اليوم الخميس موعد اللقاء الجميل مع القراء الكرام بالموضوع الأسبوعي، وفي هذا اليوم يتزاحم ثلاثة موضوعات أرى أهميتها على فرشها في هذه المساحة المحدودة، و(كل واحد يقول أنا الأول/أنا الأهم)، والموضوعات هي: ميزانية الخير لبلادنا الغالية، التي سيتم الإعلان عن بزوغها بعد أيام قليلة، والحديث عنها، وعن المخصصات التي تمطرها حكومة خادم الحرمين الشريفين - أيدها الله - على القطاعات الحكومية المختلفة كل عام، ومدى ما يصرف منها على بناء الوطن والمواطن، وفي المقابل وبكل صراحة مدى ما (يُهْدَر) من تلك المخصصات هنا وهناك بطرق مختلفة، وبصور مؤلمة لا يرضاها ولاة الأمر، وسأعود للميزانية بعد قليل. أما الموضوع الثاني فهو تخصيص هيئة الأممالمتحدة اليوم التاسع من شهر ديسمبر من كل عام (يوما عالميا لمكافحة الفساد)، ورغم أننا في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر ومرور نحو 3 أسابيع على اليوم المذكور، فإنني أعترف بأن تناولي هذا الموضوع الآن، ومتأخرا عن موعده.. هو ضَرْب من الفساد!. وكم كانت نظرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ثاقبة، وبعيدة المدى حين أمر - أيده الله - بإنشاء (الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد)، وسأعود لهذا الموضوع أيضا، لكن قبل أن انتقل للموضوع الثالث، أعرض هذه المداخلة المعنوية الطريفة لكلمتي: مكافحة، ومحاربة، فعلماء المنطق واللغة يرون وجود فرق بين الكلمتين، فالمكافحة تعني عملا وقتيا إجرائيا، يؤدي مهمتها في زمن معين ومحدود، لكنه لا يقضي على جذور الشيء المُكافَح، أما المحاربة فهي الفعل الدائب/الدائم المستمر، ما دام السبب قائما (وإن كان البعض منهم يرى المهمة معكوسة بين الكلمتين) (فكل محاربة مكافحة، وليس كل مكافحة محاربة)، ولهذا أقترحُ تغيير اسم كل هيئات المكافحة إلى هيئات محاربة.. خرجنا من صلب الموضوع وسنعود له بعد قليل. أما الموضوع الثالث فهو عبق تلك الحميمية الملحوظة بمعناها العاطفي والعملي بين كُتّاب هذه الجريد كافة، والجريدة نفسها، ومدى ما يربطهم بها وبقُرّائها من وشائج ومودة، وبخاصة حينما نقرأ بين حين وآخر مقالات جميلة تُكَرِّس تلك الحميمية، وتُدْخِلُها في حَيّز التطبيق، حتى قبل احتفال (اليوم) بمرور خمسين عاما على إنشائها بوقت طويل. أما هذه الأيام فقد زاد في رأيي ذلك الترابط بين (اليوم) ونجومها، أقصد كُتّابها، دون انتظار أي أحد منهم حتى أدني (بُرقَة ثَهْمَدية) من الجريدة. ولعل عودة أستاذتنا الأديبة الدكتورة أمل الطعيمي إلينا نحن قرّاءها، وعدولها الكريم عن ابتعادها عن الكتابة للجريدة لموقف ما .. هو آخر مَثل، يمكن أن نَسُوْقَه في هذا الأمر. ونعود للميزانية التي نتباشر بقدومها، وبسماع تلك الحزمة من: (بيان من الديوان الملكي)، فنهرع الى مكاتب الوزراء والمسؤولين نطالبهم بما خصصه ولي الأمر لوزاراتهم منها، وفي ذلك لن نلتفت لبعض الأصوات النشاز التي ترتفع هنا، وهناك حول المساهمات الإنسانية المختلفة السخية التي تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية للأخوة والأشقاء والأصدقاء في مختلف الدول بزعم أنها تكون على حساب المواطن السعودي، كما لن نلتفت إلى أسلوب (المحاسبة) والتخوين الذي يعرضه البعض في مختلف الوسائل بمجرد إعلان أرقام ميزانية الخير الوطنية. إننا نعيش في رخاء حقيقي تُتَرجمه الحالة الاقتصادية العامة المستقرة، ويترجمه ما يشعره المواطن والمقيم من فرق في كل الأسعار والمعيشة بين داخل المملكة وخارجها. أما الفساد فأمره عويص، ومحاربته أو مكافحته تبدأ من محاربة الإنسان نفسه الأمارة بالسوء، والفساد من أكبر وجوه السوء. فماذا بوسع الدولة - رعاها الله - ومعها كامل جهاز (هيئة مكافحة الفساد) أن تعمل وتحارب وتكافح إذا كانت نفوس بعض كبار وصغار بيننا يعشش فيها الفساد بكل أشكاله؟، يعني أن الدولة لا يمكنها (وحدها) أن تقضي على الفساد بضربة عصا سحرية، وبكلمة: ادفن إلى الأبد كل إفساد، وفساد، بقدر حبك الفطري للإصلاح، والصلاح. أما الموضوع الثالث، وهو كُتّاب الجريدة، فأكتفي بما ذكرته آنفا، ومع الختام باقات من الورد لكل من: ميزانية الدولة ومحاربة الفساد، وجريدة اليوم، وكتابها، وللقارئ الكريم. وكل ميزانية خير وأنتم بخير. * شاعر، وكاتب، عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي، والمدير الإداري