أجمع المشاركون في اللقاء الوطني العاشر للحوار الفكري بمشاركة نحو 70 مشاركا ومشاركة من العلماء والدعاة، والمثقفين، والإعلاميين، والمهتمين بالغلو والتطرف، وانعكاساتها على المجتمع، بأهمية المحافظة على الوحدة الوطنية، وأن يكون المواطن مسؤولا عن تعزيزها، كما بينوا أن الأحداث الإرهابية التي مرت بها المملكة تزيد المجتمع تماسكاً ووحدة. وأعلن مجلس أمناء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أن الإرهاب والعنف هو عدو الوطن الأول، وأن ما حصل في قرية "الدالوة" هو جريمة شنيعة راح ضحيتها أبرياء، داعين الله أن يغفر لهم وأن يرحمهم برحمته، ووجهوا تعازيهم إلى أسرهم كما دعوا للمصابين بالشفاء العاجل. وبينت جلسات الحوار الوطني الذي أقيم تحت عنوان: "التطرف وآثاره على الوحدة الوطنية" في عرعر أمس، أن المجتمع وقف بهيئة كبار علمائه وبجميع فئاته ضد هذا الإجرام، وأن الوطن والمواطنين بجميع فئاتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم هم أمناء على هذه الوحدة الوطنية وأمنها واستقرارها، وأن ما يمس أي مواطن ومواطنه يمس الجميع. وفي الجلسة الأولى، ومن خلال المحور الأول: "التطرف والتشدد.. واقعه ومظاهره"، بين المشاركون والمشاركات عبر مداخلاتهم، أن البعد عن الدين والوسطية والاعتدال هو السبب الرئيسي للتطرف، إضافة إلى أن العنف وخشونة التعامل وسوء الظن بالناس والسلبية ورفض المعايير والقيم والسلطة من أبرز مظاهر التطرف. وأشاروا إلى أن التطرف يعني التشدد مع وجود الرخص، كما أن تناقص دور الوالدين في التربية، ومشاركة الإعلام ووسائل التواصل من أسباب نشوء التطرف، وأن المتطرفين متغلغلون في مجتمعنا وإن كانت ترفع شعار الوسطية، إلا أن التطرف صنيعة أشخاص يكرهون الوطن ويكرهون علو الأمة واجتماع كلمتها. وذكر المشاركون، أن أبرز مظاهر التطرف العنف وخشونة التعامل وسوء الظن بالناس والسلبية ورفض المعايير والقيم والسلطة، وأن الخوارج لم ينصروا الإسلام ولم يكسروا الكفار، وأن البعد عن الدين والوسطية والاعتدال هو السبب الرئيسي للتطرف، ويجب تحديد مفهوم التطرف، وسمات المتطرف خطوة مهمة لمواجهة هذه المشكلة. وشددوا على ضرورة طرح برامج توعوية عن التطرف وخطره على المؤسسات التعليمية، كما بينوا أن المدرسة قد تكون سبباً للتطرف عبر المنهج الخفي وليس المنهج الرسمي، وأن ممارسة التطرف موجودة داخل الأسرة ومعالجتها تبدأ من الأسرة ذاتها، وأن تفكيك هذه الظاهرة يتم بمعرفة أصلها وأسباب نشأتها وهو أمر لا يحدث عبر الخطاب الوعظي التقليدي. وأن التعليم بدأ بتجفيف منابع التطرف في المناهج باستبعاد أفكار بعض أصحاب هذا الفكر، كما أن التطرف منتج قبلي بامتياز منذ عصر الجاهلية وسيستمر معنا ما لم نقم بتعديل هذا الفكر، مبينين أن نقد المتدين لا يعني نقد الدين، وأن المتطرفين يطلبون المستحيل وهو الكمال، وينزلون الصغائر منزلة الكبائر. وتطرقوا في الجلسة الأولى، إلى أن التطرف موجود في مناطق معينة، وأن كشف المتطرفين وملاحقتهم أمر ضروري، كما أن واقع التطرف لا يمكن إنكاره، وإن كان مرفوضاً من معظم فئات المجتمع، وعلى الرغم من أن التطرف في انحسار؛ إلا أن المتطرفين في خنادقهم يسممون أفكار المجتمع تجاه علمائه وقياداته. وطالبوا بإدراج مواد لتدريس آليات مواجهة التطرف ومكافحة الإرهاب، خاصة وأن المملكة من أوائل الدول في مجال مكافحة الإرهاب، إضافة إلى إنشاء جهاز وطني لاستقطاب الكفاءات الوطنية المُهمَّشة، والقضاء على البطالة لأن ذلك جزء من مواجهة الفكر المتشدد، خصوصا أن العاطلين عن العمل يعتبرون لقمة سائغة لدعاة التطرف. ودعا المشاركون إلى عدم إغفال التطرف الذي يدعو للإلحاد ويستهزئ بالدين، والتركيز على التشدد الديني فقط، بالإضافة إلى الدعوة لوجود دراسة مؤصلة عن التعايش بين الفئات الذهبية في المجتمع، إضافة إلى أهمية تبنِّي مركز الحوار للوسطية حتى في اختيار المتحاورين. وفيما يخص الدين، قال المشاركون، إن للتطرف أوجها متعددة، وأن التطرف الليبرالي ضد الدين لا يقل خطورة عن التطرف الديني، كما أن أحادية الفكر والوصاية على الإسلام واحتكار الصواب من مظاهر التطرف، وأنه موجود في كل مكان، لكنه في مجتمعنا لبس لباس الدين وهذا مصدر الخطورة، مما يؤكد أن مواجهته مسئولية الجميع. وفي الجلسة الثانية للقاء الوطني العاشر للحوار الفكري، تم التطرق في المحور الثاني إلى "العوامل والأسباب المؤدية إلى التطرف والتشدد"، وجاء في مداخلات المشاركين والمشاركات، أن استخدام القوة والعنف في التعامل مع المتطرفين قد يزيد المشكلة سوءاً ولا يسهم في معالجتها. وبينوا أن الرفاق أحد أقوى عوامل التأثير على الشباب والمراهقين فيما يتعلق بالانحراف الفكري نحو التطرف، كما أن غياب مراقبة الأهل لأبنائهم إهمالاً أو جهلاً؛ يجعل من الضروري توجيه التوعية لهم قبل أبنائهم، وأن عدم وجود مراكز متخصصة يتجه إليها الوالدان عندما يلاحظون مؤشرات التطرف لدى أبنائهم. وشددوا في الجلسة الثانية، إلى أهمية مراقبة قنوات الشعر الشعبي، وأنها تغذي نبتة التطرف التي تروج للعنف والدم، كما أن طريقة التدريس القائمة على التلقين أحد العوامل المؤدية للتطرف لما فيها من تعطيل للفكر، وأن المنهج الخفي "الانترنت، والأصدقاء، واستفزاز المشاعر الدينية، والفتاوى الضالة من عوامل التطرف". وأكدوا على أن استفزاز بعض كتاب الأعمدة الصحفية لفئات المجتمع المتدين أسهم في التراشق بين الفئتين، وأن استفزاز المشاعر الدينية والإلحاد وجه آخر للتطرف المسكوت عنه، وأن المتطرفين صنعوا نصاً مقدساً موازيا للنصوص الشرعية واجتهدوا في نشره. وتطرق المشاركون في الجلسة، إلى أن تمكّن شخصيات تحمل هذا الفكر من مواقع قيادية ومناصب مهمة في الدولة سهل نشر هذا الفكر، إضافة إلى غياب الدراسات والإحصائيات وآليات احتواء الشباب يُعمَق مشكلة التطرف، وأن الاهتمام بالمناطق الحدودية وتنميتها لمنع تسرب الأفكار الدخيلة إليها. وبينوا أن عدم الجدية في مراقبة بدايات التطرف ومؤشراته الأولية أدى إلى النتائج التي نراها الآن، وأن الفرق بين التطرف والإرهاب هو أن التطرف فكر والإرهاب سلوك، وأن الجهل بالدين، وإسقاط الرموز الشرعية الصحيحة الموثوقة أمر خطير، يخلي الساحة لرموز الجُهال الذين لا يفهمون مقاصد الشريعة. وذكروا أن الطرق التقليدية لمحاربة التطرف عبر المسجد والإعلام الرسمي والمدرسة ليست كافية، لأن ساحات التطرف تنشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، إضافة إلى عدم كفاية تأهيل بعض الجهات الأمنية لمتابعة هذا الفكر، وضرورة تحديد مفهوم كل من: "الوسطية والتطرف والتحلل". من جهته، أوضح الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن معمر، أن الاستثمار في الإنسان السعودي أصبح هو أضخم استثمار تم في هذا العصر. وأضاف: "تم استثماره في مجالات متعددة منها، تعليمية وصحية واقتصادية واجتماعية أساسه ديننا الإسلامي العظيم وادواته متغيرات العصر من تطوير وتحديث في مجالات عديدة"، وأن القوة الاقتصادية التي حولت المملكة ومناطق إلى قوة اقتصادية عالمية يحسب حسابها في كل المؤسسات والمنتديات الدولية. وقال ابن معمر، إننا بديننا الإسلامي العظيم وبوطننا السعودي الذي يجمع وحدتنا وكلمتنا نفخر في كل لحظة بأن أكرمنا الله بخدمة الحرمين وخدمة الحجاج والمعتمرين، وأننا مقصد كل مسلم مخلص لدينه ملتزم بوسطيته واعتداله لا إفراط ولا تفريط، كما إننا جزء من هذا العالم الذي يجمع بين البشرية بمشتركات إنسانية عظيمة، سواء كانت إنجازات علمية أو حضارية تتناولها الثقافات والحضارات باحترام وتقدير. وأشار إلى أنه من أهم المشاريع الفكرية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين، مشروع الحوار الوطني قبل عشر سنوات، ويهدف هذا المشروع إلى تكريس الوحدة الوطنية في إطار العقيدة الإسلامية وتعميقها عن طريق الحوار الفكري الهادف، والإسهام في صياغة الخطاب الإسلامي الصحيح المبني على الوسطية والاعتدال داخل المملكة وخارجها من خلال الحوار البناء. وأضاف ابن معمر: "يهدف أيضاً لمعالجة القضايا الوطنية من اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية وغيرها وطرحها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته، وترسيخ مفهوم الحوار وسلوكياته في المجتمع ليصبح أسلوباً للحياة ومنهجاً للتعامل مع مختلف القضايا. ومن أهدافه الأخرى، توسيع المشاركة لأفراد المجتمع وفئاته في الحوار الوطني وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني بما يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية، وتفعيل الحوار الوطني بالتنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة، إضافة إلى تعزيز قنوات الاتصال والحوار الفكري مع المؤسسات والأفراد في الخارج، كذلك بلورة رؤى استراتيجية للحوار الوطني وضمان تفعيل مخرجاته. نبذ ومواجهة التطرّف والتشدّد أبرز التوصيات اختتم مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني اللقاء الأول من اللقاءات التحضيرية للقاء الوطني العاشر للحوار الفكري، الذي هدف إلى التعرف على رؤية المجتمع وتطلعاته حول واقع هذه الظواهر السلبية وكيفية حماية المجتمع من آثارها. وتلا الدكتور فهد السلطان، نائب الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني نتائج اللقاء، مبيناً أنه سيعقب هذا اللقاء لقاءات أخرى في عموم مناطق المملكة، وجاء في النتائج، أن اللقاء تناول أربعة محاور هي: "التطرف والتشدد: واقعه ومظاهره، والعوامل والأسباب المؤدية للتطرف والتشدد". إضافة إلى المحور الثالث، الذي تطرق إلى "المخاطر الدينية والاجتماعية والوطنية للتطرف والتشدد"، والأخير تمت مناقشة عدة محاور له تحت محور رئيس، حمل عنوان: "سبل حماية المجتمع من مخاطر التطرف والتشدد". وقال إن هذا اللقاء نتج من خلال جلساته الأربع العديد من الأفكار والتوصيات، وفيما يأتي بعض تلك الأفكار والتوصيات، ومنها: أبرز مظاهر التطرف الديني الذي ينتهي إلى انفلات نحو التكفير والقتل والتفجير المظاهر ومنها: "حدة التعامل مع المختلف، والتعصب للذات فكراً وسلوكاً، والمسارعة إلى التكفير، والنظرة التشاؤمية للغير والحياة، واعتزال المجتمع والأهل، وتشويه صورة الوطن وعلمائه وحكامه". وذكر في البيان، أن من أسباب ظهور التطرف في مجتمعنا: الأسرة؛ من حيث إهمالها لأولادها أو تعاملها بحدة معهم، وكذلك المنهج الخفي المتمثل بالتوجيه والإيحاء والذي لا ينحصر في التعليم؛ إذ هو موجود في بعض المؤسسات، ونقص الجهود في استيعاب الطاقات الشبابية في قنوات نافعة، إضافة إلى الهوى في التعامل مع الدين وتأويل النصوص. وجاء أيضاً من الأسباب، التطرف المقابل كالإلحاد، والاستهزاء بالدين، والفجوة بين علماء الشريعة، والشباب، إضافة إلى المخططات الخارجية لتفكيك لحمة الوطن عبر استغلال الجانب الديني لدى شباب الوطن، وتجاوز فتاوي كبار علماء المملكة، وتلقف فكر دعاة التطرف. واشتمل على أهمية صياغة رؤية وطنية شاملة لمواجهة مظاهر التطرف والتشدد ليُبنى عليها استراتيجية وطنية شاملة تُؤسس على تصور صحيح لواقع التطرف وتحدد لكل مواطن أياً كان موقعه دورَه في هذه المواجهة، كذلك أهمية استيعاب الطاقات الشبابية، وفتح مجالات الترفيه والأنشطة النافعة لملء أوقات الفراغ بما يعود عليهم بالفائدة ويستثمر طاقاتهم ويحقق رغباتهم وطموحاتهم. وشدّد على ضرورة وضع تعريف إجرائي للتطرف فكراً وسلوكا، وتحرير المصطلحات ذات الصلة بالتطرف والغلو والتكفير والإرهاب وتضمينها في المناهج الدراسية، وإبراز الرموز الدينية والثقافية الوطنية المعتدلة ليكونوا مرجعية لأبناء المجتمع، وتدريب محاورين متمرسين وقادرين على التعامل الناجح مع المتطرفين، إضافة إلى وضع دراسة مؤصلة عن مسألة التعايش السلمي في الإسلام في النظرة للآخر والتعامل معه. مداولات هامة أبداها المجتمعون مثقفون ومهتمون شاركوا في الفعاليات المشاركون أجمعوا على نبذ العنف والتطرف