسليط الضوء عليه ولا أنكر أن هناك أشخاصًا لا ينكرون الفضل.. ولكن أنا لست ممّن يبحث عن الأطراء في كل وقت ومناسبة، ولم أسعَ في يوم من الأيام على أشخاص يمدحونني ويمجدونني. وما رسالتك لتلك الفئة من الشعراء؟ لا توجد رسالة معينة ومن الظلم والصعب الدخول في نوايا الآخرين لذلك أتمنى لهم كل التوفيق والمزيد من النجاح. الأوضاع السياسية بالوطن العربي.. هل تعتقد أن للشعراء دورًا في وضع لمساتهم الشعرية عليها؟ من الطبيعي أن يكون الشعر سلاحًا قويًا في هذه الآونة خصوصًا مع تلك الأحداث التي تجري في الوطن العربي. وهل أنت مع تسييس الشعر؟ يا عزيزي انتهى زمن التسييس (واللي على رأسه بطحة يحسس عليها) يعني بالعربي سنع وزارتك. نحن في زمن ثورة الاتصالات والانفتاح العالمي ويستطيع كل إنسان التعبير عن رأيه بالطريقة التي تناسبه من دون الرجوع إلى مقص الرقيب وغبائه. وأعتقد أن الشعر السياسي في منطقة الخليج على وجه التحديد ابتدأ في أخذ الاتجاه والطريق الصحيح في رفع صوته في وجه المفسدين وأصحاب النفوذ والقرارات المصيرية. وباعتقادك.. هل ما زال الشعر يعتبر سلاحًا فعّالًا كما كان في الأزمان السابقة؟ طبعاً كما تعلم أن الشعر هو لسان المجتمع وهو المحرّض الحقيقي والقوي في تأجيج المشاعر والآراء.. خصوصًا في زمن ثورة الاتصالات لا تستطيع السيطرة على قطع لسان الحق. الساحة.. ما الذي يشدّك إليها وما هو الذي ينفرك منها؟ حاليًا لا يشدّني شيء ولا أرى أن هناك ساحة شعرية بقدر ما أرى فوضى عارمة وعقولًا فارغة تدير كفة الشعر في اتجاه خاطئ.. وهذا الشيء طبيعي في ظل كثرة المجلات خصوصًا القنوات التي تفتقد المهنة والجودة الإنتاجية. بعيدًا عن ذلك.. الساحة الشعرية بقطر تزخر بشعراء مبدعين وكبار.. لماذا لا يكون هناك مهرجانات شعرية على مستوى الخليج تكون تحت مظلة الإعلاميين الشعراء بقطر؟ ليس تحيّزًا أو عنصرية.. لكن أرى أن هيبة الشعر ستعود من خلال الإعلام القطري لأنني أرى بوادر ومؤشرات جيدة في الفترة القادمة على الصعيد الإعلامي في قطر وعودة بعض الأسماء الإعلامية القطرية ستكون دافعًا قويًا في إعادة الشعر لوضعه الطبيعي. الشللية هل تسيطر على مثل تلك المهرجانات؟ أنا مع الشللية التي تخدم الشعر وإذا كانت هناك شللية تضر بالشعر فلن تعيق المبدع، ولن تحجب صوته؛ لأن صوت الإبداع يصل مهما كانت الحواجز والعقبات. ومن يرَ أن المهرجانات هي مقياس نجاح المبدع فهو مخطئ صوت المبدع يصل من خلال وسائل كثيرة تتجاوز بكثير مساحة ضوء تلك المهرجانات. ألا ترى أن وجود صفحات التواصل الاجتماعية تحدّ من تلك الشللية؟ صحيح.. وهذا ما لا يدركه بعض المتربّعين على عرش الوسائل الإعلامية؛ لأنهم باختصار قد تكون ثقافة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لم تصلهم إلى الآن وهذا يجعلهم خارج تغطية التطور. لكن هناك مَن يقول إن الشللية متواجدة حتى بالتويتر، ومن خلال «الرتويت» فما رأيك؟ نحن مجتمع عاطفي ولا أعتقد أن الشللية قضية تستحق الكثير من الاهتمام حتى المبدع والشاعر الجميل يشكّل شللية في متابعته ومدحه من قبل الآخرين إذًا أين المشكلة؟ عليك أن تأخذ الجيد وتترك السيئ. بصراحة.. ما وجهة نظرك حول قصائد الهجاء وشعرائها؟ القصائد الهجائية موجودة منذ العصر القديم ومنذ ظهور وانتشار الشعر بشكل عام. ولكن أنا ضد القصيدة الهجائية المباشرة والجارحة لأنها تسيء للذوق العام ولشاعرها. ومتى تعتقد أن الوقت مناسب لطرح قصائد هجائية؟ لا يوجد وقت محدّد لطرح أي قصيدة كانت، يبقى الحدث سيد الموقف وهو من يُحدّد مسار وتوجّه القصيدة. هل في رصيدك قصائد هجائية؟ لدي بعض القصائد ولكنها رمزية، ولا تشير إلى أشخاص معينين، فأنا بشر أزعل وأفرح وأغضب وأعيش حالات كثيرة متناقضة لذلك قد تتشكّل القصائد على حسب الحالة النفسية التي أعيشها. دعنا نتحدث عن شهاب الشاعر.. هل ما زال عطاؤك كما كان منذ البداية؟ للأسف قل العطاء لعدة أسباب ومن أهمها الاستفزاز والتحريض على الكتابة.. أعترف بأنني أفتقد لهذه الجزئية، ومنذ زمن لم أقرأ أو أسمع ما يستفزني للكتابة، ولا أنكر انشغالي في حياتي العملية والشخصية، وكثرة الاهتمام الإعلامي في الشعر الشعبي أصابتني بالملل والتشبّع؛ لذلك أفضل الابتعاد في أغلب الأحيان عن تلك الأجواء حتى أعيد نفسي كما كنت في السابق. وهل تراودك فكرة الابتعاد عن الساحة كشاعر؟ أنا حاليًا مبتعد بحكم أنني مقل في النشر ولا أحب أن أتواجد بشكل مكثف ومستمر من دون قيمةٍ أدبية، ولا أخفي عليك أنني في فترة من الفترات دخلت في مجال الكتابة الغنائية، وكما تعرف أن الشعر الغنائي يسمع ولا يقرأ لأنه يعتمد على سيناريوهات وتوظيف الكلمات الدارجة في لسان الناس؛ لذلك لا تجد النصوص الغنائية رواجًا كبيرًا لدى المتلقي من حيث القراءة وأتفق كثيرًا مع القارئ في هذه الناحية. ومتى يكون الوقت مناسبًا لأن يبتعد الشاعر؟ من الصعب أن يحدّد الشاعر وقت الابتعاد والحضور، ولكنه يترك الأمور للظروف لأن الشعر يبقى هاجسًا مع الشاعر مهما كانت الظروف، ولو ابتعد عن الحضور الإعلامي فلا يبتعد الشعر عن روح ونبض الشاعر والعكس صحيح. متى يكون الوقت مناسبًا لأن يصدر الشاعر ديوانه الشعري؟ متى ما رأى الشاعر أن تجربته الشعرية وصلت لمرحلة النضج والتأثير، وأعيد وأقول (التأثير) فهو مؤهل لإصدار ديوان شعري. ما أقرب قصائدك لقلبك.. ولماذا؟ لا توجد قصيدة معيّنة.. فكل قصيدة لها أجواؤها وأحداثها ومعاناتها. «أعذب الشعر أكذبه».. هل ينطبق ذلك على قصائد شهاب الشمراني؟ نعم ينطبق هذا الكلام على بعض قصائدي؛ لأني أرى أن الخيال في القصيدة يحتاج للمبالغة بعض الأحيان، ويحتاج إلى تصوير مشاهد قد تكون إعجازية لذلك صدق من قال (أعذب الشعر أكذبه). في نهاية الحوار.. هل لنا بقصيدة تهديها لقراء صفحات (في وهجير) بجريدة (اليوم)؟ تشرّفت بلقائي معكم وعلى أمل أن أكون صادقًا مع نفسي قبل أن أكون صادقًا معكم وإطلالتي على الجمهور السعودي من خلال صفحات «في وهجير» هي شرف كبير وتعني لي الشيء الكثير.. وآخر ما كتبت هي أربعة أبيات يتيمة: يا صاحبي والقصايد وجهها شاحب ملت يدين العبث وأفكار مشلولة بعض الغياب يتربص وقتٍ مناسب والبعض الآخر يخاف يطيح من طوله يا صاحبي والشعر ما عاد لي صاحب عكازه مكسور ويا لله يسحب رجوله تقدّر تسمي غيابي راحة محارب وتقدّر تسمي غيابي حاجة مجهولة