تتجه أسعار معظم الأسهم ذات العائدات المغرية إلى مستويات جديدة منخفضة، وهذا بلا شك مؤشر قوي على الارتداد المتوقع لمؤشر سوق الأسهم السعودية قبل نهاية الربع الرابع من هذا العام بوقت كافٍ ليعطي المستثمرين الفرصة لشراء الأسهم التي تساهم في تنمية استثماراتهم. ولله الحمد اقتصادنا قوي وسوقنا المالية ناشئة ومشجعة، لكن هيئة سوق المال بحاجة لمعرفة أساليب تدليس إدارات الشركات للقوائم المالية، ناهيك عن ضرورة توافر ضوابط الحوكمة الذكية والصارمة التي تزيد من ثقة المستثمر وتساعد على استقرار نفسيته. ولا تستطيع هيئة سوق المال جذب المستثمرين إلى سوق المال في المملكة إلا بتوفير الأنظمة التي تحمي استثماراتهم من التدليس وسوء الإدارة من قبل إدارات الشركات المدرجة في السوق المالية. ونرى ردة فعل المستثمر الذي يستثمر اليوم في سهم اقتنع بأنه قوي ليرى فيما بعد أنه سهم يتراجع ليسجل مستوى منخفضا جديدا بعد توزيع الأرباح. وقد يكون أحد الأسباب تصريف بعض الصناديق الاستثمارية للأسهم بأسعار عالية وشراءها بأسعار منخفضة جدا. إن الخوف من مفاجآت هيئة سوق المال لا يعطي السوق فرصة للاستقرار والنمو وإعادة الثقة للمستثمرين. وبمراجعة حديثة لأرباح وأسعار الأسهم السعودية وجدت أن المكررات الربحية لأسهم بعض الشركات تحت الثلاثة عشر ريالا ما يشير إلى جاذبيتها للاستثمار في المدى البعيد. تحتاج هيئة السوق لمتخصصين في علم النفس مثلما هي بحاجة لمتخصصين في علم الاقتصاد ونظم المعلومات والمال والقانون لأنها تتعامل مع مستثمرين تؤثر فيهم نفسياً المفاجآت غير الواضحة الأهداف، فهي في الحقيقة تهدف لإضعاف المضاربة التي تعد ذات أهمية لروح السوق ونشاطاته. ولمعرفة أهمية المضاربة في سوق الأسهم، علينا أن ننظر إلى سهم سيتي قروب Citi Group في سوق الأسهم الأمريكية الذي انحدر في عدة أيام من 26 دولارا إلى 14 دولارا ثم عاد إلى مستويات 20 دولارا خلال أسبوع. كانت المضاربة السبب الحقيقي وراء انخفاض وارتفاع سعر سهم سيتي قروب ولم تعاقب هيئة سوق المال الأمريكية المضاربين على سلوكهم أو التدخل في العملية الاقتصادية الطبيعية، حيث تركت قوى السوق تحدد سعر العرض والطلب. لا شك أن هيئة سوق المال لديها حسن نوايا لتحسين أداء السوق المالية، لكن أداء سوق الأسهم لا يقاس بحسن النوايا وإنما بنمو قيمة وعائدات الأسهم على المستثمرين. هيئة سوق المال تضعف ثقة المستثمرين والمضاربين في سوق الأسهم السعودية بما تصدره من غرامات عقابية. كيف يمكن للمستثمرين والمضاربين كسب الثقة في سوق لا يتمتع بهيئة سوق مال على درجة عالية من الخبرة والمعرفة بسلوكيات الشركات والمستثمرين، وذلك لتستطيع تقديم أنظمة فاعلة تسهم في زيادة الثقة بالسوق؟ وسأكمل في الأسبوع القادم الحديث عن إعادة الثقة بسوق الأسهم وتقديم النصائح عن هيكلة هيئة سوق المال وتطوير أداء حوكمة الشركات المدرجة وشفافية التقارير المالية للشركات.