كشفت دراسة سعودية أن ارتفاع درجة التكافؤ الديني والثقافي والعمري والصحي والمودة المتبادلة بين الزوجين تؤدي إلى انخفاض درجة الاكتئاب لدى النساء السعوديات. وقال تقرير صادر عن مركز رؤية للدراسات الاجتماعية اعتمد على رسالة دكتوراة حملت عنوان « التوافق الزواجي وعلاقته بالاكتئاب لدى النساء » للباحثة أسماء بنت عبدالعزيز بن محمد الحسين : إن المودة المتبادلة والتكافؤ من العوامل المهمة في التوافق الزواجي، وفي حال افتقاد المرأة الدعم العاطفي، والتكافؤ تصبح عرضة للاضطرابات، وعلى رأسها الاكتئاب. والنساء أكثر انغماساً في الزواج عموماً، وأكثر مواجهة للضغوط وسعادتهن تتأثر بدرجة كبيرة بالعلاقة الداخلية أكثر من الرجال الذين تتأثر سعادتهم بنواح غير أسرية في الغالب. وأظهرت نتائج الدراسة عدم التوافق الزواجي للنساء مع العمل، ربما نتيجة لصراع الأدوار لدى الزوجات وتعدد المهام والمسؤوليات، مع عدم وجود داعم نفسي لها من قبل الزوج خاصة. كذلك تداخل أدوار الزوجين وعدم تحديدها، وتعريضها أسرتها للإهمال، وفي الوقت نفسه تجد المرأة في عملها متنفساً يخفف عنها ضغوط المسؤولية الأسرية أو الإحساس بالتقصير تجاه أفراد أسرتها، أو تعويضها عن ذلك، كما أن الزوجة العاملة تشعر بتقديرها لذاتها كون عملها له أهمية مادية واجتماعية. وأوضحت نتائج الدراسة عدم وجود فروق في درجة التوافق الزواجي حسب القرابة بالزوج وربما يرجع ذلك إلى أن أغلب أفراد العينة ليس لديهن علاقات قرابة مباشرة، وربما دل ذلك على أن زواج الأقارب لم يعد إجبارياً كالسابق أو مفروضاً على الطرفين، بل غالباً عملية اختيارية كشأن الزواج من خارج نطاق القربى. كما أظهرت نتائج الدراسة أن الفروق بين الزوجات - فيما يتعلق بحالة وجود أكثر من زوجة لدى الزوج - تتجلى بصورة واضحة لدى من يتزوج زوجها زوجة ثانية، حيث تقل درجة التوافق الزواجي أكثر من غيرها. وفي المقابل فإن مجموعة النساء ذوات أزواج لديهم أربع زوجات تزيد درجة التوافق لديهن، مقارنة بمجموعة النساء ذوات أزواج لديهم زوجتان، والزوجة الواحدة تزداد لديها درجة التوافق الزواجي، وربما انطبق هذا الأمر على المرأة التي تواجه التعدد من زوجها لأول مرة. حيث قد تتعرض لمواجهة الصدمة ومواقف الإحباط من زوجها والمشاعر السلبية عادة، وتعيش صراعا بين ما يحلله الدين وثقافة المجتمع ومشاعرها الخاصة. فالتعدد - من وجهة نظرها - يمثل جرحاً شديداً لمشاعرها إذا ارتبط الزوج بأخرى ارتباطاً شرعياً وعاطفياً وتشعر بأن من حقها في هذه الحالة أن تعبر عن مشاعرها العدائية أو أن تحبسها داخلياً وتعيش في حيرة بين طلب الطلاق وحبها لزوجها ولأسرتها أو مصلحة أبنائها ما ينعكس بوجه عام على توافقها النفسي والزواجي. أما في حالة الزواج بأربع فهنا ربما تكون المرأة قد تخطت مرحلة الصدمة، وتعودت على وضع التعدد، والتعدد بهذا الشكل لا يعني بالضرورة عيباً أو قصوراً في الزوجة - من وجهة نظرها على الأقل - وإلا لما بحث الزوج عن ثالثة ورابعة. وهناك عامل آخر - تبعا لرأي الباحثة - قد تجد فيه المرأة ما يباعد بينها وبين التضرر من وجود زوجة ثالثة أو رابعة، وهو أنه في حال قيام والدها بتعدد الزوجات فإن الأمر يكون طبيعياً بالنسبة لها، أي ربما تكون اعتادت على هذا الوضع كما اعتادت والدتها من قبل. وفي ضوء النتائج التي توصل إليها البحث وضعت الباحثة أسماء بنت عبدالعزيز بن محمد الحسين توصياتها بما يفيد الزواج والأسرة كالتالي : إنشاء مراكز للتوجيه والإرشاد الزواجي والأسري، وتفعيل دورها في المجتمع المحلي، والاهتمام بتدريس مواد ثقافية في مجال الأسرة والزواج في الصفوف العليا من المرحلة الثانوية وفي الجامعات والطالبات على السواء وفق أسس علمية شرعية ونفسية واجتماعية، وتقترح الباحثة - على سبيل المثال - دراسات في: سيكولوجية المرأة، سيكولوجية الرجل، مقومات نجاح الأسرة، أساليب المعاملة الزوجية، العلاقة بين الزوجين، الحياة الزوجية الواقعية وغيرها، إذ إن الباحثة ترى أن من أسباب سوء التوافق الزواجي، ما يكون راجعاً إلى سوء فهم الرجل المرأة، أو سوء فهم المرأة الرجل أو الحياة الزوجية. كما أوصت الدراسة بتكثيف البرامج الإعلامية الموجهة للأسرة التي تسلط الضوء على العلاقات الأسرية والزواجية والرعاية الأبوية للأبناء واستقرار الحياة العائلية التي تقوم بإرشاد الأفراد لأساليب التوافق الزواجي وفنياته، وعقد محاضرات وندوات خاصة بالإرشاد الزواجي وأساسيات التوافق الزواجي خصوصاً للمقبلين على الزواج من الجنسين، عبر خدمات الجمعيات الخيرية، أو المنتديات الثقافية، والعناية بالبحوث والدراسات في مجال الزواج والأسرة ونشرها ومناقشة موضوعاتها من خلال وسائل الإعلام المختلفة والندوات والمحاضرات. وطالبت الدراسة بتناول موضوعات التوافق الزواجي وحقوق الزوجين وأهمية الزواج على المنابر وفي خطب المساجد والمناسبات المختلفة، وأيضاً العناية بأساليب التربية والتنشئة الاجتماعية السليمة للأبناء والبنات خاصة عند سن النضج وفق الكتاب والسنة اللذين يبينان حقوق المرأة والرجل، وواجباتهما، والأدوار المنوطة بكل منهما. وقد قالت الباحثة أسماء بنت عبدالعزيز بن محمد الحسين : إن نتائج البحث تطمح في إتاحة الفرصة لتقديم خدمات الإرشاد الزواجي والأسري والعلاج النفسي للنساء للمساعدة في تخفيف حدة الاضطرابات النفسية خاصة الاكتئاب ، كذلك يساهم البحث في تقديم التوعية المجتمعية والإعلامية فيما يخدم قطاع الأسرة وشؤونها وتكوينها وبنائها. وأشارت الباحثة إلى أن نتائج البحث قد تتيح تقديم الحقائق التي تساعد الأزواج في العناية بأزواجهم وتنظيم حياتهم، وإعادة النظر في تشكيل أدوارهم بهدف بناء حياة أسرية مطمئنة نفسيا لا تعاني مظاهر الاضطرابات والأمراض النفسية، وما ينشأ عنها من آثار في تربية الأبناء وتنشئتهم. وترى الباحثة أن التوافق الزواجي يعني: الحالة التي يخبر فيها كل طرف من الزوجين بالتكافؤ (الديني، والأخلاقي، والاجتماعي، والعمري، والصحي والثقافي)، والشعور بالكفاية (الجدارة)، والقناعة، والرضا عن العلاقة الزواجية، والشعور بالسكن (الجسدي، والنفسي، والمادي)، والانتماء العاطفي، والمودة المتبادلة. والرحمة المتبادلة، والتقدير المتبادل، والاتجاهات الواقعية نحو الزواج، والفهم المتبادل للواجبات والمسؤوليات، والتعاون في حل المشكلات الحيوية والزواجية بالطرق السليمة والمناسبة واحتواء الأزمات الطارئة والسيطرة عليها، والثقة المتبادلة، والتوافق بين الأهداف، وتقارب الاتجاهات والقيم والأفكار والميول، والجاذبية المتبادلة، وفهم الآخر وتقبله كما هو عليه لا كما يجب أن يكون، واحترامه، والاهتمام براحته، والتضحية في سبيل الزواج واستمراريته، وخشية الله - تعالى - في التعامل الزواجي. وأشارت الباحثة إلى أن مجتمع البحث تكون من النساء السعوديات اللاتي يقمن بمدينة الرياض من عينة عشوائية تكونت من زوجات سعوديات من العاملات في المدارس الثانوية (معلمات, إداريات) ومن خريجات الجامعات ومن غير العاملات (ربات البيوت) وبلغ العدد الإجمالي للعينة 350 متزوجة.