في الخليج، الأمواج تطفو على السطح، والقارب يترنح، والنواخذة كثر، والمتمسكون بأمل النجاة من غرق الأولى يتقلص عددهم من ميناء لآخر، ولكن الألم في (جميل) لم يتحول حتى الان لواقع مسلم به، فالقارب الأخضر بشراعه الأصفر يحتاج لهمة رجاله ومحبيه وجماهيره للوصول إلى شاطئ الأمان بتحقيق البقاء ضمن الكبار. أبلى الخليج- الزائر الجديد ل(جميل)- بلاء حسنا أمام الكبار رغم خسارته من النصر والاتحاد والأهلي والهلال والشباب، وقدم مستويات طموحة عالية الجودة وصلت لحد الإبداع وصفق لها الجميع. ولكن مشكلة "الدانة" حسابية ونقطية مع الفرق التي يتصارع معها في سباق البقاء، وهو الهدف المعلن والمنطقي لفريق صعد مرتين وعاد أدراجه للمحطة الأولى، ففي اللقاءات التي يفترض فيها إيداع نقاطه في بنك الدوري وخصوصا التي تقام على أرضه يخسر أو يتعادل فيها فالتهم هجر نقاطه في الدمام واقتنص الفتح نقطة التعادل وخطف الشعلة نقطة ثمينة وخسر من نجران في المواجهة الأخيرة. في الخليج أشياء جميلة ضلت الطريق، وتحولت من ورد لشوك، فهل يعقل أن يستمر المدرج الخلجاوي في مواجهات جميل بالدمام حملا وديعا بعد أن كان زئيره يرعب الخصم، ويطرب السامع، ويردد الجميع أهازيجه وأغانيه؟! من أخمد هذا الصوت الذي كان يوما سفيرا لدانة سيهات حتى بدون نتائج أو ألقاب؟! مهما تكن من مبررات واهية، وأعذار ترمي اللوم على صناع القرار، فالجمهور الخلجاوي لم يكن في يوم من الأيام تابعا، بل كان قائدا، وقائدا ملهما يرسم الانتصارات لفرق النادي في الصالات والمدرجات، وحالة الغياب التي يسجلها في دوري جميل غير مقبولة وغير مبررة، فقد ألقت بظلالها على كيانهم الذي أصبح وردة يحيطها الذبول. في أزمات خلجاوية كثيرة إدارية منها أو فنية، كان الجمهور الخلجاوي مفتاح الحل، وليس جزءا من الأزمة، والمطلوب منه في هذه المرحلة أن يلعب دوره التاريخي، فالحضور والمساندة واحياء الحماس في أروقة النادي هي مهمته بعد أن تجرأت العتمة على أخذ مساحات واسعة من طريق الخليج الذي كان يتوهج بضوء التفاعل المجتمعي والرياضي. البقاء في "جميل" مسؤولية كل الخلجاويين وليس فقط الإدارة، وروح المسؤولية في هذه المرحلة تتطلب غض الطرف عن الأخطاء وتعزيز الايجابيات، وأهم تلك الايجابيات وجود عناصر في الفريق الكروي قادرة على تحقيق حلم البقاء، خصوصا أن المستويات جيدة والحسابات قد تتغير في المرحلة القادمة شريطة التمسك بكبر الأمل وإخفاء ألم الأخطاء إذا خاب الظن في معالجتها..!! حلم البقاء تبخر في مناسبتين سابقتين، وكانت الأخيرة أقرب للفرح من الجرح بالنسبة للخلجاويين لولا سوء الطالع آنذاك في الجولة الأخيرة من عمر الدوري، والثالثة يجب أن تكون ثابتة لعشاق الدانة، والمنطق يقول إنها صعبة وليست مستحيلة خصوصا أن مستويات ثلث فرق الدوري هذا الموسم متواضعة.