هنالك مشروعان آخران، الأول في مدينة تويوتا، والآخر في مدينة جرينوبل في فرنسا، ويشيران إلى ما قد تبدو عليه مدينة الغد النظيفة: مركبات كهربائية صغيرة جدا للمسافرين داخل المدينة المرتبطة بنظام مرور ذكي. كلما كانت الحافلات والسيارات والشاحنات متصلة لاسلكيا بشكل أكبر، كانت قدرة خوارزميات البرمجيات أكبر على إعادة توجيه حركة المرور وتخفيف الازدحام وتحسين أمور السلامة. مع أن تلك الأفكار، قد تبدو رقيقة وغير جدية، إلا أنه يوجد أساس منطقي خلفها. قد يكون التوسع السريع والمحموم في صناعة السيارات خلال العقود الأخيرة، في الكثير من أجزاء في العالم، قوة مستهلكة، ولكن التنقل الشخصي يعد شيئا رائعا، بل إنه أمر مهم تماما للشخص. مع ذلك، لو كنت واحدا من المتنقلين في مومباي، حيث يكتظ 12.5 مليون شخص داخل حوالي 595 كيلومترا مربعا، وحيث إن قضاء 6 ساعات في الازدحام المروري ليس أمرا نادرا أو غريبا، فإن الذهاب إلى العمل بالسيارة سيكون مثيرا للجنون. فقط 14 في المائة من المتنقلين هناك يستخدمون السيارات الشخصية، وأكثر من نصف جميع العاملين يستخدمون القطار، وفقا لتقرير نشرته سكة حديد مومباي فيكاس. الصين، التي تعد واحدة من آخر الدول سريعة النمو في التوسع بصناعة السيارات، تُعتبر أرضا مقفرة بيئيا. أما في البلدان الغنية المشبعة بالمركبات، تقدم كل من شركة اوبر لخدمات حجز السيارات وشركات مشاركة السيارات مثل زيبكار بدائل لملكية السيارات لجيل الشباب المتنقل الذين توقفوا عن امتلاك سياراتهم بسبب التكاليف أو أولئك الذين يهتمون بالبيئة. تولّد السيارات والشاحنات والأشكال الأخرى من وسائل النقل حوالي 22 في المائة من انبعاثات الغازات في العالم، بحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة. وتزهق حوادث السيارات كل عام عددا هائلا من الأرواح- ما يقارب 1.2 مليون شخص في عام 2013، بحسب منظمة الصحة العالمية. لذلك، ماذا سيحدث عندما يزداد عدد السيارات والمركبات أكثر من الضعف على الطرق في جميع أنحاء العالم، من 900 مليون الآن (باستثناء المركبات ذات الإطارين أو الثلاثة إطارات) إلى 2 مليار مع حلول عام 2050، بحسب تنبؤات الوكالة الدولية للطاقة؟ يرى تويودا أن تطور السيارات لم يصل إلى نهايته بأي شكل من الأشكال، وبحلول الوقت الذي تنافس فيه سيارات الهيدروجين سيارات الوقود العادية (مثل البنزين والديزل)، يتصور وجود حتى أنظمة رادار أكثر ديناميكية وأشعة ليزر عالية الدقة وأنظمة بيانات تنبؤية تقلل من الوفيات الناتجة عن حوادث المرور. الأكثر من ذلك، يرى تويودا سيارة خلايا الوقود كعامل محفز، حسب تعبيره، «لخلق مجتمع يعمل بالهيدروجين». بدأت شركة تويوتا بتطوير سيارات خلايا الوقود في عام 1992، تقريبا في نفس الوقت الذي بدأت فيه عملها على محرك سيارة البريوس الهجينة من البنزين والكهرباء. مع حلول عام 2008، كان المدراء التنفيذيون يدركون تماما أن شركات سيارات ديملر وهوندا وهونداي كانت أيضا تتحرك بسرعة إلى الأمام بمشاريع سيارات الهيدروجين. قرر رئيس مجلس إدارة تويوتا، تاكيشي يوتشيامادا، الذي كان القوة الدافعة وراء سيارة بريوس، الانتقال بالسيارة من مرحلة التطوير إلى مرحلة الإنتاج الواسعة في ذلك العام. في ذلك الوقت، على أي حال، كانت تكلفة تصنيع سيارة خلايا الوقود قريبة من 1 مليون دولار للمركبة الواحدة، بحسب ساتوشي أوجيزو، المسؤول المنتدب لدى تويوتا المسؤول عن تطوير المنتجات وهندسة الهياكل. إن عدم قدرة شركات تطوير خلايا الوقود على خفض التكاليف كان سببا كبيرا لعدم بدء تطبيق التكنولوجيا خلال التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، على الرغم من وجود الكتب الأكثر مبيعا مثل كتاب (اقتصاد الهيدروجين) للمؤلف المستقبلي جيريمي ريفكين. بدأ عدد من شركات السيارات في تطوير مركبات خلايا الوقود، بدءا من سيارة» اف سي اكس» من هوندا، إلى «سيكويل» من جنرال موتورز، لكن تكاليف الإنتاج المرتفعة والتطورات التكنولوجية للبطاريات تسببت في سحب زخم الإنتاج من السيارات الكهربائية. تقول شركة تويوتا إنها صنعت سيارة الميراي بشكل مجدٍ اقتصاديا، وذلك عن طريق إعادة هندسة مكدس خلايا الوقود باستخدام مواد أقل كلفة، وعن طريق تقليل كمية البلاتين في الحافز الذي يفصل بين بروتونات الهيدروجين والإلكترونات (الكهرباء)، وعن طريق تقنين معدات الإنتاج لصناعة السيارة. يقول أوجيزو إن عمل تويوتا السابق المتعلق ببطاريات وإلكترونيات سيارة البريوس منحها أيضا ميزة، وأضاف: «لدينا هذا النوع من الشعور أننا استطعنا عمل ذلك بسيارة الهايبرد (الهجينة)، فلماذا لا نستطيع عمل ذلك في سيارة خلايا الوقود؟» يحصل مشروع تويوتا لإطلاق خلايا الوقود على الكثير من الدعم الحكومي في اليابان، حيث سيكون بعض الأوائل الذين تبنوا هذا المشروع مؤهلين للحصول على إعانة قدرها 2.75 مليون ين (23754 دولارا). في الولاياتالمتحدة، سوف تتقاضى تويوتا سعرا مقداره 57500 دولار لسيارة الميراي. قد تقلل الحوافز من الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات من السعر مبلغا يصل إلى 13000 دولار، وتخطط شركة تويوتا لتزويد الوقود مجانا للمشترين الأوائل. يستطيع الزبائن أيضا استئجار السيارة لثلاث سنوات بمبلغ 499 دولارا في الشهر. يمكن إعادة تعبئة خزان الهيدروجين لسيارة الميراي في أقل من 5 دقائق من خلال استخدام خرطوم كبير يقوم بضخ هيدروجين مبرد في خزانات السيارة المضغوطة. في كاليفورنيا هنالك 13 محطة أبحاث لتعبئة الهيدروجين، و9 محطات عامة، و18 محطة إضافية تم تمويلها، ومن المتوقع أن تبدأ العمل خلال السنوات القليلة القادمة. مع ذلك، قد يستغرق الأمر وقتا أكبر لحين إعطاء سوق سيارات الهيدروجين فرصة للتطور. يقول دان سبيرلنج، مدير معهد دراسات النقل في جامعة كاليفورنيا في ديفيس: «إن بنيتها التحتية مقيدة أكثر بكثير من المركبات الكهربائية التي يمكنك شحنها في المنزل». قد يكون الخصم الأكثر إلحاحا على تويودا هو الازدهار، حيث إن قيمة تويوتا السوقية بمبلغ 210 مليارات دولار أعظم من قيمة كل من فورد وجي ام وهوندا ونيسان مجتمعة- و8 مرات أكبر من قيمة تيسلا، الشركة المختصة في صناعة السيارات الكهربائية والتي تعود إلى إيلون ماسك. تعتبر سيارة كامري من تويوتا السيارة الأكثر مبيعا في أمريكا، وماركة لكزس التي أعيد إحياؤها وتشكيلة تويوتا حصلتا على المركزين الأول والثاني للسنة الثانية على التوالي في استبيان الجودة السنوي الذي تجريه مجلة «التقارير الاستهلاكية» الخاص بسوق السيارات الجديدة في الولاياتالمتحدة. إلى حد كبير، يستطيع تويودا إدارة الشركة لعقد آخر تقريبا، وبحلول ذلك الوقت، سيحصل العالم على حس أفضل فيما إذا كانت مسرحيته القديمة الخاصة بمركبات خلايا الوقود وأشكال جديدة من وسائل التنقل واقعية أو حقيقية. إنه عالم لم يكن ليخطر بأي حال على بال جده كيتشيرو. ومع ذلك، بطريقة أو بأخرى، فإن احتضان شركة تويوتا لفكرة سيارة الهيدروجين من المحتمل أن تؤثر على الطريقة التي نتذكر من خلالها آكيو بعد 30 عاما من الآن.