نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في اللحظة الأخيرة للمهلة الدستورية، في تشكيل ائتلاف حكومي هش، يتساءل المعلقون منذ الآن، كم من الوقت سيصمد، ومن المتوقع أن تستمر هذه الحكومة على النهج نفسه للسياسة الخارجية مع اتخاذ موقف متشدد إزاء تقديم أي تنازلات للجانب الفلسطيني، ووصفت رام الله الائتلاف بأنه"ائتلاف ضد السلام والاستقرار في المنطقة. ثمن غال وبلا اتفاق اللحظة الأخيرة مع حزب البيت اليهودي الذي باع دعمه بثمن غال، كان نتانياهو سيتعرض لانتكاسة كبرى إذ كان سيتعين على رئيس الدولة تكليف شخصية أخرى، هي على الأرجح زعيم المعارضة العمالية إسحق هرتزوغ، لمحاولة تشكيل حكومة. ولقي تشكيل الحكومة اليمينية الضيقة انتقاداً واسعاً داخل الأوساط الإسرائيلية، فقد سارع رئيس حزب (المعسكر الصهيوني) المعارض يتسحاق هرتصوغ إلى توجيه انتقاد شديد للحكومة الجديدة واصفا إياها بحكومة إخفاق وطني، وقال: إنها ستكون الأكثر ضعفا، وأكثر الحكومات قابلية للابتزاز في تاريخ إسرائيل. وأضاف هرتصوغ، أن نتانياهو فضل بقاءه السياسي على تحسين رفاهية وجودة حياة الإسرائيليين، كما أنه خص بالانتقاد قرار نتانياهو منح حزب (البيت اليهودي) حقيبة العدل، رغم سعي هذا الحزب خلال فترة الحكومة الحالية للحد من صلاحيات الجهاز القضائي. بدورها، وصفت القائمة العربية المشتركة الحكومة الجديدة بكارثة سياسية واجتماعية وبخطر حقيقي للنظام الديمقراطي في إسرائيل . ورأى رئيس حزب هناك مستقبل يئير لابيد، أن الحكومة الجديدة ستكون ضيقة وستمثل فئات معينة فقط في صفوف الشعب، مؤكدا أن حزبه سيبقى بديلا لهذه الحكومة، وسيبذل جهوده للحفاظ على مبادئ المساواة وسلطة القانون. وكان نتانياهو قد اتفق مع رئيس حزب (البيت اليهودي) نفتالي بينت على انضمام حزبه إلى الائتلاف الحكومي . وبمقتضى الاتفاق ستتولى النائبة أييليت شاكيد من (البيت اليهودي) حقيبة العدل مع كامل صلاحيات المنصب باستثناء رئاسة اللجنة المعنية بتعيين قضاة المحاكم الشرعية اليهودية، أما بينت نفسه، فسيتولى حقيبة التربية والتعليم إلى جانب احتفاظه بحقيبة يهود الشتات . ويمتلك الائتلاف الجديد- الذي يضم حزب الليكود وحزب"كلنا" الذي ينتمي إلى تيار يمين الوسط بقيادة وزير المالية المكلف موشيه كحلون، وهما حزبان من الأحزاب الدينية المتشددة، بالإضافة إلى حزب البيت اليهودي المؤيد للاستيطان- 61 مقعدا في البرلمان الإسرائيلي المؤلف من 120 مقعدا. وبعد مفاوضات شاقة ومع اقتراب انتهاء مهلة تشكيل الحكومة عند منتصف الليلة قبل الماضية، توصل حزب ليكود إلى اتفاق مع حزب البيت اليهودي بزعامة نفتالى بينيت وزير الاقتصاد في الحكومة المنتهية ولايتها. جاء هذا التطور بعد القرار المفاجئ الذي اتخذه وزير الخارجية افيجدور ليبرمان، الإثنين، بعدم مشاركة حزبه إسرائيل بيتنا القومي المتشدد في أي ائتلاف جديد بقيادة نتنياهو، وهو الأمر الذي جعل نتنياهو في حاجة إلى بينيت لكسب أغلبية. وألمح نتنياهو إلى أنه يأمل في توسيع ائتلافه في وقت لاحق، إلا أن زعيم حزب العمل الإسرائيلي إسحق هرتزوج نفى تقريرا بثته القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي، أفاد بأنه تلقى دعوة للانضمام للحكومة. وحذر من أن الحكومة الائتلافية اليمينية الضيقة التي شكلها نتنياهو لن تستمر طويلا. وكتب هرتزوج على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "إنها حكومة لا تتمتع بالمسؤولية أو الاستقرار أو القدرة على الحكم. حكومة فشل وطني. حكومة ابتزاز ضيقة وضعيفة، ليس بإمكانها تحقيق أي شيء وسيتم تغييرها قريبا بحكومة بديلة تمنح الأمل وتتحمل المسؤولية ." "ائتلاف ضد السلام" فلسطينيا، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أمس، أن الائتلاف الحكومي الذي أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو "ائتلاف ضد السلام والاستقرار في المنطقة ". وقال عريقات لوكالة فرانس برس، تعقيبا على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة: "إن هذه الحكومة هي حكومة وحدة من أجل الحرب وضد السلام والاستقرار في منطقتنا ". وأشار إلى أن تعيين ايليت شاكيد من حزب البيت اليهودي وزيرة للعدل في التشكيلة الجديدة، إلى جانب متطرفين آخرين، دليل واضح على أن هذه الحكومة "تهدف إلى القتل والاستيطان". كما دعا عريقات المجتمع الدولي إلى التوقف عن دعم إسرائيل. وكان نتانياهو نجح في اللحظة الأخيرة، مساء الأربعاء، في تشكيل ائتلاف حكومي هش يضم حزب الليكود بزعامته والبيت اليهودي و"يهودية التوراة" و"شاس" و"كلنا".