أكّد الخبراء والمتحدثون المشاركون في منتدى «جيبكا» السنوي السادس للبلاستيك بدبي، أنه يتوجّب على مصنّعي البلاستيك تطوير استراتيجيات كفيلة بمواجهة التحديات العالمية المتعلقة بالمواد الخام ومواكبة الطلب المتزايد في المناطق التي تشهد نمواً سكانياً متسارعاً حتى يستمر القطاع بالنمو والازدهار. وقال الخبراء في تصريحات ل"اليوم" في معرض تعليقاتهم على التطورات التي شهدها قطاع الطاقة في المنطقة مؤخراً، والتي تمثلت في انخفاض أسعار النفط بنسبة 50% على مدى الأشهر الستة الماضية: إنهم لا يستطيعون توقّع أسعار النفط المستقبلية؛ لأنهم لا يستطيعون توقّع حتى أسعار الأسبوع المقبل، وجل ما يمكن فعله حاليا هو التعاون على تحديد التوجّهات المستقبلية لقطاع البوليمرات. وقال زياد اللبان، الرئيس التنفيذي لشركة "صدارة للكيميائيات": إن مستويات الطلب على البتروكيماويات في آسيا والهند قد تجاوزت معدلات العرض بأشواط، وأردف قائلاً: "بالرغم من أن هذه المنطقة استطاعت حفز القدرة الإنتاجية بمقدار 150 مليون طن منذ عام 1990، لا تزال مستويات العرض غير قادرة على مواكبة الطلب؛ ولذلك فهي تمتلك إمكانات واعدة كي تصبح واحدة من أهم أسواق قطاع البوليمرات الخليجي". وأوضح اللبان أن الطبقة الوسطى لطالما كانت أبرز المستهلكين لمنتجات البوليمرات. وفي ضوء التوقعات التي تشير إلى تجاوز نسبة هذه الشريحة السكانية 60% من التعداد السكاني العالمي بحلول عام 2030، سيزداد الطلب بلا شك على المنتجات البلاستيكية الاستهلاكية. وبطبيعة الحال، تشهد عملية الإنتاج بالنسبة لقطاع البتروكيماويات تطوراً نحو تصنيع المزيد من أنواع الكيماويات المتخصصة بشكل يوازي نمو وتطور الأمم. وقال اللبان بهذا الصدد: "لا تتعدى الكيماويات المتخصصة نسبة 0.2% من محفظة منتجات منطقة دول مجلس التعاون الخليجي اليوم، وهذه حقيقة يتوجّب علينا تغييرها بسرعة". وسلّط اللبان الضوء على أهمية قيام المنطقة بتوظيف عوامل قوتها الرئيسية والمتمثلة بموقعها الاستراتيجي القريب من المناطق الجغرافية التي ستسجل أكبر معدلات للنمو السكاني. وقال: "يقع 40% من سكان العالم على بُعد 3 آلاف كيلومتر فقط أو أقل من مصانعنا"، مضيفا: وبالنسبة للمرحلة المقبلة، يتوجّب على الشركات الخليجية الاعتماد بشكل أكبر على التكنولوجيا كي تصبح قادرة على مواجهة تقلّبات السوق. وقال: "نمتلك في شركة (صدارة) أكبر مجمع لتكسير اللقيم المختلط في العالم. كما يستطيع اثنان من أصل الأفران ال 12 المتواجدة في منشآتنا التحول من الغاز إلى المواد الخام السائلة حسب حالة السوق. وعلى صعيد ابتكار القيمة، أوصي بالاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في عملية ابتكار القيمة، وذلك من خلال التوجّه نحو المنتجات المتخصصة؛ لأن مستقبل المنتجات الاستهلاكية يبدو محدود الأفق". واتفق عبدالله بن صالح السويلم، الرئيس التنفيذي لشركة "بترو رابغ"، تماماً مع الأفكار التي طرحها اللبان، وقال في هذا السياق: "يقوم قطاع البتروكيماويات الخليجي حالياً على الغاز، لما يتمتع به من إمكانات عالية لا تمتلكها مواد الخام السائلة. وانطلاقاً من ذلك، ستسهم عملية إعادة توجيه قاعدة منتجاتنا الاستهلاكية بشكل أكبر نحو الكيماويات المتخصصة في فتح آفاق رحبة للنمو والاستثمار. كما تنسجم هذه التوجّهات نحو منتجات القيمة المضافة مع استراتيجيات حكومات دول مجلس التعاون الخليجي كونها تتيح مجالاً واسعاً لخلق المزيد من فرص العمل". وفيما قد تؤثر التحديات المرتبطة بانحدار أسعار النفط على قطاع البتروكيماويات خلال الأشهر المقبلة، ثمّة تقلّبات أخرى أسهمت في إحداث أثر سلبي على شركات القطاع مؤخراً. وبهذا الصدد، قال مساعد بن سليمان العوهلي، نائب الرئيس التنفيذي للبوليمرات في شركة "سابك" :"تنبع الميزة التنافسية التقليدية لدول مجلس التعاون الخليجي من امتلاكها أدنى أسعار للبوليمرات على مستوى العالم، وانخفاض تكلفة الخدمات والقوى العاملة، والموقع الاستراتيجي وغيرها، إلا أن هذا المشهد يتغير بسرعة؛ فإذا ما نظرنا إلى تجارة البوليمرات مع الاتحاد الأوروبي خلال عامي 2013 و2014، سنرى خسارة تقدر بنحو 200 دولار أمريكي للطن الواحد للجهة التنافسية. ويعزى ذلك بالدرجة الأولى إلى ارتفاع رسوم الاستيراد، وازدياد نفقات القوى العاملة، ونمو معدلات التضخم الاقتصادي". وبالرغم من هذه المعوقات، لا تزال هناك فرص كبيرة تلوح في الأفق. وأردف العوهلي: "نعيش في عالم دائم التغير؛ حيث تظهر حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أن الاقتصادات الناشئة بدأت تتفوق على مثيلاتها من الاقتصادات المتقدمة. وذلك سيتيح فرصاً مهمة لقطاعنا". وبحسب إحصاءات "الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات" (جيبكا)، بلغت الطاقة الإنتاجية للبوليمرات في دول مجلس التعاون الخليجي 25.5 مليون طن، أو ما يعادل ارتفاعاً بنسبة 6% عن العام الذي سبقه. وتتصدر المملكة سوق المنطقة لإنتاج البوليمرات بنحو 18.3 مليون طن، أو مايعادل 72% من إجمالي الإنتاج. وتتبوأ الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية بنسبة 13%. علاوةً على ذلك، يتوقع "جيبكا" أن ينتج قطاع البوليمرات في المنطقة نحو 33.3 مليون طن بحلول عام 2020، وهو ما يعادل ارتفاعاً بنسبة 25% عن إجمالي الطاقة الإنتاجية الحالية. بدوره، قال الدكتور عبد الوهاب السعدون، الأمين العام ل "الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات": "تسهم المنتجات البلاستيكية في تحسين حياة الملايين من الناس يومياً، إذ تعتبر الدعائم الرئيسية للعديد من الصناعات ابتداءً من أجزاء السيارات خفيفة الوزن التي تخفف من الاستهلاك الكلي للوقود، وانتهاءً بالمنتجات الآمنة لتغليف الأغذية. ومع ضرورة السعي لمواكبة معدلات الطلب الحالية، تحتاج صناعة المنتجات البلاستيكية للتفكير بالمستقبل وابتكار منتجات جديدة من شأنها ان تغير من حياة المليارات من الناس على مدى العقود القادمة". يُشار إلى أن منتدى (جيبكا) الدولي السادس لصناعة البلاستيك التحولية (PlastiCon2015) استضاف أكثر من 300 مشارك و 18 متحدثاً على مدى يومي المؤتمر.