نحن مجتمع لم نتقدم بالجانب التقني والصناعي ولكننا تقدمنا بالجانب القيمي والأخلاقي، فإذا فقدنا هذا الجانب ماذا بقي؟! رأيت قبل أيام مناشدة لشاب يتيم ومعاق يناشدنا أن نزوره بعد أن أعرض عنه من حوله وتركوه وحيداً! وقبله حصلت مناشدة من مريض آخر فانطلقت الجموع لزيارته ودبجّت التغريدات والتقطت الصور ثم انقطعت الأخبار وكأن شيئاً لم يكن!. مثل هذه المناشدات تستدعي أكثر من تساؤل مرير: أين أقارب هؤلاء المرضى وجيرانهم ومعارفهم؟ فنحن مجتمع مترابط ولا يعقل أن يكون هؤلاء المرضى ليس لهم علاقة بأي بشر! أم أنهم الحصاد المر لمشاكل الأطماع التافهة والألسنة المنفلتة والظنون السيئة التي أدت إلى التنازع والتناحر بين الإخوان؟! ثم ما الداعي للفلاشات والابتسامات المرسومة التي تعمي الأبصار والبصائر مع كل زيارة أو عمل صالح؟! فهذه الفلاشات تقتل الإخلاص الذي هو أساس العمل، وتجعل عمر ما نقدمه قصيراً كقصر ومضة الفلاش! يجب أن نتنبه لهذه المناشدات فمجرد وجودها خطير، فكيف إذا كانت تتزايد؟! ننتظر من الآباء والخطباء والمعلمين والإعلاميين أدواراً أكبر من الحاصل الآن في المحافظة على قيمنا، وتقديمها وفق مبناها الحقيقي، فنحن نقدم للعالم أنموذجاً أخلاقياً مميزا كثيراً ما دفع من رآه إلى دخول هذا الدين العظيم. يقول هادي البشرية صلى الله عليه وآله وسلم «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا بن آدم مرضت فلم تعدني! قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني! قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟! يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني؟ قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي». هذا العبد الذي سيحاسبنا ربنا على تجاهلنا له، ورد بصيغة التنكير أي أنه ليس شرطاً أن يكون شخصية شهيرة أو وراءه مصلحة.