شهدت الجبهة الجنوبية لمعارك سوريا مجزرة جديدة نفذتها قوات النظام الأسدي، حيث ألقى طيرانه المروحي براميل متفجرة على مدينة الحارة في ريف درعا، راح ضحيتَها 8 مدنيين، وأصيب أكثر من 20 بجروح خطرة، كما استهدفت مروحيات الأسد مدناً وبلدات أخرى كمسحرة وإنخل وأبطع وكفر شمس، تزامنت مع شنّ الطيران الحربي غارات جوية على كفر ناسج ومحيط تل قرين. وبحسب تنسيقيات الثورة السورية، صد الجيش الحر هجوما لقوات النظام والميليشيات الإيرانية شرق بُصر الحرير، التي اندلعت فيها اشتباكات أدت إلى تدمير عدد من تحصينات الميليشيات في المنطقة. أما في دمشق فتمكن الثوار من تنفيذ عملية ضد مواقع لقوات الأسد في محيط حي جوبر أسفرت عن مقتل 4 من جنود النظام. وأكدت مصادر موثوقة في مدينة حماة أن ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة وشقيق رأس النظام السوري بشار الأسد غادر مدينة حماة، الإثنين، بعد أن وصل اليها في 28 فبراير للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة الشعبية السورية منتصف مارس2011. وأكد مراسل "المؤسسة الإعلامية في محافظة حماة" المعتصم بالله أن ماهر الأسد زار قرية "قمحانة" برفقة عدد كبير من ضباط النظام وكبار الضباط الإيرانيين في سوريا، بالإضافة إلى وزير الدفاع في حكومة النظام فهد الفريج والعقيد سهيل الحسن الملقب النمر"، ورئيس فرع المخابرات الجوية جميل الحسن. وأضاف المعتصم، أنه بعد وصول ماهر إلى "قمحانة" في ريف حماه الشمالي، توجه برفقة الضباط إلى مدينة طيبة الإمام عند الغروب برفقة 15 سيارة لتناول العشاء في المدينة، وسط استنفار أمني كبير وقطع وتلغيم لبعض الطرقات وتمشيط محيط القرى ومنع التجول في مدينة خطاب. وجاءت زيارة ماهر الأسد إلى حماه حسبما أكدته المصادر ل"السورية نت" بغرض التجهيز لعملية عسكرية كبيرة لاقتحام مناطق في ريفي حماه وإدلب. ونقل المعتصم عن مصادر داخل مطار حماه العسكري أن الحملة تتكون على أقل تقدير من 8 آلاف مقاتل من قوات النظام والميليشيات المرتزقة وعناصر "الشبيحة". وتهدف الحملة إلى وصول قوات النظام لمعسكر الخزانات المحرر جنوب خان شيخون في ريف إدلب، وتثبيت الراجمات والمدفعية الثقيلة فيه واقتحام قرى بريف حماة الشمالي، ومن ثم قصف الريف الإدلبي وإنهاك الفصائل الثورية والوصول إلى الحامدية ووادي الضيف بريف إدلب. في سياق متصل، تحرك رتل كبير من حماه باتجاه منطقة معرشحور ومنها لمنطقة مريود ومعان في ريف حماه الشرقي، مؤلفا من 26 سيارة عسكرية ووصل إلى معسكر المجنزرات في ريف حماه الشرقي بريف حماه الشرقي بينهم إيرانيون مجهزون ل"الانغماس" في صفوف الثوار بلباس "جبهة النصرة". "أبو خالد" أحد القادة الميدانيين في قوات المعارضة قال: إن "الريف الحموي يمر بأصعب أوقاته نظراً للحشد الكبير في القرى الموالية للنظام وقدوم تعزيزات كبيرة من المقاتلين الأجانب المساندين للنظام، في ظل نقص تواجد الأسلحة الثقيلة في صفوف المعارضة". ويشير إلى أن مدينة حماه وريفها الشمالي أصبحا ثكنة عسكرية بامتياز ومستباحة من قبل الإيرانيين وعناصر ميليشيا "حزب الله" اللبناني. وفي درعا، جنوبسوريا، هاجم الثوار مواقع لقوات النظام وميليشياتها من المرتزقة وهذه المواقع كانت قد خسرتها المعارضة خلال المعارك الدائرة منذ أيام. وأكد الناشط الإعلامي أحمد المسالمة أن المعارضة السورية تسعى لاستعادة السيطرة على المناطق التي كانت بحوزتها، مشيراً إلى أن كتائب الجيش السوري الحر هاجمت في بصرى الشام الميليشيات الأجنبية وعناصر "الشبيحة" واندلعت مواجهات بين مقاتلي الجيش الحر وقوات النظام عند اللواء 52 في مدينة الحراك. ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري في "جبهة النصرة" قوله: إن "معظم الفصائل العسكرية العاملة في شمال درعا من بينها النصرة والجيش الأول، أكبر تشكيلات الجيش السوري الحر، اتفقت على تنسيق العمل فيما بينها في غرفة عمليات مشتركة، تشترك فيها جميع الفصائل، إضافة إلى تعزيز خطوط الجبهات والتخطيط لعمليات، سوف تشهدها المنطقة خلال الساعات القليلة القادمة لاسترجاع بعض المناطق التي سيطرت عليها القوات النظامية". وأوضح المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "السبب وراء تمكّن القوات النظامية من السيطرة على بعض المناطق، هو عدم وجود تنسيق عسكري متكامل بين الفصائل، وسوء التواصل اللاسلكي فيما بينها"، على حد قوله. وفي تطور آخر، قالت مصادر: إن "جبهة النصرة" في سوريا ستتلقى دعما خارجيا وستتغير هيئتها في تنظيم تآلفي مع جماعات أخرى بعد أن أصابها الضعف نتيجة استهدافها المتكرر من قبل تنظيم داعش الذي يغض النظام السوري النظر عن قواعده في سوريا. وقال مزمجر الشام، وهو شخصية جهادية على صلة وثيقة بجماعات مسلحة، من بينها جبهة النصرة في سوريا: "الكيان الجديد سيرى النور قريبا وسيضم جبهة النصرة وجيش المجاهدين والأنصار وكتائب صغيرة أخرى." وأضاف: "سيتم التخلي عن اسم النصرة. وستنفصل الجبهة عن تنظيم القاعدة. لكن ليس كل أمراء النصرة موافقين، ولهذا السبب تأجل الإعلان", في وقت بدأ فيه مقاتلون في المعارضة السورية بتلقي تدريبات بإشراف أمريكي وتركي. وسيكون من أهداف الكيان الجديد محاربة تنظيم داعش المنافس الرئيسي لجبهة النصرة في سوريا. كانت جبهة النصرة في وقت من الأوقات أقوى الجماعات التي تحارب الأسد، غير أنها ضعفت عندما رحل معظم قادتها ومقاتليها مع البغدادي لتأسيس تنظيم داعش. ثم قتل التنظيم بعد ذلك الكثير من قادة جبهة النصرة الباقين وصادر أسلحتهم وأجبرهم على الاختباء واستولى على مناطق نفوذ النصرة. غير أن داعش تعرضت لضغوط من الغارات الجوية التي تشنها طائرات تحالف دولي بقيادة الولاياتالمتحدة. كما أن التنظيم خسر أرضا لصالح المقاتلين الأكراد في سوريا ولصالح القوات المسلحة العراقية. لكن البعض يأمل أن يتمكن مقاتلو الكيان المزمع إنشاؤه إذا انفصلت النصرة عن القاعدة من التصدي لداعش من خلال الحصول على التمويل المناسب والتسليح والتدريب. وتقول مصادر جهادية: إن أبو محمد الجولاني زعم جبهة النصرة اقترح على مجلس شورى الجماعة أن تندمج الجبهة مع جيش المجاهدين والأنصار، وهو جماعة جهادية أصغر تتألف من مقاتلين محليين وأجانب تحت قيادة قائد شيشاني. وتأجل الإعلان بسبب اعتراضات بعض قادة جبهة النصرة الذين يرفضون فكرة الانفصال عن القاعدة. غير أن البعض يرى أن من المستبعد أن يوقف ذلك الجولاني عن المضي في خطته. وقال مصدر في النصرة يؤيد خطوة الانفصال "سينفذ الخطة فليس لديه خيار. الجبهة بحاجة إلى ذخيرة وتمويل. ومن لا يرض بذلك فبوسعه الرحيل".