عنوان المقالة هو للفيلم الهوليودي العدو على البوابات (Enemy At the Gates) المنتج سنة 2001م الذي يحكي قصة قنّاص عسكري روسي في أثناء الحرب العالمية الثانية، يختاره ضابط سياسي روسي، بسبب قدرته الفائقة على القنص، كي يطيح بالكثيرين من الغزاة النازيين، فيستقدم النازيون بدورهم أفضل قناصيهم وهو قناص بافاري ارستقراطي برتبة ضابط ليدور صراع دموي بين القناصين وفرقائهم. أحداث الفيلم تجري على الخلفية التاريخية في منتصف الحرب العالمية الثانية وبالتحديد سنة 1942م حين اجتاح الجيش السادس النازي الألماني مدينة ستالين جراد المطلة على نهر الفولجا. كانت الجيوش النازية تحقق انتصاراتها مجتاحة أوربا وبدأت تتوسع شرقا وغربا. وكان الجيش السادس الألماني الذي عهد له باحتلال مدينة ستالين جراد قد حول المدينة الاشتراكية الجميلة إلى ركام، ودمر طيرانه الحربي مصانعها، الحربي منها وغير الحربي في محاولة لإخضاعها، ولم يعلم انه بذلك قد صنع منها ميداناً للقناصة المختبئين له تحت كل حجر. ورغم اجتياح الجيش الألماني للمدينة المنتهكة، إلا انه ورغم قوته وجبروته عجز عن احتلال كامل ستالين جراد، وبقي بعض المقاومين عنها على شريط يمتد على ضفة نهر الفولجا، أطول انهار أوربا، يقاومون النازيين ويتسببون لهم في خسائر فادحة، ولم تفلح كل قساوة وجبروت وإمكانية الجيش السادس النازي في إتمام الاحتلال. تلك المقاومة كان لها كبير الأثر في إعطاء الروس الوقت الكافي لامتصاص الصدمة واستنهاض قدراتهم من جديد، والالتفاف على الجيش الألماني الغازي ومحاصرته. فالتقى المقاومون على شريط نهر الفولجا بالجيش الروسي القادم من خلف الجيش السادس على شكل كماشة وطبقوا حصاراً خانقاً على 300 ألف جندي من القوات النازية. عانى الجيش الألماني الغازي الأمرين من ضربات الجيش الروسي وظروف الطقس القاسية إذ وصلت درجة الحرارة إلى 40 درجة سالب، اضطرهم نقص المؤن والغذاء لأكل جثث الخيول النافقة ثم الكلاب والقطط قبل أن يضطرهم الأمر إلى أكل لحم رفاقهم الموتى. أما هتلر فلم يكن يرى في الأمر إلا تحديا شخصيا لكسر شوكة مدينة تحمل اسم ستالين عدوه اللدود في الجبهة الشرقية من حروبه، فضحى بما يقارب من مئتين وخمسين ألف إنسان تجمدوا في الصقيع أو ماتوا جوعاً أو قتلهم المقاومون عن ستالين جراد. على الجانب الآخر؛ فستالين دكتاتور روسي من اقسى من مر على تاريخ البشرية من أصحاب الحكم الشمولي، لا يختلف كثيراً عن غريمه هتلر لكن ذلك لم يمنع المقاومين عن أرضهم وشرفهم من الاستبسال في الدفاع والقتال حتى في أحلك الظروف وأشدها قسوة. الشعوب غريزياً تعرف أن الوطن شرف الإنسان وعرضه، وغزو الأجنبي عار الأزل. لو أمضى مقاومو ستالين جراد وقتهم في المفاضلة بين ديكتاتورين لم يحتفل أحفادهم بهامات مرفوعة يملؤها الفخر بذكرى النصر الثالثة والسبعين أوائل السنة الجارية. يسجل التاريخ قسوة الطغاة في سيرهم الذاتية، لكن الهزائم تلحق بالشعوب والأمم إلى ابد الآبدين. * كاتب وروائي