اللهم أبدل عبدالله بن عبدالعزيز داراً خيرًا من داره، وأهلاً خيراً من أهله، واجعله اللهم من الذين حرمت عليهم النار وكتبت لهم الجنة. كان- رحمة الله عليه- يقول: يعلم الله أنكم في قلبي أحملكم وأستمد قوتي من الله ثم منكم فلا تنسوني من دعائكم. ليتك يا عبدالله علمت كيف أحببناك... أحبك الصغير والكبير وارتبطنا بك برابط روحي لا تفسير له إلا طيب روحك وحسن نواياك التي قربتك للقلوب قبل الإنجازات التي حققتها للوطن وقبل أكف المساعدة التي مددتها للعالمين العربي والإسلامي. وبقدر ما أحزننا فراقك، بقدر ما أسعدتنا تباشير الخير التي سبقتك إلى مثواك الأخير والتي كنا نتناقل التبشير بها فرحاً بما حباك الله به من خاتمة حسنة تماماً، كما فرحنا لأبائنا وأمهاتنا، وما هذا إلا لأنك لم تكن ملكاً قائداً، بل أباً راعياً ومحباً للجميع؛ فلا غرابة إذن أن قضينا ليلتنا ندعو لك وفي نهار خير الأيام ظلت الألسن تلهج بالدعاء لك. من أين نبدأ بذكر مآثرك وهي كثيرة. أنبدأ بأكثرها اتصالاً بالله والتي تعلن ابتداء عن حبه- جل وعلا- لك، فقد روي عن الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- في حديث قدسي: (إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ). نعم لقد أحببناك في الله... أحببناك كإنسان قبل أن نحبك كقائد؛ أحببنا فيك نوايا الخير التي يحملها قلبك وتظهر علاماتها في عفويتك وابتسامتك وشفافية روحك. لا غرابة أن كل برامج التواصل الاجتماعي ضجت بحبك والترحم عليك، منا ومن كثير من الدول العربية والإسلامية الذين شاركونا في حبك وما من شك في أن الحب الإنساني العظيم قد تجلّى بأجمل صوره. ومن أجمل ما قرأته فيها، قول أحد الشباب من أبنائنا المبتعثين يقول: (خبر وفاتك في الغربة يحرق أكثر... اللهم اجعل بعثتي وعلمي في موازين حسناته، يارب اللهم أجزه عنا رحمة ولطفاً وجنة يارب)، هذا هو الصدق في الحب يتجلّى بكل عفوية من هذا الشاب الذي يشاركه في ذلك مئتين من الشباب الذين خرجوا زرافات في برنامج تعليمي ضخم لم يُعرف من قبل، فتح للبلاد والشباب آفاقاً جديدة ننتظر نتائجها على الجميع بعد وقت ليس بالطويل، وكان- رحمه الله- قد أولاهم عنايته الفائقة في التعليم الداخلي والخارجي؛ فثمان وعشرون جامعة خلال تسع سنوات ليس بالأمر الهين، هذا عدا كليات فرعية لجامعات سابقة. كما كان لهم اهتمام آخر في التوظيف والبرامج الكثيرة التي أُعدت، وما زالت الجهود تعمل وتنظم من أجلهم. وهناك كثير من الإنجازات التي لا تُحصر في مقال أو مقالات... وهي إنجازات سابقنا فيها الزمن في عهد عبدالله بن عبدالعزيز الذي لم يغادرنا قبل أن يعد العدة لمستقبل مشاريع كثيرة صحية واقتصادية وتعليمية ورياضية، والأهم أنه لم يغادرنا إلا وقد ثبت أركان البيت السعودي في وقت كانت فيه الدول من حولنا تمزق بعضها بعضا من الداخل في خريف لم يبق ولم يذر وما زال ينذر بشرر. أما نحن، فننعم ولله الحمد بالاستقرار والأمن والأمان الذي يجعلنا نبني ولا نهدم ونتحاب ولا نتكاره مهما حاول الأشرار أن يرموا بيننا ببعض شرورهم التي لم يترك لها مجالاً لتنمو بيننا، فحربنا على الإرهاب أقوى بعون الله من أن تخترق. ودعوتنا للحب والحوار الداخلي وحوار الأديان في كل مكان ذات أثر فاعل في إطفاء شرر الفتن التي يشعلها الحاقد والطامع. اللهم لك الحمد أن سخرت لنا هذا كله، والحمد لله الذي جعل على قيادتنا رجال أكفاء يتطلعون للصالح العام ويسدون أبواب الفرقة والاضطراب. اللهم ارحم عبدالله بن عبدالعزيز فقد تولّى أمرنا بحب وفارقنا بحب، اللهم اكتب عونك وتوفيقك لأخويه سلمان ومقرن. اللهم أرهما الحق حقاً وارزقهما اتباعه وأرهما الباطل باطلاً وارزقهما اجتنابه. اللهم اشدد أزرهما ووفقهما لما تحب وترضى واحفظ بلادنا من كل شر. * كاتبة