هبطت أسعار النفط العالمية بحوالي 50% عن أسعار منتصف العام الماضى (شهر يوليو 2014م)، وضاقت الفجوة السعرية بين برنت وخام غرب تكساس الى حوالي 3 دولارات للبرميل بعدما كانت أكثر من 27 دولارا للبرميل فى سبتمبر من عام 2011م عندما كان سعر برنت 113 دولارا مقابل 84 دولارا لخام غرب تكساس. ولا شك في ان تضييق الفجوة فى الاسعار بين خام برنت وغرب تكساس له علاقة بزيادة الامدادات النفطية من خارج امريكا الشمالية. وترتبط أسعار البتروكيماويات العالمية بأسعار النفط المصدر الرئيس للبتروكيماويات فى آسيا واوروبا، لانه مصدر لقيم النافثا فيها. فعلى سبيل المثال قبل ستة أشهر كانت أسعار خام برنت تساوي حوالي 110 دولارات للبرميل وكانت أسعار لقيم النافثا حينئذ تقدر بحوالي 1000 دولار للطن. وانخفضت الآن أسعار النافثا الى 465 دولارا للطن حسب موقع أرقام، وهذا يفسر الارتباط الوثيق بين أسعار الخام وأسعار مشتقاته وهى علاقة منطقية ومفهومة، ولدراسة أثر انخفاض أسعار النفط على البتروكيماويات السعودية لابد من دراسة بعض الشركات لقياس تأثر أدائها. فعلى سبيل المثال تنتج الشركة المتقدمة للبتروكيماويات بلاستيك البولي بروبيلين وهو منتج من لقيم سوائل الغاز الطبيعى (البروبان)، وقد وصل سعر الطن للبولي بروبيلين فى بداية الربع الاخير (سبتمبر 2014) الى حوالي 1500 دولار وسعره الآن فى بداية يناير 2015م حوالي 1125 دولارا اى ان سعر الطن انخفض فى الربع الاخير بحوالي 25%. وانخفضت أسعار اللقيم للشركة من حوالي 700 دولار الى حوالي 335 دولارا للطن أى بحوالي 52%، وهذا يعني ان انخفاض أسعار النفط كان جيداً للمتقدمة وساهم بخفض تكاليف الانتاج. ولقد أعلنت المتقدمة عن نتائجها للربع الاخير قبل أيام وكانت طبيعية ولم تتأثر كثيراً بانخفاض أسعار النفط، إذ أعلنت الشركة عن انخفاض أرباحها ما بين الربع الثالث والاخير من 228 مليون ريال الى 200 مليون ريال أي بحوالي 13%. والحقيقة ان هذا الاداء ليس غريبا وغير مفاجئ لا سيما ان أسعار اللقيم وتكاليف الانتاج معروفة تقريباً وأسعار المنتجات معروفة، وبالتالى فانه ليس من الصعب توقع أداء هذه الشركة التى تنتج 450 الف طن سنوياً من بلاستيك البولي بروبيلين. وبذلك يصبح انتاجها في الربع الواحد حوالي 112 الف طن، واذا كان معدل سعر البولي بروبيلين فى الربع الاخير حوالي 1250 دولارا للطن تصبح قيمة المبيعات حوالي 140 مليون دولار بالربع، تستهلك حوالي 112 الف طن بروبان بمعدل سعري يصل الى حوالي 500 دولار للطن. وبذلك تصبح قيمة المبيعات دون كلفة اللقيم حوالي 84 مليون دولار بالربع ولو افترضنا ان التكاليف والمصروفات الاخرى تصل الى حوالي 24- 34 مليون دولار ، تصبح قيمة ما تربحه الشركة تقريباً ما بين 50 -60 مليون دولار فى الربع الاخير من العام الماضى أي ما بين 188 - 225 مليون ريال. أما الشركات التى تنتج الاسمدة من يوريا وامونيا مثل سافكو فانها تستخدم لقيم الغاز الطبيعى، ويعتبر سعر لقيم الغاز الطبيعي فى المملكة ثابتا منذ 1998م عند 0.75 دولار للمليون وحدة حرارية. وأما المنتجات النهائية لشركة سافكو فأهمها 2.6 مليون طن يوريا و 600 الف طن امونيا سنوياً، ويتم تصدير معظم هذه المنتجات للاسواق العالمية، وتبلغ الكلفة النقدية لمنتج اليوريا والامونيا في حدود 80-90 دولارا للطن. وتعتبر المملكة من أكبر البلدان تنافسية فى هذه التكلفة بسبب رخص اللقيم، ولو اختبرنا هذه الارقام على أداء الربع الثالث لوجدنا التالى : بلغ سعر اليوريا ما بين يونيو وسبتمبر من العام الماضى 330 دولارا للطن، وبلغ متوسط سعر الامونيا 480 دولارا للطن لنفس الفترة. وبخصم 100 دولار للطن كتكاليف تقريبية للانتاج والشحن يصبح ربح الشركة فى الربع الثالث حوالي 560 مليون ريال من اليوريا وحوالي 210 ملايين ريال من الامونيا، وبذلك تصبح أرباح سافكو للربع الثالث بين 750 -800 مليون ريال. وتمتلك سافكو 50% من شركة ابن البيطار وأجزاء بسيطة من ينساب وابن رشد وهذا ما يرفع قيمة الارباح المتوقعة أكثر . ولو استخدامنا أسعار اليوريا والامونيا فى الربع الاخير من العام الماضى لتقدير تأثير انخفاض أسعار النفط على أداء سافكو لوجدنا التالى: بلغ متوسط سعر اليوريا فى الربع الاخير وحسب موقع أرقام حوالي 320 دولارا للطن وسعر الامونيا حوالي 600 دولار للطن أي ان سعر الامونيا ارتفع في الربع الاخير بحوالي 120 دولارا للطن. وبذلك يتوقع ان تربح سافكو حوالي 536 مليون من اليوريا وحوالي 280 مليون ريال من الامونيا، وهذا يعنى ان الانخفاض القليل لأسعار اليوريا قد تم تعويضه بارتفاع كبير في أسعار الامونيا، لذلك قد تكون أرباح الربع الاخير من انتاج اليوريا والامونيا ما بين 800 -830 مليون ريال، بالاضافة لاستثمارات سافكو بالشركات الأخرى تصل الارباح الاجمالية للربع الاخير الى ما بين 850 -900 مليون ريال. وقد توقع مثل هذا الاداء كثير من البنوك (موقع أرقام)، وعلى كل حال لم تتأثر أسعار اليوريا والامونيا كثيراً من انخفاض أسعار النفط، بل على العكس شهدنا ارتفاعاً لاسعار الامونيا، لذلك فان أداء سافكو قد لا يشهد انخفاضات كبيرة تعكس حالة الهلع فى قطاع البتروكيماويات فى المملكة. وفي الختام تم تقديم مثالين عن أداء الشركات السعودية البتروكيماوية لمعرفة تأثير انخفاض أسعار النفط عليها، وتم اختيار المتقدمة لانها تستخدم البروبان كلقيم، حيث إن أسعاره ترتبط مباشرة بأسعار النفط العالمية. أما شركة سافكو فتستخدم لقيم الغاز الطبيعى الذى ليس له علاقة بأسعار النفط وحتى منتجات الاسمدة والامونيا لم تتعرض لانخفاضات كبيرة في الأسعار ، وبذلك نستطيع ان نخلص الى ان البتروكيماويات السعودية من الاكثر تنافسية في العالم حتى مع انخفاض أسعار النفط بحوالي 50% .