دون مقدمات، لا يخفى عليكم أن السرعة الزائدة والتهور في القيادة هما السببان الرئيسيان وراء اغلب الحوادث المميتة، وما زلنا نتطلع إلى نظام صارم يردع السائق المتهور عن التمادي في الانفلات، لكي يمنع او يقلل من الحوادث والمخالفات، «كفاية دماء»، لا نريد ان نفجع بمزيد من الكوارث والمآسي بفقدان شبابنا لا سمح الله!. السؤال، هل هناك حل؟ وكيف نستطيع ان نحول القيادة في شوارعنا من حلبات ومغامرات للسباق والتهور الى طريق آمن نشعر فيه بالأمن والأمان؟ إذا افترضنا وجود الحلول، هل هناك وصفة سحرية لإيقاف النزيف الدموي على الطرقات تنقذنا مما نحن فيه؟ الجواب نعم. أولا، لن آخذكم في مقارنة مع اليابان ولا مع الخليجيين حيث القيادة الآمنة، بل مقارنة مع القيادة داخل حدود الوطن في مناطق ارامكو السعودية! علينا ان نعرف اهم الاسباب التي جعلت من القيادة داخل احياء ومنشآت ارامكو السعودية آمنة، بل وراقية ايضا. بكل بساطة، هذا ما تقوم به شركة ارامكو السعودية، لديها عدد من البرامج المتكاملة والمنوعة للتوعية بكل ما له صلة بالسلامة عموما، والسلامة المرورية خصوصا، يأتي بعد ذلك برامج التحفيز المتعددة، وأخيرا إن لم تفلح برامج التوعية والتحفيز، هناك العقاب كمرحلة اخيرة، وكما يقال: آخر العلاج (الكي)، وما اقساه من عقاب عن طريق التقييم السنوي للموظفين في الشركة ما يعرف بال(PMP)، نقطة هامة لا بد من ذكرها، العقاب يطال الجميع دون استثناء. هل في تحقيق ما ذكرت صعوبة؟ حتى لا نهضم مجهودات ادارات المرور، اكيد يوجد لديهم حملات توعوية ولديهم عقاب، فقط نحتاج حملات نوعية في الكيف وليس الكم، وايضا نتمنى ايجاد او تفعيل برنامج التحفيز. أعطيكم مثالا حيا اكثر وضوحا في كيفية إحداث التغيير في السلوك، من يشاهد قيادة طلاب الثانويات في طول البلاد وعرضها لمركباتهم، وكيف تكون سلوكياتهم عند القدوم لمدارسهم والمغادرة، وخاصة ايام الامتحانات، وقارنها بسلوكيات المتدرجين سواء في القيادة او اثناء القدوم إلى مواقف مراكز التدريب في شركة ارامكو السعودية، قمة في الانضباط، هدوء، تقيد بحزام الامان، الخ، انهم نفس الشريحة، طلاب الامس اصبحوا متدرجي اليوم، ماذا حدث؟ فقط مروا بتوعية مكثفة مع بداية البرنامج، زيارات لمراكز التأهيل، تركيب اجهزة تحكم في السرعة DMD، حملات طول العام خلال فترة التدرج يتخللها تحفيز للمبدعين، ثم العقاب. يقول لي احد الزملاء ممن سكن داخل الحي السكني للشركة: ما زلت اتذكر سؤال ابني الصغير عندما غادرنا السكن وشاهد الفرق في القيادة داخل الشركة وخارجها: "أبوي ليش ما تكون السواقة في السعودية زي السواقة في ارامكو السعودية؟" وانا أثني على كلامه، واقول: (ليش)!؟ مستشار تدريب وتطوير