ابن آدم بطبعه يحب ويكره. تعجبه شخصية ما لا يعرفها ولم يسبق أن التقى بها وفي نفس الوقت يمقت أخرى دون أي سبب. والغريب في مجتمعنا هو أنه لا يمكن أن تتحدث مع أي شخص أو تتناقش مع أي مواطن إلا وتحس منه أنه يكره كلمة الطائفية وتجده يقول ويكرر الحديث عن مدى خطورتها على أي مجتمع. فالطائفية ومنذ الأزل كانت سببا مباشرا لتفكيك لحمة المجتمع الواحد. والسؤال هو.. إن كان الكل يعرف ذلك فلماذا البعض يتحدث عنها أو في أحيان قليلة يقوم بإثارتها بسبب أو بغيره. ولكن الواقع وما تعلمه العالم من التاريخ هو أن أفضل وأسهل وأسرع طريقة للتخلص من الطائفية هو عدم الحديث عنها وعدم تناولها في حديث أي مجلس. وواجب على كل رب أسرة أن يقوم بتعليم أبنائه نبذها والتحذير منها. فمحاربة الطائفية تبدأ من البيت. وفي الوقت الحالي أصبح الربيع العربي أرضا خصبة لنمو الطائفية والحديث عنها. واستغلت هذا الوضع أيادٍ لا تريد للمواطن أي خير وهدفها هز الثقة بين أبناء الوطن الواحد. وكما هو معلوم ففي الماضي كانت هناك قوى خارجية أرادت التغلغل في مجتمعنا ولكنها كانت تفشل. ولهذا أراد العدو أن يدخل عن طريق دس جميع أنواع السموم لكي يدغدغ مشاعر من لا يعرف خطورة الطائفية. وفي وقتنا هذا يجب على كل مواطن أن يعرف ويعلم أن هناك الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي وأكثرها مجهول المصدر تقوم بوضع أمور كثيرة سواء أكانت مقاطع أو صورا أو كلمات من شأنها إثارة حفيظة كل من يراها أو يسمعها وتشحن فكرا مغلوطا في رأسه تجعله ينظر نظرة شك فيما حوله. وهنا مكمن الخطورة. في الوقت الحالي الكل يرى ما يجري ليس فقط في الجوار، بل حتى في دول بعيدة من زعزعة في الأمن وتنافر بين أبناء المجتمع الواحد. ورأى الكل ما آلت إليه هذه المجتمعات من تآكل في جذور تلاحمها. ولكن أيضا الكل رأى كيف أن المملكة وبقيادة حكيمة من أسرة مالكة حباها الله بحب من هذا الشعب وجعل فيها محبة لهذا الشعب بجميع شرائحه. وهذا جعل هذه البلاد الطاهرة الأكثر صلابة والأكثر لحمة بين أبناء البلد الواحد منذ نشأته على يد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه. ورغم ما كان يجري في الجوار منذ تأسيس المملكة سواء أكان مدا شيوعيا أو زمن انقلابات في الكثير من الدول، فقد حاول الكثير في تلك الفترة اللعب على مسألة الطائفية. ولكن كانت دائما تصدمهم مفاجآت التلاحم بين أبناء الشعب الواحد. وكان آخرها ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حيال التعامل مع أبناء الشعب بكل طوائفه بأسلوب يكفل المحافظة على حقوق الجميع دون تفرقة. وفي هذا الوقت فإن دور المواطن مهم لنبذ الطائفية من خلال طرق كثيرة. سواء أكان ذلك بالامتناع عن تداول أي مقاطع من شأنها إثارة الحساسية أو عدم الاستماع لاي متطرف لا يعي معنى ومغزى وخطورة الكلام الطائفي. فعدم الحديث عن الطائفية هو أول علاج للحد من انتشارها. وأما من يحاول الاصطياد في المياه العكرة، فالأفضل له البحث عن مكان آخر غير أرض الحرمين. فالمواطن لدى دولتنا هو المواطن ولا شيء آخر. كاتب ومحلل سياسي