أبدأ الحديث عن حفظ النعمة بكلام الله، قال سبحانه وتعالى: ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31]. ديننا الحنيف علمنا آداب الطعام، فأمرنا بالاعتدال، ونهانا وحذرنا من التبذير والإسراف، وتاريخنا يروي لنا مآسي مرت من الجوع والفاقة حملت الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه أن ينشئ عام 1327ه داراً للضيافة في ثليم والشميسي والخرج يأكل فيها عامة الناس ويأخذون ما يشاؤون من الأرز لمنازلهم. وأما اليوم فنحن ولله الحمد في أحسن حال تأتينا خيرات الأرض من كل مكان في زمن تشير فيه تقارير الأممالمتحدة حول الجوع في العالم إلى وجود مليار إنسان يعانون من الجوع كما تشير أن إهدار كمية من الطعام تقدر ب1.3 مليار طن سنويا، بما يزيد على أربعة أضعاف الكمية المطلوبة لحل أزمة الجوع في العالم. ربما يظن البعض أن هذه الارقام لاتعنينا، يضمن ذلك من نسي حديث الاجداد عن سنة الجوع، ولم يحمل هما للأسر الفقيرة والمحتاجة وأسر الأيتام، والمحتاجين من الاخوة الوافدين للعمل في القطاعات الخدمية من نظافة وتشغيل وصيانة ومقاولات. ولم يتدبر قول الله جل وعلا «اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ «[سبأ: 31]. في المملكة تنتشر جمعيات البر الخيرية التي تهدف إلى التكافل الاجتماعي في رعاية الفقراء والمحتاجين، ويدعهما المسؤولون ورجال الاعمال وأهل الخير من المواطنين، وتتنوع الأعمال التي تقدمها هذه الجمعيات لمساعدة الفقراء والمحتاجين حسب الفئة المستهدفة، الا أنه يشوه هذا الصورة ممارسات البعض بالتخلص من بقايا الطعام في القمامة ومع النجاسات وقد كشفت التقارير المحلية أن نسبة هدر الأرز المستهلك في المملكة سنويًا تتراوح ما بين (35-40) %، بقيمة تصل إلى (1.6) مليار ريال. هذه الظاهرة غريبة في مجتمعنا، ونحن في المملكة سباقون لمعالجة مثل هذه القضايا ونتمنى على المؤسسات الحكومية إيجاد البيئة النظامية للحد من هذه الظاهرة، وإقرار برنامج رقابي على أنشطة الاستفادة من بقايا الطعام التي يجتهد البعض في طرحها كحل للإعفاء من ذنب رمي النعمة، دون وجود معايير نظامية تضمن سلامة تلك الأطعمة وصلاحيتها للاستهلاك.