منذ الاجتماع التاريخي بين مؤسس المملكة وواضع أسس نهضتها الحديثة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- مع الرئيس الأمريكي وقتذاك روزفلت والعلاقات بين البلدين في نمو مطرد في مختلف المجالات والميادين، وهي علاقات أضحت نموذجا لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الأصدقاء، وقد اتضح أن هذه العلاقات منذ نشأتها كان لها ولا يزال أثرها الفاعل في حلحلة العديد من القضايا الشائكة في بؤر النزاع في العالم. إنها علاقات قائمة على الاحترام المتبادل، والعمل على تحقيق المصالح المشتركة في جملة من القنوات الرئيسية الهامة، لاسيما القناة الاقتصادية، وقد تبين مع مرور الزمن أن الرؤى الأمريكية - السعودية متطابقة ومتماثلة في عدة مسارات سياسية ذات علاقة مباشرة بإحلال السلم والأمن الدوليين، ولا شك أن الزيارة التي يقوم بها الرئيس أوباما مع وفده الرفيع المستوى للمملكة للتعزية في وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- وللتباحث مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تؤكد على استمرارية العلاقات الطيبة بين البلدين، وأهمية دعمها وترسيخها لما فيه مصلحة البلدين والشعبين. والزيارة من جانب آخر، تؤكد على أهمية التباحث وتبادل الرأي حيال القضايا الساخنة في العالم، وعلى رأسها قضية الشرق الأوسط، وأهمية إحلال السلام العادل والدائم حيالها، والتي تعد من أطول الأزمات العالقة في العالم، ولا شك أن الأثقال السياسية التي يتمتع بها الجانبان الأمريكي والسعودي كفيلة بوضع الحلول القاطعة والممكنة لتلك القضية الطويلة والخروج منها بأفضل وأنسب الحلول. من جانب آخر، فإن وجهات النظر المتطابقة بين البلدين سوف تؤدي إلى تسهيل النظر في سلسلة من القضايا المعقدة في عديد من بؤر التوتر، كالأزمة السورية والعراقية وما يحدث في اليمن، إضافة إلى العديد من القضايا العالقة الأخرى، كالملف النووي الإيراني ونحوها من الأزمات والمسائل العالقة التي لا بد من إيجاد مخارج سليمة لحلها، ويبدو أن الجانبين الأمريكي والسعودي لديهما من الرؤى ما يمكن الاعتماد عليه لوضع اللمسات العقلانية والصائبة للكثير من الأزمات العربية والإسلامية والدولية. ويبدو أن الملف الأمني هو من أهم الملفات التي سوف سيكون لها أهمية لدى الطرفين؛ في ضوء تصاعد الموجات الإرهابية التي أخذت تهدد أمن الدول والشعوب، وباستقرار الجهود المبذولة من الطرفين الأمريكي والسعودي، فإن التوجه الموحد لملاحقة ظاهرة الإرهاب والحد من انتشارها في العالم سوف تؤتي أكلها على الآماد القريبة والبعيدة، وسوف تنسدل الجهود الأمريكية والسعودية لمكافحة الإرهاب والإرهابيين على الأمن العالمي المنشود. ولا شك أن زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة تحمل أهمية خاصة في ظل الظروف الحالية الصعبة التي تواجه بعض الشعوب وتواجه منطقة الشرق الأوسط، سواء فيما يتعلق بالحروب الناشبة فيها، أو بقضية فلسطين العالقة، أو بتفشي ظاهرة الإرهاب وتغلغلها في كثير من الأفكار والأمصار، والتحاور بين البلدين الصديقين حيال تلك المسائل أمر حيوي وهام.