تكافح المرأة في مجتمعاتنا العربية بصفة عامة وفي مجتمعنا السعودي بصفة خاصة للحصول على حقها في العمل فهي ترى أنها قادرة على أداء أدوار مهنية وعملية تخدم مجتمعها مثلما يخدمه الرجال ولذا فهي تجتهد في الوصول لمقاعد الدراسة ومن ثم تحصيل التأهيل العلمي المناسب الذي يؤهلها لدخول سوق العمل. وكثيرات تحقق لهن ما أردن بل وأكثر عندما حصلن على فرص عمل في المؤسسات الحكومية وبعد أن كان اللون الأبيض يغطي مساحات كبيرة في المؤسسات الحكومية ظهرت الأزياء النسائية في تلك المؤسسات وأصبح هناك مكان ما في عدد كبير من المؤسسات تعمل فيه النساء حيث يتخلين بمجرد وصولهن للعمل عن العباءات ليتبارزن فيما بينهن –وهي عادتهن بالطبع– في ارتداء الأزياء الملفتة للانتباه مع استخدام كثيف لأدوات التجميل من أجل أن تظهر المحاسن وتختفي العيوب..! المرأة هي المرأة مهما تعلمت ومهما عملت، اذهب لمكاتب الرجال في أي مؤسسة حكومية أو غير حكومية وسترى ما يعجبك وما يؤلمك، ستجد من يؤدي المهام المطلوبة منه بتركيز كبير واخلاص واضح ومن يؤديها بفتور وتبرم وكسل وضيق، ستجد من يؤدي عمله حتى اللحظات الأخيرة في الدوام وستجد من يقضي الساعات الأخيرة في منزله وحتى لو كان في عمله ستجده في انشغالات أخرى بعيدة عن العمل، ستجد من يتحدث في أمور العمل ومن يتحدث عن الكرة والأجازة والسيارة وطلعات البر. الرجل ليس بطبعه الثرثرة ومسؤولياته تحتم عليه التحرك والعمل والانجاز أكثر من توجهه نحو الأحاديث والحكايات. المرأة غير... المرأة تعشق السواليف والحكايات وتجد متعتها بنقل الأخبار وسرد القصص وتبادل الحكي مع الآخرين. ولو قمنا بدراسة علمية لرصد وتحليل ما تفعله المرأة في يومها كله لوجدنا أن لسانها يعمل بطاقة حصانين أو عدة أحصنة وأنه يتحرك في أوقات كثيرة حتى ولو كانت هي جالسة أو ساكنة؛ وكذلك آذان المرأة تعمل بذات القوة وتعشق سماع الحكايات والمشكلات الممتع منها والكئيب..! قد لا أتجاوز الحقيقة ولن أكون مبالغا إذا قلت اننا إذا كنا نريد أن نعرف مشكلات مجتمعنا وأسبابها وحلولها أيضاً فلنضع أجهزة تسجيل في مكاتب تعمل بها نساء –جريمة يعاقب عليها الدين والقانون بالطبع– عندها سنسمع العجب العجاب بكل تأكيد. مكان العمل أكثر إغراء للمرأة من أي مكان غيره فالمكاتب والمقاعد مريحة والإضاءة عالية والأزواج والآباء والأبناء والاخوة غائبون والمديرة غالباً مشغولة هي الأخرى بمجلس حش أو وليمة غيبة أو نميمة تصدر الأوامر والتعليمات بسرعة البرق لتعود سريعاً لهوايتها المفضلة في الحديث في الهاتف أو الحديث مع مديرة أخرى أو اكمال سالفة مع موظفة مقربة. ممتعة أحاديث النساء بكل تأكيد ومتنوعة أيضاً فهذه تتفاخر بحب زوجها لها وتكيد زميلة لها يبدع زوجها في مضايقتها أو اهمالها. وأخرى تبحث عن عريس فتبرز صفاتها الحميدة ومواقفها العظيمة أمام أخريات قد يتطوعن بالحديث عنها وعن أمجادها أمام عريس منتظر. أخرى مولعة بالماركات العالمية والحياة بالنسبة لها ماركة ولا أكثر من ذلك فالساعة اليوم اشترتها من سويسرا والجوال صنعته سامسونج خصيصاً لها ونظارتها الجديدة تريها ما لا يستطيع أن يراه الاخرون أما حذاؤها فحدث ولا حرج يبحث هو عنها ولا تبحث عنه. أخرى تعشق تغيير الخدامات مثلما تعشق تغيير أزيائها وحجتها في ذلك قبحهن وقذارتهن وبالطبع بريئة هي من كل العيوب ومحظوظة من تحظى بخدمتها. وأخرى ترى نفسها حكيمة الزمان والمكان وصاحبة الخبرات الكبيرة والنصائح الذهبية التي تثري حياة من ينصت لها ويأخذ بها وبالطبع هي بعيداً عن المكتب أم الخيبة ورائدة الفشل. أما هذه فترى أن مديرتها مترصدة لها لأنها أجمل منها وأشيك ومن ثم فتستمتع بإعادة وتكرار مواقف تبرز نقائص تلك المديرة. وأخرى مشغولة ومنشغلة بأبنائها ومشكلاتهم وكل يوم تطرح في المكتب مشكلة جديدة للنقاش وابداء الرأي بشأن ابن عاق أو غبي أو آخر متميز يبحث عمن يقدره ويثمنه. بالطبع مسلسلات التلفاز لها وقتها المخصص في مكاتب عمل النساء وتحظى المسلسلات التركية بنصيب الأسد، ماذا فعل مهند؟ وكيف تصرفت هيا؟ وماذا سيفعل في حلقة الليلة السلطان سليم؟ ولا تخلو مكاتب النساء من مثقفات بكل تأكيد يتحدثن في الاقتصاد والسياسة والدين.. الخ ولكنها أحاديث في الغالب ليس لها سوق في مكاتب النساء. حتى العميلات في بعض المكاتب بكل تأكيد يشاركن في وليمة الكلام المنصوبة هناك ولا مانع أن تشغل العميلة وقتها بتبادل حكايات أو فكاهات أو مشكلات مع الموظفات وعندما تسعد موظفة وتستمتع بثرثرة عميلة ستخدمها بكل تأكيد وتبني معها صداقة أو تستغلها في قضاء مصلحة خاصة إذا كانت عميلة ذات شأن. كثيرة هي الحكايات في مكاتب النساء وغالبا ما تكون برعاية إدارة غائبة أو عاشقة أيضاً للحكايات. أسعدكن الله ومتعكن وعوضنا الله خيراً عن أوقات ضيعتنها في مكاتب الحش. * أستاذ إدارة الأعمال والتسويق- جامعة الدمام