حينما كنا صغاراً كنا نعرف بأن من يشتم الأطفال الآخرين بأسماء الحيوانات هو من عائلة شبه مؤدبة، أما الذين يبدأون بشتائم غير مفهومة، أو تتردد بين طياتها كلمة (أمك أو يا ابن....) ، فهو من عائلة لم تتمكن من تربية أولادها تربية صحيحة، ولا أعرف لماذا نمتاز نحن العرب أيضاً بهذا النوع من الشتائم التي تمس قدسية الأم وطهارتها، كنوع من المبالغة في إهانة الشخص والنيل منه في العمق. بعد ثورات الربيع أو الخريف العربي انتشرت مثلا كلمة (عهر) التي يتداولها المغردون والمشاركون في برامج الحوارات والتواصل الاجتماعي على الانترنت أو التلفاز، كنوع من تشبيه السياسات القذرة أو ممارسات العدو أو الفئات المتناحرة، وكأن هذه الكلمة ليست بحد ذاتها جريمة في حق الذوق العام والتربية والأخلاق، وكما صدّر لنا الغرب التقنية والتكنولوجيا والاختراعات العلمية، فلم ينسَ بعض طلابنا المبتعثين أن يصدّروا للأجانب الشتائم العربية مقابل تعليمهم اللغة الإنجليزية في المعاهد. أذكر بأنني تبادلت بعض الأحاديث مع فتاة تعمل نادلة في أحد المقاهي بلندن هنا، حيث لم أنه زيارتي بعد، وحين علمت بأنني من السعودية بدأت تسألني عن إحدى البلدان العربية وكم تبعد عن منطقتنا بالطائرة، وفيما إذا كانت بلداً آمنة للسياح!، وحينما سألتها عن سبب رغبتها في زيارة هذه المدينة بالذات أخبرتني بأن لديها صديق خفيف دم كان يدرس معها في الجامعة ودعاها أكثر من مرة لزيارته، وأنها تعرف بعض الكلمات العربية، وبدأت تسرد كل الكلمات التي حفظتها منه وهي تضحك، بينما اضطررت لإسكاتها فوراً قبل أن يجتمع علينا الناس، حيث إن جميع الكلمات التي علّمها إياها ذلك الشاب العربي لم تكن سوى.. مجموعة شتائم بذيئة للأسف. وحينما قصصت على صديقتي التي تعيش في بريطانيا الموقف المحرج، أخبرتني بأنني لو سألت أغلب الشباب الذين صادقوا عرباً أثناء دراستهم سأكتشف بأنهم إن كانوا يعرفون العربية فكلمة السلام عليكم هي الكلمة الوحيدة التي يمكننا سماعها بصوت مرتفع، بينما باقي الكلمات لاتصلح أبداً إلا في الخناقات، بعض الأجانب يعرفون أن ماتعلموه مجرد شتائم و البعض الآخر كهذه الفتاة النادلة فأظنها وقعت ضحية نكتة سامجة. عالمنا الإسلامي يحرّم الزنا والعري والاغتياب والتلاعن والتنابذ بالألقاب والتشهير بالأنساب، وغيرها من القيم التي تحكم المجتمع المسلم، و لكنني عجزت حقاً أن أفهم سبب هذا التناقض في التصرفات عند بعض السائحين أو المبتعثين في بلاد أجنبية، كما عجزت عن معرفة ماهو الممتع في تعليم شخص تعرفت عليه في بلد آخر كلمات عيب!! بمعني كلمات (سوقية) و(شوارعية) لا تصلح للتعليم بأيّ لغة مهذبة! خاصة حين لا تخبره بأنها نوع من أنواع السباب أو اللعن؟ ماجستير تربية خاصة - مدرب معتمد