حين كنا أطفالا كانت الشتائم المسموح بها في البيت لا تتعدى إطلاق أسماء الحيوانات على بعضنا نحن الأخوة أو من يماثلنا في السن من أبناء الجيران، وأشد أنواع الشتيمة كانت من نوع " عمى " و " وجع " وما يلي ذلك من أنواع الدعاء والتي لا تصل إلى اللعن أبدا، فقد كان اللعن يتجاوز الشتيمة المسموح بها للأطفال ..كنا ننوع في الشتيمة أحيانا حتى تصبح أغنية " عمى يعميك، يقطع أذانيك، يودوك الصحية، يسووا لك عملية " ..وكنا ونحن أطفال نقسم تربية الآخرين من حسن تربية إلى انعدام تربية كما علمونا أهلنا من الشتائم التي يطلقها الآخرون علينا، فالولد المتربي كانت شتائمه تشبه شتائمنا ولا تتعدى هذا القاموس، أما الولد غير المتربي فهو الذي تجاوز قاموسه قاموسنا ووصل إلى مدارك بعيدة من سب الأهل وذكر بعض الأعضاء التابو أو شتم الأخلاق أو إطلاق صفات بذيئة على الآخر ..بالنسبة لنا كان الوصول إلى هذا الحد يعني الوصول إلى الدرك الأسفل من الأخلاق، ما يعني أن نبتعد عن هذا الشخص ونحرص على عدم الاختلاط به لأن قاموس شتائمه قد لا يبتعد كثيرا عن أفعاله .. ما دعاني لطرح هذا الموضوع هو نقاش مع قريبتي المراهقة التي أعرف تماما رفعة أخلاقها وكانت تتحدث عن قاموس الشتائم المستخدم بين المراهقين في أيامنا هذه ..واكتشفت مذهولة أن كل ما كنا نعده سوء أخلاق وانعدام تربية أصبح مألوفا ومستخدما بأريحية عجيبة بين المراهقين ..جلست أفكر ..هل يجب أن نراجع مفهومنا للأخلاق والتربية؟ ولذلك عدت لقاموس الشتائم، وبدأت أتساءل وأراجع كل أنواع السباب والشتائم، معنى أن يتحول فعل إلى شتيمة أو معنى أن يتحول عضو إلى شتيمة، ما معنى هذه الشتائم، ولماذا نعدها شتائم .. ومن ناحية أخرى ما الذي تغير في أولادنا وفينا، كيف تغير قاموس الشتائم عند أولادنا، وكيف ونحن لم نتغير ولم يتغير قاموسنا الذي نستخدمه تغير قاموس أبنائنا، لابد أن للتلفزيون أثره، ولمواقع الانترنت المتأثرة باللغة الأمريكية لابد أن لها الأثر الأكبر، فأنا لم أشاهد قدرا من الإسفاف في استخدام الشتائم كما أجده في الأفلام الأمريكية .. كل هذه أسئلة جالت في بالي وأنا استمع إلى قريبتي الصغيرة، التي لم اسمعها أبدا تنطق بهذه الكلمات، لكنها تؤكد أن جميع المراهقين وفي أرقى العائلات يستخدمونها فيما بينهم .. ما معنى كل هذا؟ وهل هو خطير أم لا؟ ..لا أدري .. hanahijazi@yahoo .com