تبوّأت الأحساء من الإعلام السعودي المقروء خلال السنوات الأخيرة موقعاً استراتيجياً قياساً بالماضي الذي كان يتلهف فيه المواطن لرؤية اسمها في الصحافة أو سماعه في الإذاعة أو التليفزيون، ويفرح فرحاً شديداً حين يحدث ذلك ويكون في الأغلب عارضا بخلاف الوقت الراهن الذي نالت فيه الأحساء نصيباً وافراً من الحضور الإعلامي المقروء ولاسيما في جريدة (اليوم). ولا نقلل من اهتمام الصحف الأخرى التي أولت الأحساء عنايةً واهتماماً ملحوظين، بفضل كثافة مراسليها التي تزايدت خلال السنوات الأخيرة حتى غدا لكل صحيفةٍ مجموعة مراسلين، الأمر الذي حدا بقياداتهم التحريرية لتصنيفهم مهنياً وفق اختصاصاتٍ محددةٍ، مما أثرى صحفهم بالمواد التحريرية الجيدة والموسعة وذات الطرح الشامل والمتعمق والمتخصص. ولكن، مع كل ذلك المجهود الذي نقدره لتلك الصحف ومراسليها تبقى صحيفة (اليوم) هي الأبرز في تغطياتها لمناسبات الأحساء وأنشطتها المختلفة ونشر أخبارها وفعالياتها وأحداثها وتسليط الأضواء الكاشفة على تراثها وقضاياها الاجتماعية وحاجاتها الخدمية من خلال الجولات الميدانية على مدنها وقراها وهجرها والتحقيق في أي قضيةٍ اجتماعيةٍ أو أمنيةٍ واستطلاع رأي المختصين فيها، بما يكسبها عمقاً وثراءً وأهمية، علاوةً على الحوارات واللقاءات مع المسؤولين في كافة الجهات الحكومية إداريةً كانت أو أمنيةً أو تعليميةً أو ثقافية وغيرها، وإحصاء كل شاردةٍ وواردةٍ من أخبارها التي تجد لها في هذه الصحيفة الصدر الرحب الذي لا يضيق أبداً. أقول ذلك، بحكم تعلقي بها كقارئ منذ سنة 1407ه حتى هذا اليوم، ولا يكاد يفوتني عدد من أعدادها ولا تغنيني عنها أي صحيفة أخرى، فإذا قرأت (اليوم) تكفيني عن قراءة كافة الصحف المحلية، وليس ذلك تقليلا من شأنها ولكن هذه الجريدة تعنى بالأحساء عنايةً خاصةً تفوق جميع الصحف السعودية وهذا يعود لعدة أسبابٍ منها: أن هذه الصحيفة تصدر في المنطقة الشرقيةوالأحساء أكبر محافظاتها على الإطلاق وعدد محرري مكتبها في الأحساء أكثر من عدد محرري أي مكتبٍ آخر من نظيراتها، كما أن عدد المشتركين من أبناء الأحساء وشركاتها ومؤسساتها العامة والخاصة يفوق أي محافظةٍ من محافظات المنطقة الشرقية والمملكة عامة، فضلاً عن معرفة المسؤولين في هذه الجريدة بأهمية الأحساء تسويقياً وتجارياً واقتصادياً مع الإيمان بعمقها الحضاري والثقافي وتنوع أنشطتها وكثافة سكانها واتساع رقعتها الجغرافية وكثرة علمائها ومثقفيها ومبدعيها في كافة المجالات واطِّراد حركتها الفكرية ومشهدها الثقافي. وهذه العناية الكبيرة التي لقيتها الأحساء من صحيفة المنطقة، دعت أهاليها لإيثارها على غيرها من الصحف المحلية حتى أنه لا يكاد يوجد بيت أو شركة أو مؤسسة ونحوها إلا ولديها اشتراك، ولكن هذه العناية وإن كبُرت لا تغني عن إصدار جريدةٍ خاصةٍ بالأحساء لأنها تحتاج لجريدةٍ مستقلةٍ شأنها شأن غيرها من مناطق المملكة بحكم إستراتيجيتها الجغرافية والاقتصادية وعراقتها التاريخية ومكانتها الثقافية والعلمية وكثافة سكانها واتساع مساحتها وتعدد أنشطتها، وكونها منطقة جذبٍ سياحي، وهذه الاعتبارات وغيرها لا تخولها لصحيفةٍ مستقلةٍ فحسب بل لمحطتي تليفزيونٍ وإذاعة، نظراً لتردد عددٍ من المثقفين باستمرارٍ على إستديو الدمام للمشاركة في برامجه، الأمر الذي يشكل لهم عناءً بسبب بُعْد المسافة بين الأحساءوالدمام التي تبلغ 320 كيلو متراً ذهاباً وإياباً مما يهدر أوقاتهم ويرهقهم. كما أن كثرة العلماء والأدباء والمفكرين والإعلاميين في الأحساء يحتّم إنشاء إستديو إعلامي فيها، يسهم في دعم الحراك الثقافي والإعلامي بما يصب في مصلحة الوطن ومواطنيه. وجميع مقومات الأحساء الثقافية والعلمية والأدبية والفنية والحضارية تؤهلها لإنشاء محطة تلفزيونٍ وإذاعةٍ ومؤسسةٍ صحفيةٍ تسهم في رقيها وتقدمها الثقافي. وقد طالب نفر من الأدباء بهذه المؤسسات الحيوية التي باتت الحاجة إليها ملحةً مع تزايد أعداد العلماء والمثقفين والفنانين والمبدعين، الذين يحتاجون لرئاتٍ فكريةٍ يتنفسون خلالها أكسجين الثقافة، ويبثون فيها أريجهم ويقدمون إسهاماتهم الثقافية وأفكارهم ورؤاهم التي تسهم في خدمة البلاد اجتماعياً وثقافياً وحضارياً.