حذر خبراء اقتصاديون من نشوء فقاعة سعرية قادمة من خلال ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات تلقي بظلالها على الصناديق العقارية التي تضم شريحة الأفراد، مشيرين الى أن هذه «الفقاعة» تتوزع على الوحدات التي يشترك فيها الأفراد، فهبوط الأسعار سيكون على شريحة الأفراد كما حصل في الصناديق البنكية عند انهيار الأسهم في عام 2006. وأكد الخبراء أن المستثمرين يريدون سلعة قابلة للمضاربة بشكل كبير، لذلك توجهوا لصناديق الاستثمار العقاري، حيث نتجت مشكلة ارتفاع في قيمتها بما قد يسمح بانخفاض في قيمتها السوقية لاحقا ما يؤثر كثيراً على ثقة المستثمرين فيها بشكل كبير. ويرى الخبير الاقتصادي علي بوخمسين أن قرار مؤسسة النقد بالسماح بطرح صناديق استثمار عقارية تديرها البنوك بمثابة الحل المناسب لمشكلة المساهمات العقارية المتعثرة والتي تسببت في خسائر مالية كبيرة لكثير من المواطنين، كما تسببت بإحراج كبير لوزارة التجارة في قصورها عن وضع حلول لهذه المشكلة، لأنه من الجهة الأخرى هناك فائض مالي كبير يرغب في الاستثمار بالسوق العقاري. بعد تعثر المساهمات العقارية في السابق أنشئت فكرة الصناديق العقارية البديلة للمساهمات العقارية تحت مظلة قانونية ولائحة تنظيمية وتشريعات هيئة سوق المال. وبين أن هناك طلبا عاليا على مخرجات الاستثمار العقاري من أراض مطورة أو وحدات سكنية وخلافه لذلك كانت الظروف مهيأة لبزوغ نجم الصناديق الاستثمارية العقارية والتي كانت تلبي مطالب كلا الجهتين المستثمرين والمستهلكين وتنال رضا الأجهزة الحكومية لكونها قناة استثمار آمنة وقابلة للمراقبة. وأوضح بوخمسين «تعمل هذه الصناديق على المحافظة على أموال المواطنين من السرقة والاحتيال كما حصل مع بعض عمليات المساهمات العقارية التي كان الهدف منها سرقة أموال المساهمين بشكل واضح، وتظل مشكلة هذه الصناديق في طبيعتها الأصلية كأداة استثمار مالي تحمل مخاطر من نوع آخر يتعلق بكونها أداة مضاربة مالية وتتداول بالسوق المالية». وأشار الى أن أسباب ارتفاعها وانخفاضها لا تتعلق بقوتها الذاتية بل أيضاً تخضع للمضاربة من جانبين لكونها أداة استثمار مالي ومتعلقة بالسوق العقاري، موضحا أن عدد الصناديق العقارية الحالي صغير ولا يتناسب وحجم السوق العقارية وحجم الأموال المطلوب استثمارها بالسوق العقارية، وأضاف: «هذه ظاهرة غريبة تستدعي النظر والصناديق العقارية لم تأخذ مداها الطبيعي من حيث العدد والحجم والانتشار الى الآن مع العلم، أننا بحاجة لها ومن هنا بدأت المشكلة بالبروز فحينما تتعرض السوق المالية للانخفاض تتوجه الأنظار للجانب الآخر وهو السوق العقارية وهذه السوق أحيانا قد لا تستوعب بسرعة الأموال القادمة إليها». وتابع «المستثمرون أنفسهم يريدون سلعة قابلة للمضاربة بشكل كبير، لذلك توجهوا لسلعة تحقق متطلباتهم وهي صناديق الاستثمار العقاري ومن هنا تأتي مشكلة ارتفاع في قيمتها بشكل قد يكون غير حقيقي بما قد يسمح بانخفاض في قيمتها السوقية لاحقاً، وهذا سيؤثر كثيراً على ثقة المتعاملين بها والمستثمرين فيها بشكل كبير، وذلك بدوره سوف يتسبب في حرمان السوق العقارية مستقبلاً من أموال مطلوبة جداً لمقابلة الطلب العالي للاستثمار بالسوق العقارية». من جانبه، قال الخبير المالي سعد الفريدي إن الاقتصاد الإسلامي يقوم على المشاركة والأوعية التي تؤدي إلى تعبئة المدخرات بطريقة المساهمة في ملكية رأس المال والمشاركة في مخاطر الاستثمار وأرباحه كما هو معمول الآن في المملكة هي الأوراق المالية الأسهم والسندات الصكوك والصناديق العقارية مؤخراً. وأوضح الفريدي أن غاية تلك الأسواق هي إيجاد سوق مستمرة ودائمة يتلاقى فيها العرض والطلب والمتعاملون بيعاً وشراءً وهذا أمر محمود ومفيد ويمنع استغلال المحترفين للغافلين الذين يحتاجون إلى بيع وشراء ولا يعرفون حقيقة الأسعار ولا يعرفون من هو المحتاج إلى البيع ومن هو المحتاج إلى الشراء. وأشار الى أن الصناديق العقارية تقسم إلى ثلاثة أقسام: المستثمرين والمختصين والمضاربين، وكل ما يهم الآن هو ارتفاع قيمة العقار إن كان أرضا خاما أو معدة للبناء أو في نهاية المطاف مقرونة بارتفاع أسعار المنازل بناء على المداخيل بالتكلفة الإجمالية. وأكد الفريدي أن المساهمات العقارية الآن متواجدة بشكل غير رسمي ومن السهل جداً نشأتها وتعتمد بالدرجة الأولى على الثقة بين المطور العقاري والعميل المساهم، ولذلك ينشأ تجار الشنطة أو التكتل عبر المساهمة في المجموعات وتشكيل محفظة استثمارية بحساب جار لشخص معين يكتتب فيه مجموعة من الأفراد كل حسب السيولة المتوفرة لديه وتوزع هذه الأرباح المحققة على نسبة رأس المال. وأضاف «بعد تعثر المساهمات العقارية في السابق أنشئت فكرة الصناديق العقارية البديلة للمساهمات العقارية تحت مظلة قانونية ولائحة تنظيمية وتشريعات هيئة سوق المال، ومقارنة مع نشوء الصناديق البنكية تعتبر من المدخلات التي ساعدت في تضخم أسعار الأوراق المالية خلال الأعوام من 2003 و 2005 بارتفاعات جنونية وغير حقيقية انعكس أثرها السلبي كمخرجات على واقع مرير لشريحة الأفراد وتحقيق الثروات على حساب البسطاء». وتابع « قامت هيئة السوق المالية بتطوير الصناديق العقارية والعمل على تحسينها بالتعاون مع ذوي الاختصاص وبادرت إلى تطوير لائحة لصناديق الاستثمار العقاري وتم تطبيقها وإنشاء صناديق استثمار عقارية ارتفع عددها إلى 15 صندوق بإجمالي أصول يبلغ نحو 3.5 مليارات ريال، وتم طرح 5 صناديق استثمار عقاري طرحا عاما أو بإجمالي أصول يبلغ نحو 2.4 مليار ريال، إضافة إلى صندوق كسب الأخير الذي بدأ الاكتتاب فيه، إضافة إلى 10 صناديق استثمار عقاري مطروحة طرحاً خاصاً بحجم أصول يبلغ1.1 مليار ريال». وأضاف أن ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات يعطي مؤشرا لنشوء فقاعة سعرية قادمة تلقي بظلالها على الصناديق العقارية التي تضم شريحة الأفراد، وتتوزع هذه المخاطر «الفقاعة» على الوحدات التي يشترك فيها الأفراد، فهبوط الأسعار سيكون على شريحة الأفراد كما حصل في الصناديق البنكية بانهيار الأسهم في عام 2006.