في اخريات الشهر الجاري تنعقد في تونس القمة العربية الدورية التي كانت مؤجلة اساسا لخلافات طرأت حينذاك حول جملة من القضايا الاساسية، والقمة البديلة القريبة المقررة يفترض انها احتوت معظم تلك الخلافات الهامشية، فالظروف الحالية التي تعيشها الأمة العربية تحتم على قادتها تدارس عدة ملفات حيوية هامة كملف مبادرات الاصلاح في العالم العربي وملف الأوضاع العراقية وملف الأزمة الفلسطينية وملف الاصلاح السياسي العربي بما فيه اعادة هيكلة الجامعة العربية وكذلك ملف التصدي للارهاب، وهذه كلها ملفات على جانب كبير من الأهمية، فثمة تحديات مهولة تواجه العرب ولابد من التصدي لها بحزم وحسم لعل آخر حلقة من حلقاتها تلك التجاوزات التي مارسها جنود امريكيون بحق معتقلين عراقيين، كما ان المستجدات المتسارعة التي طرأت على الأزمتين العراقية والفلسطينية تستدعي من زعماء الأمة العربية بحثها بشمولية ودقة، فلابد من التركيز على دفع الأممالمتحدة ليكون لها دور أكبر في العراق تكون قادرة عند أدائه على وضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال من العراق وتسليم السلطة للعراقيين، كما أن القمة العربية مطالبة وهي تبحث في الأزمة الفلسطينية بتدارس التأكيدات التي طالما التزم العرب بها، والتزمت بها كافة دول العالم المحبة للعدل والحق والحرية والمتمحورة حول ان قرارات الشرعية هي مرجعية التسوية للأزمة الفلسطينية، وان تفعيل دور اللجنة الرباعية يعد مدخلا ضروريا لانهاء النزاع الفلسطيني الاسرائيلي، وان على واشنطن ان تقوم بدور الوسيط النزيه لتسوية تلك الأزمة، وازاء ذلك فان القمة العربية المرتقبة تعد في جوهرها منعطفا هاما لتفعيل العمل العربي المشترك وترسيخ مساراته، ويبدو ان الأجواء مواتية ومهيأة لعقد القمة المنتظرة لاسيما ان اجتماعات وزراء الخارجية العرب التمهيدية لانعقاد تلك القمة لم تشهد أية خلافات، فقد كانت الرؤى متجانسة ومتطابقة حيال مختلف الملفات المعروضة على الزعماء العرب واهمها الملفان العراقي والفلسطيني، وان ظهرت على السطح بعض التباينات في وجهات النظر حيال بعض المسائل فهذا لا يعني على الاطلاق انها وصلت الى مرتبة الخلافات، فمناقشات الوزراء التمهيدية تمت في اجواء ودية عكست الرغبة الجادة والحقيقية في التوصل الى رؤى محددة حيال الملفات الحيوية المطروحة، ولاشك ان الأمة العربية تعول كثيرا على القمة الدورية القادمة، فالتحديات جسيمة ولابد من مواجهتها بصوت عربي واحد، والوصول الى غايات واهداف مشتركة تحلحل كافة الأزمات العالقة و تضع العرب امام مسؤولياتهم الحاضرة والمقبلة وجها لوجه.