يحق لأي دولة في العالم أن تشارك في المنافسة الاقتصادية والسياسية، دون إلحاق الضرر بأي منافس آخر أو بقية الدول النامية والفقيرة ولكن الذي يحدث غير ذلك، فالدول الكبرى تقود البقية للوصول لمصلحتها الفردية على الصعيد السياسي والاقتصادي وكذلك الديني. منظمة التجارة العالمية دليل على الجور الاقتصادي الذي فرضته الدول الكبرى على البقية، ومجلس الأمن دليل على الظلم الصريح للدول الإسلامية كفلسطين وأركان وسوريا، ونتيجة لنجاح المنظمات السيادية تم إنشاء هيئات ومنظمات وتجمعات لا تخدم إلا هؤلاء الانتهازيين الكبار لضمان حقوق الدول المتسيدة دون البقية، والهدف الحقيقي من تلك التجمعات الدولية واحد وهو الإمبريالية الجديدة والليبرالية الجائرة والفردانية في صورها المتجددة. عدد ما أحصيت في عجالة يزيد على الست والتسعين ما بين منظمة وهيئة واتحاد وبنك، ومسميات هذه الهيئات كثيرة والأهداف (المعلنة) مختلفة مثل الأممالمتحدة واليونسكو واليونيسف ومجموعة الثمانية ومجموعة العشرين ودول الكومنولث، بالإضافة إلى مناطق التجارة الحرة والاتحادات الجمركية والمنظمات الدولية الاقتصادية وبنوك التنمية والمنظمات الثقافية ومنظمات الطاقة والمنظمات البيئية والمنظمات العسكرية!. الكم الهائل منها وتداخل بعضها البعض ووجود تحالفات إقليمية وأخرى لأغراض ايدلوجية، يدل على تسلط الكبار وتنافس ثانوي بين بقية هذه الأقاليم والتحالفات. والمشهد يعيد نفسه عندما كانت القطبية تحكم العالم بقيادة الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي ثم تنافس الناتو مع وارسو وسقطت الأخيرة، وها نحن نشاهد في منطقة الشرق الأوسط رحى المعركة الجديدة بين حلفين قطبيين، الأمريكي والأوروبي وفي المقابل روسيا والصين. إلا أن هذه المرة المعطيات تختلف والتحالفات المعلنة ليست كما يدار من تحت الطاولة، فوضع أمريكا يختلف وكذلك روسيا، ووضع الدول المتحالفة والخاضعة للسيطرة يختلف، ووضع الدول المفعول بها أقرب للهلاك، وأدوات اللعبة العسكرية تختلف، إلا أن المحصلة النهائية تبقى ثابتة منذ بداية الإمبريالية العالمية وحتى تنتهى هذه الحرب، مع أن الانتهاء يعني بداية جديدة بطريقة أخرى في مكان آخر وبظروف أخرى تحت هيمنة نفس الفريق أو أجزاء منه ما زالت لم تسقط بين صفحات التاريخ. من الاختلافات في هذه المرحلة عودة القطبية الثنائية، فالدب الروسي أفاق من السبات الذي وضعته فيه أمريكا والحلفاء بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ولكن مع هذه العودة يوجد ثأر ولا ندري من سيكون ضحية هذا الثأر؟ وكذلك محاولات جدية من تركيا لزعامة حلف جديد يسعى للمشاركة في القيادة العالمية، وهذا لم يعجب الأمريكان والأوربيين مما أدى لمواجهة من ردود الفعل بعضها متوقع وأخرى استخباراتية ذات حدين حادين. أيضاً تسريبات سنودن التي خلقت زوبعة عالمية طالت حتى الرؤساء والدول العظمى، إلا أن إسرائيل سلمت من هذه التسريبات!، والصداقة الأمريكية الإيرانية المفاجئة وعودة العلاقات الإماراتية الإيرانية رغم استمرار احتلال ايران للجزر الإماراتية، ودخول قطر في المعمعة الإقليمية مع أنها لم تكن ذات حضور سياسي في السابق، والصداقات العلنية لبعض الدول الإسلامية مع الكيان الإسرائيلي!، واختلافات أخرى فرضتها الظروف السياسية والبعض الآخر كلعبة الشطرنج في يد الأقوياء يتم تحريكها لإنجاح الإمبريالية الجديدة!!. الملاحظ لنمط التغير المفاجئ الأمريكي بعد اكتشاف النفط الصخري لديها وانخفاض أسعار النفط عالميا يبعث على التأمل والتفكير في مستقبل العلاقات الأمريكية الشرق أوسطية فيما لو كانت الكميات اقتصادية بالتزامن مع بوادر أزمة اقتصادية أمريكية! فهل تتغير التحالفات العالمية الإمبريالية؟ وهل نبحث لنا عن حليف جديد أو نبني أنفسنا استعداداً لنضوب البترول أو انخفاض سعره أو اكتشاف بديل أفضل؟.