أعلن الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو أمس ان الجيش الاوكراني انسحب من مدينة ديبالتسيفي الاستراتيجية بعد عشرة أيام من المعارك الطاحنة مع المتمردين الموالين لروسيا وتوجه الى الشرق الانفصالي، وأدانت واشنطن انتهاك وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا وحذرت موسكو، بينما دعا مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه أطراف النزاع إلى وقف فوري للأعمال القتالية واحترام اتفاق مينسك، وسط دعوة أوكرانية للغرب برد شديد لوقف «المعتدين»، وحذر نائب الرئيس الامريكي جو بايدن روسيا من «ثمن اغلى» ستدفعه اذا استمر خرق وقف اطلاق النار في شرق اوكرانيا من جانب الانفصاليين الموالين لها، مؤكدا ادانته «الشديدة» لهذا الخرق، فيما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن تزويد أوكرانيا بالسلاح سيزيد بلا شك من عدد الضحايا، لكنه لن يغير من الوضع القائم حاليا شرقي البلاد، واعترف الجيش الأوكراني للمرة الأولى بأن الانفصاليين دخلوا ديبالتسيفي، وانه قام بسحب قسم من قواته المحاصرة. واتهمت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي الانفصاليين الموالين لروسيا بانتهاك اتفاق وقف اطلاق النار بتصرفاتهم في بلدة ديبالتسيفي وقالت إن الاتحاد الأوروبي مستعد لاتخاذ «إجراء مناسب» إذا استمر القتال. وتابعت في بيان «تصرفات الانفصاليين المدعومين من روسيا في ديبالتسيفي انتهاك واضح لاتفاق وقف اطلاق النار، ويجب أن يوقف الانفصاليون كل الأنشطة العسكرية، وأن تنفذ روسيا والانفصاليون على الفور وبشكل كامل الالتزامات المتفق عليها في مينسك تماشيا مع قرار مجلس الأمن بالأمس بداية من تنفيذ وقف اطلاق النار وسحب كل الأسلحة الثقيلة.»، وقالت: «الاتحاد الأوروبي مستعد لاتخاذ إجراءات مناسبة في حالة استمر القتال وكل التطورات السلبية التي تنتهك اتفاقات مينسك». «الاثمان سترتفع» وقال بايدن خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو انه اذا استمرت موسكو في انتهاك الهدنة... فان الاثمان سترتفع، مؤكدا ان وقف اطلاق النار الساري منذ الاحد تنتهكه «قوات انفصالية تعمل بالتنسيق مع القوات الروسية». وقال البيت الأبيض في بيان إن جو بايدن نائب الرئيس أدان «بشدة» خرق وقف إطلاق النار في ديبالتسيف من قبل «قوات انفصالية تعمل بالتنسيق مع القوات الروسية»، وحذر روسيا من أنها ستدفع ثمنا أغلى إذا استمر خرق وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا من جانب الانفصاليين الموالين لها». وجاء ذلك في مكالمة مع الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو الذي ندد بما اعتبره «هجوما مشينا على اتفاقات مينسك» ووقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ نظريا منذ الأحد، مطالبا الغرب برد «شديد لوقف المعتدي» وفق بيان لمكتبه الإعلامي. الاسلحة لن تغير الواقع من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن تزويد أوكرانيا بالسلاح سيزيد بلا شك من عدد الضحايا، لكنه لن يغير من الوضع القائم حاليا شرقي البلاد. ونقلت قناة «روسيا اليوم» على موقعها الإلكتروني أمس عن بوتين القول خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره المجري فيكتور أوربان في بودابست: «بالنسبة لاحتمال إرسال أسلحة إلى أوكرانيا فمعلوماتنا تؤكد أنها ترسل بالفعل، وهنا لا غرابة في الأمر. وأنا على يقين تام بأنه مهما كانت الجهة والأسلحة التي ترسلها، فإن حصيلة الضحايا قد ترتفع، لكن النتيجة ستبقى كما هي عليه اليوم، هذا لا مفر منه». وقال الرئيس الروسي: «أنا على قناعة بأن السواد الأعظم من جنود القوات المسلحة الأوكرانية لا رغبة لديه في حرب الإخوة الأعداء، وبخاصة بعيدا عن بيوتهم، بالمقابل لدى قوات الدفاع الشعبي في دونباس دافع قوي لحماية أسرهم». اجتماع مجلس الأمن وكان مجلس الأمن الدولي قد دعا من جهته -في بيان بإجماع أعضائه- أطراف النزاع في أوكرانيا إلى وقف فوري للأعمال القتالية، كما وافق على مشروع قرار يصدق على اتفاق السلام في مينسك الذي أبرم في 12 فبراير/ شباط لإنهاء الأزمة الأوكرانية. وعلى الصعيد الميداني اعترف الجيش الأوكراني للمرة الأولى بأن الانفصاليين دخلوا ديبالتسيف، المدينة الإستراتيجية التي تحولت في الأسابيع الأخيرة إلى النقطة الأكثر. وأقر الجيش الأوكراني بأن بعض وحداته محاصرة، وأعلنت وزارة الدفاع أن جنودا في اللواء 101 والفرقة الثامنة تم أسرهم ولكن من دون تحديد عددهم أو تاريخ الأسر، وأكد الانفصاليون أنهم يسيطرون على 80% من المدينة، في حين تؤكد كييف أن «قسما» فقط من المدينة لم يعد تحت سيطرتها، كما وانه قام بسحب قسم من قواته المحاصرة في ديبالتسيفي اثر هجوم كبير يشنه المتمردون الموالون لروسيا على هذه المدينة الاستراتيجية الواقعة شرق اوكرانيا كما اعلن مسؤول اوكراني كبير. وقال ايليا كيفا مساعد قائد الشرطة المحلية «نقوم باجلاء قسم من عسكريينا» المحاصرين، مؤكدا ان القوات الاوكرانية لم تغادر المدينة. واضاف ان «حرب الشوارع مستمرة. ووقعت معركة محدودة بواسطة الدبابات». تفكيك أوكرانيا الى ذلك، قال عضوان بارزان في مجلس الشيوخ الأمريكي إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند يسعيان إلى تفكيك أوكرانيا بدعم من الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وأضاف العضوان الجمهوريان بمجلس الشيوخ جون ماكين وليندسي جراهام «المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي بدعم من رئيس الولاياتالمتحدة يضفون الشرعية على تقطيع أوصال دولة ذات سيادة في أوروبا للمرة الأولى منذ سبعة عقود». وقال ماكين وليندسي إنه «لا عذر» لدعم وقف إطلاق النار بينما تقوم روسيا «ووكلاؤها»، في إشارة إلى الانفصاليين في أوكرانيا، بتصعيد حصار لا هوادة فيه على ديبالتسيف. وجدد ماكين، الذي يرأس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، وجراهام دعوتهما إلى أوباما بأن يقدم أسلحة دفاعية إلى الجيش الأوكراني. يذكر أن ميركل أكدت الأسبوع الماضي في واشنطن أن تسليح حكومة كييف من شأنه تأجيج الصراع فحسب. ورفض ماكين وجراهام ما يصر عليه قادة غربيون بأنه لا حل عسكريا وقالا: «فلاديمير بوتين لا يرى الأمر كذلك». عقوبات كندية من جهتها، أعلنت كندا فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب دورها في النزاع الدائر في اوكرانيا، مشيرة الى ان العقوبات التي شملت خصوصا المجموعة النفطية العملاقة روسنفت، استهدفت ايضا مسؤولين سياسيين وعسكريين اوكرانيين موالين لموسكو. وبعد شهرين على آخر حزمة من العقوبات فرضتها أوتاوا على موسكو واستهدفت يومها مصالح روسية في قطاعي النفط والغاز، اتت حزمة العقوبات الجديدة لتستهدف مجددا هذا القطاع ممثلا بالمجموعة النفطية الحكومية روسنفت. كذلك فان العقوبات الجديدة استهدفت ميليشيات اوكرانية انفصالية موالية لروسيا وكيانات سياسية تابعة لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين في شرق اوكرانيا. وقال رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر في بيان إن الحكومة الكندية تبقى راسخة في رغبتها بالوقوف الى جانب الشعب الاوكراني في مواجهة العدوان العسكري المستمر من جانب روسيا. وتستهدف العقوبات الجديدة 11 فردا روسيا و26 فردا اوكرانيا مواليا لروسيا، بينهم قادة ميليشيات واعضاء في حكومتي الجمهوريتين الانفصاليتين. واكد هاربر ان «هذه الاجراءات اتخذت ردا على سلسلة افعال عدوانية متزايدة الخطورة ارتكبها الانفصاليون المدعومون من روسيا». وحذر رئيس الوزراء الكندي من ان بلاده لن تتوانى عن تشديد هذه العقوبات اذا لم يتم الالتزام باتفاق مينسك.