«الخير يأتي من ثنايا الشر» فشر «حادثة الأحساء» والواقعة الدموية التي أبكت المجتمع السعودي بأسره، كانت على رغم قسوة مرارتها، دلالة «إيجابية» في إثبات ترابط هذا الشعب بطوائفه ومذاهبه كافة، واختلاف أفكاره وميوله، فكانت عوداً غرس في أعين كل حاسد ومتربص بأمن هذا الوطن المعطاء، وبتفريق شمله وإثارة الطائفية بين أفراده، إذ علا صوت اللٌحمة الوطنية وأفل كل حاقد مغرض. «لا فرق بين أبناء الوطن الواحد»، كانت هذه العبارة أشبه بدستور لم يخط سار عليه كل أفراد المجتمع السعودي، من أعلى مسؤول في البلد، إلى أصغر مواطن. فكلهم اتفقوا على «أننا جسد واحد، يشد بعضه بعضاً»، منددين بما وقع في «واحة النخيل» الجميلة، التي زاد جمالها بتكاتف أهلها وترابطهم. وقال مدير قناة «العرب» الإخبارية الزميل جمال خاشقجي، خلال حديثة إلى «الحياة»: «إن المجتمع بقاعدته العريضة ضد التطرف وضد الكراهية، وإن غالبية الشعب رفض هذا الأمر وشجب هذه الكراهية، السنة قبل الشيعة، شجبوا هذه الكراهية وهذه الحادثة الأليمة، ولكن هذا الشجب والرفض لا يجعلنا مطمئنين تماماً. فهذه الكراهية يصنعها المتطرفون ويقع فيها العامة». وأضاف خاشقجي: «بقدر ما رفضنا الجريمة التي وقعت؛ يجب أن نرفض كل أشكال التعصب. ومع بالغ الأسف هناك الكثير من أشكال التعصب ما زالت موجودة بيننا، ونتساهل معها، وهذا التعصب والشحن الطائفي هو الذي خلق البيئة لمن يحملون الكراهية، فرفضنا لما حصل يوم الاثنين، يدفعنا إلى رفض كل أشكال الشحن الطائفي التي يمارسها البعض - أحيانا - باسم الدفاع عن الدين، ويجب ألا نتسامح مع القلائل الذين لديهم تعصب طائفي». بدوره، أكد الممثل السعودي مشعل المطيري، أن «جميع أفراد الشعب يدينون «حادثة الأحساء» فالذين قتلوا هم أبناؤنا وإخواننا. وفي النهاية هم مواطنون سعوديون، لا فرق بينهم وبين أي مواطن آخر»، مضيفاًً: «الأحساء تعتبر نموذجاً للتعايش والتلاحم وعدم التفرقة بين الطوائف مهما اختلفت. وعلى رغم فظاعة الحادثة، إلا أنها يفترض أن تكون محفزاًً لنا، وأن تزيد في لحمة الوطن ووحدته، وعدم التفرقة بين شتى طوائفه». ورأى المطيري أن «أفضل عزاء لنا أن نقف صفاً واحداً ضد من يحاول تفريق شملنا، وزعزعت استقرار وطننا، وأؤيد محاسبة كل من يحرض على العنصرية الطائفية أو المذهبية أو نوع من أنواع التعصب. وها هي وسائل التواصل الاجتماعي خير دليل على شجب أبناء الوطن لهذه الحادثة، من علماء دين وإعلاميين ورياضيين وأفراد المجتمع كافة، إذ اتفقوا على أنهم على قلب رجل واحد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمّى» وأنه «لافرق بين أبناء الوطن الواحد».