لم تعد دورة الخليج تعترف «بحب الخشوم» كما كان في السابق، وأصبح للبطولة لوائح وقوانين تطبق بصرامة شديدة على الكبير قبل الصغير، فلم يعد المجال لأحد أن يفلت من العقوبة، ولنا في ايقاف مدير الكرة في المنتخب الكويتي طلال المحطب خير مثال بعد تصريحاته التي اطلقها مؤخراً، فالأمر لم ينته عند الاعتذار ومحاولة لملمة الموضوع ودياً، بل خضع المحطب للنظام، ولم تمنع خصوصية الدورة من عدم تطبيق القانون عليه. الامر لم ينطبق على المحطب نفسه بل على الحكم السعودي مرعي عواجي الذي استبعد من الدورة بسبب تصريحاته. دعونا في البداية نعترف بأن القانون والنظام والمحاسبة في مجتمعاتنا الخليجية تطبق على الضعيف والفقير والدرويش وكل من يسبح في هذا الفلك.. وتسقط عن الغني والقوي والنافذ ومن يسبحون في بحر الواو.. هذه القاعدة في كل مجالات الحياة.. إلا ما ندر. تلك حقيقة لا جدال فيها.. نعم تقلصت مع الألفية الثالثة.. لكنها ما زالت قابعة على قلوبنا.. لم يستطع أصحاب الشأن تحريك ساكن تجاهها. والمجال الرياضي.. مضمار خصب جدا لتكريس تلك القاعدة في مجتمعاتنا الخليجية.. خصوصا أن أصحاب النفوذ والمكانة الاجتماعية في مأمن من هشاشة العقوبات التي تطال أنديتهم.. فما بالك بوصولها لشخوصهم. تلك المتناقضات نخرت في الجسد الرياضي الخليجي كثيرا.. بل جعلته مريضا رغم المكابرة وتزييف الحقائق التي بدأت تتكشف أكثر وأكثر نتيجة تراجع الكرة الخليجية في الميادين القارية والعالمية. الجميع يطالب باحتراف اللاعبين خارجيا لتقليد اليابان وكوريا واستراليا.. والجميع يطالب بإرسال المواهب الصغيرة لأكاديميات عالمية.. والجميع يطالب باحتراف حقيقي في دول الخليج.. لا احتراف وهمي يسهر فيه اللاعب والنجم حتى الصباح.. وعلى عينك يا تاجر. ورغم مشروعية تلك المطالب.. إلا أننا ندفن رؤوسنا في الرمال.. عندما نتحدث عن النظام والقانون الذي يجب أن يسري على الجميع.. حتى تعود العربة للسكة بالنسبة للكرة السعودية على وجه الخصوص والخليجية على وجه العموم. ليس مطلوبا منا أن نعود للوراء في المطالبة بتطبيق النظام والقانون على الجميع.. حتى لا تحدث الفوضى في الوسط الرياضي.. ويسبح الجميع بين مؤيد ومعارض في بحر التناقضات بين حادثة وأخرى.. يكون فيها الفعل من جنس العمل.. والعقوبة مختلفة بين الحادثتين المتشابهتين فعلا وسلوكا ولفظا ومعنى. زمن المجاملات ولى.. وزمن اللف على القانون والنظام ولى أيضا.. فما عادت الكرة في الخليج تحتمل زرع الأشواك في طريقها.. خصوصا أن المسافة بينها وبين كرة شرق القارة اتسعت بما فيه الكفاية.. والسير على نفس المنوال السابق.. يعني إعلان وفاتها بالكامل.. لأننا سنجد الهند وفيتنام وتايلاند وغيرها قد تقدموا علينا.. ومن يستغرب من هذه المعادلة فلينظر إلى الكرة من كل الزوايا.