أجبرت الأجواء الباردة سيدات الأحساء على العودة إلى الأكلات الشعبية التي اشتهرت بها الواحة قديما، وذلك لمواجهة لسعات البرد من خلال إعداد وجبات ذات سعرات حرارية، تعتمد في مكوناتها على ما تجود به النخلة من تمر ودبس وما تختزنه من سكريات، ومن بين أهم تلك الأكلات: العصيدة، واللقيمات، وغير ذلك. تقول أم ربيع: إنها تستغل الأجواء الباردة للعودة إلى الأكلات الخاصة بفصل الشتاء التي توارثتها الأجيال جيلا بعد آخر، حيث تعلمت الكثير من تحضير الوجبات الشعبية المتنوعة على يدي والدتي التي بدورها تعلمتها من جدتي، التي كانت تقدم لنا في موسم البرد القارس، وها أنا حاليا أصنعها في المنزل و تساعدني في إعدادها بناتي وأقدمها ساخنة تناسب الأجواء التي تخيم على الأحساء في فصل الشتاء، مشيرة إلى أن هذه الوجبات تكسب الجسم حرارة وتجعله أكثر دفئا وتحملاً لبرد الشتاء، وتمد الجسم بالدفء والطاقة، لاحتوائها على السكريات الطبيعية. وعن طريقة صنعها، تقول أم يونس: يتم وضع التمر في قدر كبير مع الماء المغلي بعد نزع النوى منه ثم يترك مغطى على نار متوسطة حتى يذوب التمر ويتحول إلى سائل مكثف بني اللون، ثم نضيف دقيق البر بالتدريج مع الاستمرار في تحريك الخليط حتى يتجانس إلى أن يثقل الخليط، ثم يترك على نار هادئة لمدة ساعة ويقدم في الصحن ويُضاف عليه السمن والفلفل الأسود الحار. وتوضح أم عبدالله أن الأطباق الشعبية، تصبح أكثر رواجا وطلبا بالنسبة لأهالي الواحة لأنها تبث في أجسادهم بعض الدفء. كما أنها تجمع العائلة والأقارب على مائدة واحدة، مضيفة أنها تقوم بإعداد أطباق شتوية متنوعة من بينها الشعرية، والتي لا يستغرق تحضيرها وقتا طويلا، حيث يستمر تقليب الشعرية حتى تحمر وتأخذ اللون الذهبي الفاتح، ويُضاف إليها الماء والسكر إلى مرحلة الغليان ثم يتم إضافة البيض حسب الرغبة، وتُسكب في أطباق تُنثر عليها القرفة، وهي فرصة لإحياء الأكلات الشعبية الساخنة، التي تتمتع بتكلفة مادية بسيطة، وبمقادير تتواجد في كل منزل. وتتابع: هناك العديد من الأكلات الساخنة الحديثة، لكن يبقى للأكلات القديمة، والحلويات الشعبية رونقها الخاص، وتحديدا في فصل الشتاء، إذ تمنحنا الدفء والسعادة إلى جانب مشروب الزنجبيل. ويفضل الستيني معتوق البخيت الأكلات الشعبية، بينما يعتبر العصيدة واللقيمات من أشهر الحلويات الشعبية لأنها مغرية وطيبة جدا، لذا يجعلها البخيت من الأطباق الرئيسة بشكل شبه يومي على مائدته، مشيرا إلى أن تلك الأطباق وما تحتويه من طاقة تساعده على القيام بأداء عمله في الفلاحة، خصوصا أنه ينطلق من منزله بعد صلاة الفجر لمباشرة عمله في المزرعة، مبينا أنه في كثير من الأحيان يتشارك مع الأصدقاء في تناول هذه الأطباق الشعبية، حيث إن كلا منهم يجلب طبقا من منزله لتكوين مائدة متنوعة يتحلّقون حولها في جو من الألفة والمحبة.