أوضح خبير اقتصادي أن استعداد الحكومة لإصدار سندات دين سيادية، سيعمل على تمويل ما نسبته 50 بالمائة من العجز، المقدر في ميزانيتها ب397 مليار ريال. واعتبر كبير الاقتصاديين ورئيس إدارة الأبحاث في جدوى للاستثمار الدكتور فهد التركي، الذي تحدث لصحيفة «اليوم»، أن تطبيق الإستراتيجية الجديدة للتمويل سوف يؤدي إلى تخفيف الضغط على الموجودات الأجنبية باعتبارها الوسيلة الرئيسة لتمويل العجز. ويأتي هذا التغيير في الإستراتيجية بهدف استفادة المملكة من وضعها الائتماني القوي، والذي أكدته كبرى وكالات التصنيف الائتماني، ورأى الدكتور التركي أن توقيت هذا الإصدار للدين «يعتبر مثالياً في ظل تسجيل المملكة مستويات دين منخفضة (1.6 بالمائة) من الناتج المحلي الإجمالي واحتياطيات ضخمة (97 بالمائة) من الناتج المحلي»، متوقعاً ارتفاع الدين الحكومي إلى (9.6 بالمائة) من الناتج الإجمالي المحلي بنهاية هذا العام. وقال الدكتور التركي: «هي مديونية لا تزال تعد منخفضة وفقا للمعايير العالمية، وبالتالي ليس من المرجح وجود أي تأثير سلبي قد يطرأ على التصنيف الائتماني السيادي للمملكة». وأوضح أنه إضافة إلى الظروف الحالية المواتية من أسعار فائدة منخفضة وتوافر سيولة ضخمة؛ ستؤدي الإستراتيجية التمويلية الجديدة إلى جعل إصدار الدين أداة تمويل مريحة تعزز السياسة المالية التوسعية للمملكة. وأكد الدكتور التركي أن إصدار دين سيادي سيساهم في انتهاج سياسة نقدية أكثر حصافة من خلال توفير أداة إضافية جديدة للتحكم في السيولة المحلية من جهة، والمساهمة بفعالية في تطوير سوق توفير رأس المال عن طريق الدين في المملكة من جهةٍ أخرى. وكان تقرير اقتصادي متخصص صدر حديثاً أشار إلى أنه مع توقعات إبقاء الحكومة على سياستها التوسعية في الانفاق، فإن النتيجة النهائية لانخفاض أسعار النفط رغم زيادة الإنتاج ستكون زيادة العجز في ميزانية الدولة، حيث من المتوقع تسجيل تراجع في إيرادات النفط بنحو الثلث مقارنة بمستواها عام 2014. ويرى التقرير أنه رغم تسجيل عجز في الموازنة وكذلك الحساب الجاري في عام 2015 إلا أن ضخامة الموجودات لدى «ساما» والتي بلغ حجمها في نهاية فبراير 2015 نحو 2.7 تريليون ريال، ستوفر الثقة الكاملة للحكومة لمقابلة الانفاق العام المرتفع خلال 2015 وما بعده. ويرى التقرير أن هنالك فرصة واسعة أمام الحكومة لزيادة الدين في ظل التصنيف الائتماني المرتفع للمملكة ومديونيتها المنخفضة جداً في الوقت الحالي، حيث توقع التقرير أن يرتفع الدين الحكومي إلى 9.6 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي بنهاية هذا العام. ويتوقع أن تصدر الحكومة سندات دين كجزء من استراتيجيتها لتمويل العجز في الميزانية. وعدل التقرير من توقعاته لنمو الناتج المحلي للمملكة في عام 2015 برفعه إلى 3.3 بالمئة على أساس سنوي، وأرجع التقرير ذلك لاعتقاده بأن نمو القطاع النفطي سيأتي أعلى مما كان متوقعاً في السابق، مع توقع تسجيل عجز في الميزانية أكبر من المتوقع، وينتظر أن يسجل الحساب الجاري عجزاً كذلك. وتوقع تقرير اقتصادي متخصص استمرار المستثمرين الأجانب في عملية الاستثمار في المملكة العربية السعودية على المدى الطويل، مشيراً إلى أن الاستقرار الواضح والنمو القوي للاقتصاد السعودي إلى جانب موقع المملكة المميز في أسواق الطاقة العالمية، وكذلك الاقتصاد العالمي، أدلة كافية تمكّن المستثمرين الأجانب من التمييز بين الإمكانيات المستقبلية القوية للاقتصاد السعودي، والاقتصادات الأخرى المضطربة في المنطقة، حيث أصبح جلياً استعداد المملكة وقدرتها على الوفاء بتعهداتها في الإنفاق، من خلال موجوداتها الأجنبية الضخمة وإصدار دين سيادي، في سبيل تحقيق النمو الاقتصادي لمواطنيها. وفيما قررت هيئة السوق المالية السعودية، الأسبوع الماضي، فتح أكبر سوق متنوع للأسهم في المنطقة وأكثرها نضجا «تداول» أمام المستثمرين المؤسساتيين الأجانب المؤهلين للاستثمار المباشر، ابتداءً من 15 يونيو القادم، أوضح التقرير الصادر عن شركة «جدوى للاستثمار» أن الصيغة النهائية لقواعد القيود المفروضة على مشاركة المستثمرين الأجانب المؤهلين سيتم نشرها في 4 مايو 2015، وتتضمن: أولاً: يشترط على أي مستثمر أجنبي مؤهل يرغب في الاستثمار في السوق أن تكون تحت إدارته أصول لا تقل قيمتها عن 5 مليارات دولار، يمكن خفضها إلى 3 مليارات دولار وأن تكون له خبرة في نشاطات الأوراق المالية والاستثمار فيها لا تقل مدتها عن 5 سنوات. ثانياً: لا يحق للمستثمر الأجنبي المؤهل والشركات التابعة له أن يحوز على نسبة تزيد على 5 بالمائة من الأسهم المصدرة لأي شركة واحدة مدرجة في السوق. ثالثا: الحد الأقصى لإجمالي ملكية المستثمرين الأجانب مجتمعين بما في ذلك المقيمون وغير المقيمين واتفاقيات المبادلة والمستثمرون المؤهلون في الأسهم المصدرة لأي شركة واحدة مدرجة هو 49 بالمائة. رابعاً: لا يحق للمستثمرين الأجانب المؤهلين مجتمعين امتلاك أكثر من 20 بالمائة من الأسهم المصدرة لأي شركة مدرجة واحدة. خامساً: الحد الأقصى لملكية الأجانب من خلال اتفاقيات المبادلة وبرنامج المستثمرين الأجانب المؤهلين هو 10 بالمائة من القيمة الكلية لسوق الأسهم. في هذا الصدد، دعى تقرير جدوى للاستثمار إلى ضرورة ذكر الصناديق السيادية وصناديق التقاعد الحكومية والخاصة والأوقاف والمؤسسات والشركات العائلية المتمرسة صراحة في قائمة المستثمرين المؤهلين وعملاء المستثمر المؤهل، إضافةً إلى توضيح العلاقة بين الشخص المرخص له المحلي والمستثمرين الأجانب المؤهلين بطريقة مفصلة، إلى جانب إعطاء المزيد من التوضيح عما إذا كان بمقدور الأشخاص المرخص لهم إدارة أموال عملاء المستثمر الأجنبي المؤهل، فضلاً عن تقديم المزيد من التوضيح حول طبيعة وتوقيت اقتراح الخفض التدريحي لمبلغ الأصول التي يجب أن تكون تحت إدارة المستثمر الاجنبي المؤهل من 18.75 مليار ريال إلى 11.25 مليار ريال، سيكون مفيدا لكلا الطرفين: الأشخاص المصرح لهم هم المحليون والمستثمرون الأجانب المؤهلون. ورأى التقرير أن زيادة أسعار وقيم الأسهم لن تعكس بالضرورة المعطيات الكلية القوية للمملكة، بل ربما تعكس التغيرات الحادة القصيرة التي تمليها أسعار النفط والتطورات الجيوسياسية في المنطقة وأداء الاقتصاد العالمي. وتوقع التقرير رؤية المزيد من توثق العلاقة بين سوق الأسهم السعودي والاقتصاد المحلي على المدى البعيد. ونوه التقرير إلى أن فتح سوق الأسهم سيكون أيضاً مصحوباً بزيادة في الشفافية من قِبل الجهات الرقابية، من خلال توفير المعلومات الموثوقة على المستوى الكلي بطريقة منتظمة. يذكر أن 2.4 مليون مستثمر محلي يسيطرون على نشاط التداول في سوق الأسهم السعودي، وذلك وفقا لبيانات هيئة السوق المالية، ويملك هؤلاء المستثمرون ثلث إجمالي قيمة الأسهم المدرجة في السوق، وتسيطر تلك الفئة من المستثمرين في السعودية على نسبة من حجم التداول، تصل إلى 90 بالمائة. وجاءت مسودة القواعد التي أعدتها هيئة سوق المال لفتح السوق أمام المستثمرين الأجانب، شبيهة بالقواعد التي طبقتها دول أخرى، عند فتح أسواقها أمام المستثمرين الأجانب، إلا أن التقرير استشهد بأسلوب الصين الذي يعتبر نموذجا جيدا. يشكل المستثمرون الأفراد في بورصة شنغهاي 51 بالمائة من حجم السوق، وهو مستوى شبيه بالمستويات في مؤشر الأسهم السعودية «تاسي»، لكنهم يمتلكون فقط نحو ربع إجمالي القيمة السوقية للبورصة. وحتى نهاية عام 2013 لم تتعد القيمة الإجمالية للأسهم المملوكة للمستثمرين الأجانب 1.6 بالمائة من إجمالي القيمة السوقية للبورصة. ورغم أن اللجنة الصينية للإشراف على الأوراق المالية تخطط لزيادة هذه النسبة إلى 4 بالمائة عام 2016، لكن لا يزال أسلوبها في فتح البورصة يعتبر متدرجاً وحذراً. واعتبر التقرير أن الاحتياطات الضخمة للمملكة التي بلغت (710 مليارات دولار في نهاية فبراير 2015) وانخفاض مستوى الدين العام مقارنة بالناتج الاجمالي المحلي (1.6 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي) يتيح فرصة لإصدار دين سياسي، مما سيجعل المملكة قادرة على مواصلة التزاماتها بتنفيذ المشاريع الصناعية العملاقة وكذلك استراتيجية تنويع القاعدة الاقتصادية. وبلغت القيمة السوقية لسوق الأسهم السعودي في أبريل 2015 نحو 528 مليار دولار، أو ما يعادل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي السعودي وتجعله تلك القيمة يفوق سوق الأسهم المكسيكي. وعند مقارنته بالأسواق في المنطقة، نجده يعادل تقريباً نفس حجم أسواق الأسهم الخليجية الأخرى مجتمعة، ويرجح أن يقود فتح السوق السعودي أمام الأجانب إلى إدراجه في مؤشر مورجان استانلي للأسواق الناشئة بحلول منتصف عام 2017. وسيقود ذلك إلى جذب نحو 40 إلى 50 مليار دولار من التدفقات الأجنبية.