في يوم الجمعة الموافق 23 يناير من عام 2015م توفي المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وكان الملك عبدالله قد تولى مقاليد الحكم في الاول من شهر اغسطس سنة 2005م بعد أخيه الملك فهد -رحمهما الله-. وخلال اقل من عشر سنوات من حكمه شهدت المملكة نهضة تنموية عظيمة شهد بها الاعداء قبل الاصدقاء، ولأن الملك كان يؤمن بأن أي تطور في مملكتنا الحبيبة كان لا بد ان يكون محوره المواطن، فكان هدفه الاول صحة المواطن في كل انحاء مملكتنا الحبيبة، ولهذا كان نصيب القطاع الصحي من الميزانية العامة للدولة خلال السنوات العشر من حكمه -رحمه الله- مئات المليارات. فقد أنشأ خلالها 74 مستشفى جديدا بسعة 7402 سرير وأنجز 769 مركزا للرعاية الصحية الاولية، وأنشأ خمس مدن طبية على اعلى طراز من مستويات الرعاية الطبية المتخصصة، كما ان هناك 547 مشروعا صحيا تحت التنفيذ. كما تم البدء في إنشاء 3 مراكز لاضطرابات النمو والسلوك، وتعد الاولى من نوعها في المملكة، كما حصلت العديد من المستشفيات السعودية والمراكز الصحية على شهادة هيئة الاعتماد الامريكية العالمية التي لا تمنح للمنشآت الطبية إلا بعد تحقيقها اكثر من 1200 معيار متعلق بالجودة والسلامة. ومع اهتمامه -رحمه الله- بالصحة الا ان التعليم كان همه الاساسي، فقد كان يؤمن -رحمه الله- إيمانا تاما بانه لا تقدم لهذه البلاد الا بالاهتمام بالتعليم على المستويين العام والعالي. فقد وصل عدد المدارس للذكور في عهده اكثر من 16039 مدرسة، وعدد مدارس البنات 18710 مدارس. كما بلغ عدد المعلمين 245842 معلما وعدد المعلمات 300750 معلمة، اما عدد الطلبة في المرحلة الابتدائية 2570334 طالبا، اما المتوسطة 1230557 طالبا، والمرحلة الثانوية 1214084 طالبا، ورياض الاطفال 182556 تلميذا، والتعليم الخاص 24751 طالبا. كما ان هناك 3000 مدرسة قيد الانشاء. وقد بدأ بتنفيذ برنامج مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام بأكثر من 80 مليار ريال، منها 42 مليارا لتنفيذ مبان ومدارس، وبلغ ما تم تخصيصه لقطاع التعليم العام والعالي والتدريب ما يقارب 217 مليار ريال لسنة 2015 فقط. اما على مستوى التعليم العالي -الذي تراهن عليه المملكة للتحول من مصاف دول العالم النامي الى دول العالم المتقدم- فقد شهد هذا القطاع نقلة نوعية من حيث أعداد الجامعات، فبعد ان كان يوجد لدينا 8 جامعات اصبح الان عندنا 32 جامعة اي بزيادة قدرها 400%، وهذا يعتبر في حد ذاته انجازا يسجل للمغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كما ان هذه الجامعات أنشئت في جميع محافظات المملكة، ولم تقتصر التنمية على محافظة بعينها دون اخرى، وفي نفس الوقت تم التركيز على النوعية والجودة في هذه الجامعات، حيث تم تأسيس (الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي). كما حرص -رحمه الله- على التخصصات العلمية بهذه الجامعات، حيث اسس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الذي اراد لها ان تكون منارة علم للعالم بأسره، وهي مخصصة للابحاث والدراسات العليا، كما انها تساعد على خلق اقتصاد معرفي وتتصدى للتحديات ذات الاهمية الاقليمية والعالمية. كما أنشأ جامعة الاميرة نورة بنت عبدالرحمن للبنات كأكبر جامعة للاناث على مستوى العالم بطاقة استيعابية قدرها 40 ألف طالبة. ولكي يسابق -رحمه الله- الزمن واللحاق بالدول المتقدمة، فقد ابتدأ في عهده مرة اخرى الابتعاثات الخارجية للدول المتقدمة، حيث ارسلت السعودية ابناءها الطلبة الى ارقى الجامعات العالمية في 30 دولة حول العالم؛ للحصول على اعلى الشهادات والتخصصات العلمية مثل الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والرياضيات والقانون والادارة والاقتصاد وجميع العلوم الانسانية والتطبيقية. وبذلك احتلت المملكة الاولى عالميا من ناحية عدد الطلبة المبتعثين مقارنة بعدد السكان، وقد بلغ مجموع ما صرف على هذه البعثات خلال العشر السنوات اكثر من 200 مليار ريال، ويقدر عدد المبتعثين حسب وزارة التعليم العالي بما يقارب 207 آلاف مبتعث. وبلغ مجموع ما أنفقته الدولة على النهوض بالتعليم 1،204 تريليون ريال، كما خطط للوصول الى 40 جامعة على مستوى المملكة بطاقة استيعابية قدرها 1،5 مليون طالب. اما على صعيد الصناعة والتطور الصناعي، فقد وصل عدد المصانع في عهده الميمون الى 6871 مصنعا بإجمالي تمويل قدره تريليون ريال، وبلغ عدد العاملين في هذا القطاع 935 ألف عامل، وبلغ اجمالي الناتج المحلي للصناعات التحويلية حوالي 172 مليار ريال في نهاية عام 2013م، وقد ارتفعت نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي 13،5% بنهاية عام 2013م. كما ارتفعت الصادرات الصناعية من 60 مليار ريال عام 2005م الى 172 مليار ريال، وبهذا تصبح المملكة اكبر بلد عربي صناعي، وقد تحقق هذا الانجاز في عهد الملك عبدالله -رحمه الله-. مهما كتبنا ستتعب الاقلام من ذكر مناقب الملك عبدالله -رحمه الله- ولكن لا نملك إلا أن نذكر الشعب السعودي وجميع الشعوب العربية والاسلامية بما وصانا به جلالته حينما قال: لا تنسوني من دعائكم (فاللهم اغفر لعبدك عبدالله بن عبدالعزيز ووسع له في قبره ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره واجعله من الذين حرمت عليهم النار واكتب له الجنة مع الصديقين والشهداء، واللهم اجزه عنا خير جزاء).