الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    «كل البيعة خربانة»    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيهان السادات: أنور جمّع العرب في أكتوبر وفرّقهم في «كامب ديفيد»
أكدت أن خادم الحرمين جدّد التاريخ بدعمه لإرادة الشعب المصري
نشر في اليوم يوم 10 - 10 - 2014

عندما قابلتها في حفل تنصيب الرئيس السيسي، قبل أشهر، لم أصدق أنها ستكون بهذه البساطة، مع مصافحتها كانت ابتسامة لا تغيب أبداً، وبتواضع جمّ، استجابت لطلبي بإجراء حوار صحفي معها، وتركت تحديد الموعد لمدير مكتبها اللواء محمد سعود، الرجل الخلوق بشدة مخجلة.
لم أصدق أنني سأواجه يوماً المرأة التي كانت حديث الناس، والتي جعلت من لقب "سيدة مصر الأولى" مهمة صعبة تثير الغيرة، والانتقاد وربما الغضب وعاصفة من الجدل.
إنها السيدة التي قلبت صورة المرأة المصرية رأساً على عقب، ربما بنشاطها واهتمامها بالعمل الخيري والاجتماعي الذي تمدد واختلط بأحاديث عن تدخلها في السياسة، مصحوباً بتأثير غير مؤكد على قرارات سياسية. صورتها التي تداولتها الصحف وهي ترافق زوجها الراحل الرئيس أنور السادات في رحلاته الداخلية والخارجية، وصوتها الذي كان يوماً ملء السمع والبصر، جعلا منها حديث مصر والمصريين، بعضه كان إعجاباً، وبعضه كان انتقاداً لاذعاً مصحوباً بسخرية من أول قانون ينسب لامرأة وعرف بقانون جيهان.
إنها السيدة التي التقتها (اليوم) للمرة الثانية، وهذه المرة كانت في ذات المنزل العريق، المطل على النيل بالجيزة، والذي ظل لسنوات مسرحاً لحياة رئيس مصري كتب التاريخ أنه صانع أول انتصار في العصر الحديث، وضحيّة تطرف جماعات متشددة، أراقت دمه في يوم الاحتفال بنصر أكتوبر المجيد.
ذكرى مزدوجة
سيدة جيهان، لست أدري من أين أبدأ، خاصة أن هذه الأيام ذكرى مزدوجة، تحقيق أول انتصار مصري في التاريخ الحديث، وذكرى مأساة اغتيال أول رئيس مصري في التاريخ أيضاً.. ما مشاعرك بين الذكريين؟
بالفعل، كما قلت.. كمصرية، فخورة وسعيدة بالانتصار الذي تحقق بعد هزيمة كبرى، استطعنا استعادة الأرض ورد الكرامة، في نفس الوقت، هناك إحساس بفقد أغلى شيء، وهو الزوج قبل الرئيس.. اليوم بعد 33 عاماً من حادث الاغتيال، لا يزال أنور السادات حياً بيننا كأسرة، ودعني أعتبر أن هذه أشرف ميتة له، لو خيرته لتمناها، أن يموت بين أبنائه الضباط، وفي يوم عيد انتصاره، إضافة إلى أنه مات شهيداً عند الله.
مع كل هذا، أرى أن الله كرمه بطريقة موته، والناس لن ينسوا أن حادث استشهاده مرتبط بيوم انتصار مصر.. الحمد لله.
أكبر مشجع
في هذه المناسبة، حدثيني عن أنور السادات الإنسان؟
أشهد له إنسانيته الشديدة، وحبه لي، ولأولاده ولبيته، كان رغم انشغاله الشديد يحرص على لم شمل الأسرة، لأنه يحب العائلة، ويستمع لأولاده، كانت فيه بساطة المواطن الريفي، أشهد أنه كان فخوراً بما أقدمه من نشاط اجتماعي، وأول مشجع لي، رغم كل ما قيل عن تدخلي في السياسة، وهذا غير صحيح إطلاقاً.
لغط جيهان
ظهورك اللافت هذا أثار حولك لغطاً كبيراً، كثيرون نسبوا إليك تدخلاً سافراً، حتى قانون الأحوال الشخصية، أطلقوا عليه "قانون جيهان".. لماذا برأيك هذا اللغط؟
(تبتسم): لأن الناس لم يتعودوا أن يروا زوجة رئيس جمهورية تتحرك بهذا الشكل، لا قبلي، ولا بعدي.. كان أقصى ما يتخيلونه هو مجرد صورة في مناسبة أو استقبال، لكني وبدعم منه استطعت الكشف عن الوجه الحقيقي للمرأة المصرية، التي تشارك في العمل الاجتماعي، بكل أشكاله، مدارس، وجمعية الوفاء والأمل، وجمعية تنمية الفلاحين، ومشاريع اجتماعية تركز على الأخذ بيد المرأة وهكذا.. حتى قبل حرب أكتوبر، كنت أحرص على زيارة الجنود في الجبهة وتشجيعهم، وأثناء الحرب قدت فريقاً تطوعياً لزيارة الجرحى والمصابين، وحاولت تقديم صورة مشرفة للمشاركة النسائية في العمل الاجتماعي عبر مشاريع متعددة.. وهذا لم يكن مألوفاً من قبل.
ولكني أقول بارتياح: إنني لم أتدخل يوماً في أي قرار سياسي، كيف أتدخل و"أنور أبو السياسة كلها".!
لن أنسى
سيدة جيهان، بعد مرور 33 عاماً على حادث الاغتيال.. كيف رأيت مصر خلال هذه السنوات؟
الشعب المصري أصيل، والسادات كان دائماً يقول هذا، ولا تتخيل ماذا يفعل الناس عندما يرونني، خاصة أنني الآن بلا نفوذ، لقد شعروا بقيمة ما فعلته لخدمة بلدي، حاولت قدر استطاعتي، وهذا من فضل الله.
ولن أنسى مواقف كل الناس، خاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وقف معي، ولن أبالغ إذا قلت إنه الوحيد الذي ردّ لي اعتباري، منذ استشهاد الرئيس أنور السادات.
غصة من مبارك
عفواً. هل أفهم من ذلك أن الرئيس الأسبق حسني مبارك...
(تصمت قليلاً.. وربما يبرق دمع خفي في عينيها):...........
ربما تكون هناك في الحلق غصة.. أتفهم مشاعرك سيدة جيهان..
يعني.. لا أدري.. لكن مبارك لم يحاول أبداً تكريم اسم الرئيس السادات، حتى نجمة سيناء، عندما طلبتها، رفض وتعذر أنه ليس الذي يعطيها، مع أنه رئيس جمهورية بإمكانه فعل ذلك.
عموماً لا أستطيع أن أقول إن مبارك كان يتعمد ذلك، ربما كانت انشغالاته أكثر.. أو فاتته.. "ما اعرفش".!
هناك أشياء لا أستطيع تفسيرها، لكن الحمد لله، جاء الرئيس السيسي، وعوضنا عن كل ذلك.. تخيل أنني لم أدع لأي احتفال بذكرى انتصار أكتوبر منذ اغتيال السادات، المرة الأولى دعاني الرئيس السيسي، وظروف صحية منعتني من الحضور.
رأي الشعب
أتفهم دبلوماسيتك حتى في التعبير عما يجيش بداخلك، رغم ما ألمسه من ألم نبيل مما تشعرين به من نكران.. ولكن دعيني أسألك: هل يستحق مبارك الثورة عليه؟
هذا هو رأي الشعب ويجب أن يُحترم.. ليست المسألة أن الرئيس مبارك يستحق أو لا يستحق، ولكنني أرى أنه كان يمكن أن يتحول لبطل شعبي، لو أدرك حكم الزمن، وتخلى عن السلطة قبل ما حدث بأشهر قليلة، المشكلة في طول المدة، 30 عاماً كانت كثيرة جداً، هذا سبب كبير للانقلاب الشعبي عليه.
أنا وسوزان
ما صحة اتصالك بالسيدة سوزان مبارك بعد ثورة يناير؟
هذا صحيح، كنت أريد الاطمئنان عليها وعلى الرئيس مبارك، كنت أتصل بها سنوياً في العيد للتهنئة، وأذكر لها أنها كانت مهذبة جداً، ولطيفة للغاية.. والأهم أنه لم يكن لي طلبات على الإطلاق.
..وبعد ذلك.. ألم تتصلي بها؟
للأسف، لم يحدث لظروفي العملية، إذ سافرت الولايات المتحدة، و"الدنيا اتلخبطت".
أسوأ عام
سيدة جيهان.. السادات قتل بيد تيارات إسلامية، وفوجئنا أن تياراً منهم هو من يحكم مصر.. كيف عشتِ فترة حكم الإخوان؟
كان أسوأ عام علي.. في كل ليلة، كنت أدعو الله أن يحفظ مصر من هذا البلاء، ولا أخفي عليك، أنني لم أنتخب مرسي. ولكن في البداية، كي أكون منصفة، عندما جاء مرسي والإخوان، قلت يمكن ربنا يكتب الخير، و"ينفخ في صورته" خاصة وأنهم كما يقولون "يعرفوا ربنا"، لكن بعد فترة، تساءلت: ما هذا الذي يحدث؟ هذه ليست مصر. خطيئة الإخوان أنهم قسموا البلد، ومن ليس معهم فهو ضدهم، كان شيئاً رهيباً.
منظر مخجل
بصراحة كيف كان شعورك عندما رأيت احتفال مرسي والإخوان ب6 أكتوبر، وجلوس قاتلي زوجك في منصة الاحتفال؟
للأسف، كان منظراً مخجلاً، أن يحضر إخوانه، وقتلة رئيس مصر، ويغيب كل رموز حرب أكتوبر، لقد بكيت وقتها بحرقة.. من حقه كرئيس وقتها أن يدعو من يشاء، خاصة فصيله الديني أو السياسي، ولكن ليس في احتفالية بلد بذكرى انتصارها العظيم.. لقد كانت إهانة لمعنى 6 أكتوبر، من رجل لا يعلم شيئاً عن 6 أكتوبر.
مشهد متناقض
عاصرت 4 رؤساء، السادات وقتل أمام عينيك، مبارك وخلعه الشعب، ووضع في القفص، مرسي أيضاً خلع بثورة شعبية، ويُحاكم الآن.. وأخيراً الرئيس السيسي انتخب، وشاهدته في قصر الرئاسة.. كيف ترى زوجة رئيس هذا المشهد الرئاسي المتناقض؟
..وأي تناقض؟ الحقيقة لم أكن أتصور أبداً أن يُقتل رئيس مصري، أو أن يحاكم رئيس ويدخل طرة، هذا شيء خارج عن التصور المصري، ولكن مشهد الرئيس السيسي مثل خلاصاً من مرحلة سيئة للغاية، خاصة أنني لم أكن أتصور أبداً خلع نظام الإخوان بسهولة، وأن الرغبة الشعبية الجارفة رفضتهم، لأنهم لم يقدموا شيئاً لهذا الشعب.
مخطط أمريكي
باعتبارك وثيقة الصلة بالولايات المتحدة، عملاً وإقامة.. بِمَ تبررين الدعم الأمريكي للإخوان؟
إنه مخطط يعكس رغبة أمريكية في وصول الإخوان للسلطة، لأنهم وافقوا على كل طلباتهم، اقتطاع جزء من سيناء لحل مشكلة فلسطين، كجزء من تقسيم المنطقة وإضعافها بالمشاركة مع أوروبا. ولهذا لم يروا الرغبة الشعبية المصرية، ووصفوا ما حدث في 30 يونيو بأنه انقلاب.. مدركين أن وصول السيسي إلى الحكم سبب في فشل المشروع الأمريكي في المنطقة.
تحيا مصر
فشل... كيف؟
أعتقد أن الشعب المصري الذي تحمل قرارات السيسي الاقتصادية، مثل رفع الدعم عن المحروقات وغيره، كان لطمة على وجه المشروع الأمريكي، الشعب رغم تألمه من القرارات لكنه تقبلها، عكس ما حدث أيام السادات عندما رفع سعر الخبز فهاجت الدنيا.
انظر مثلاً للإقبال الكبير على تمويل مشروع قناة السويس، وجمع 64 مليار جنيه في 7 أيام، هذا أكبر رد شعبي، ودعم للرئيس السيسي.
وهنا أفكر في جمع تبرعات لصندوق تحيا مصر، وأتمنى مساهمة الجميع فيه، صحيح أنه بلا عائد شخصي، ولكن واجب الوطن يتطلب دعم الجميع، من رجال أعمال وفنانين ومواطنين.. وحتى تلاميذ المدارس، لو تبرع كل منهم بجنيه.. وهكذا لأنه عندما تعلو مصر، فستعلو بنا جميعاً. وأنتهز الفرصة لأدعو أشقاءنا العرب، خاصة الشعب السعودي، الذي أدرك حبه لمصر، واعتزازه به، بالمشاركة معي في دعم صندوق تحيا مصر.
جمع العرب وفرّقهم
يبدو أن الرئيس السادات يفرض نفسه علينا حياً وميتاً.. ألا ترين أن السادات في حرب أكتوبر جمّع العرب، أما في كامب ديفيد فقد فرّقهم.. ما رأيك؟
هذا صحيح، أتفق معك تماماً.. عندما ذهب السادات إسرائيل قلت له: ستخسر العرب..
(مقاطعاً): هل كنت تعلمين؟
صدقني لا.. سمعتها في التليفزيون.
..معقولة؟ زوجة الرئيس ولا تعلم؟
أقسم أني لم أعلم، لأن هذه القرارات خاصة به وحده، ليس عندي حب استطلاع، إضافة إلى أنني كنت مشغولة بالعمل الاجتماعي العام، لقد قلت له: هذه مجازفة كبيرة وستخسر العرب يا أنور، فردَّ عليّ بهدوء: لن أخسرهم، نحن أسرة واحدة، سيغضبون قليلاً ثم يعودون، صحيح سيقاطعونني، ولكنهم عندما يرون أنني استرددت أرضي، وأوقفت الحروب سيعودون، وهذا ما حدث لاحقاً.
..كيف؟
قال لي: لا أستطيع الانتظار 30 عاماً كي يوافق العرب بعدها على بدء التفاوض مع إسرائيل، واسترد الأرض المحتلة، أنا حاربت كجندي وانتصرت، وأثبت للعالم قدرة الجندي المصري على الحرب والنصر، وأضاف: إن العرب عندما يرون النتائج سيعودون.
توقع اغتياله
تعلمين الحملة الكبيرة عليه، واتهامه بالخيانة.. ماذا كانت ردّة فعله؟
لقد تألم شخصياً كثيراً، ولكنه كان يرى أنه يقدم خدمة لمصر، وكان يعلم خطورة ما فعله، وأنه سيدفع ثمناً غالياً، ولقد دفعه.. لقد حذرته وقلت له: إنك قد تفقد وظيفتك كرئيس، فقال لي: "كله يهون عشان مصر".!
أفهم من ذلك أنه كان يتوقع اغتياله؟
نعم.. وأنا أيضاً كنت أشعر بذلك، وكنت أدعو الله كل يوم أن يعود سالماً. في كل مرة يخرج فيها، كنت أضع يدي على قلبي، وأتوقع ألا يعود إلينا مرة أخرى. وأعترف أنني لم أظهر له أبداً مخاوفي، حرصاً على معنوياته.
إسرائيل وأمريكا
ما حقيقة علاقتك بإسرائيل؟
(تضحك): لا علاقة، زرتها مرة واحدة فقط معه، عندما زرنا حيفا، وليس لي علاقات بإسرائيليين نهائياً.
..ومع الأمريكيين؟
علاقتي شديدة بالرئيس الأسبق جيمي كارتر.
سيدة جيهان.. يقال إن الأمريكيين أخذوك عندهم لتعملي في جامعاتهم ربما ثمناً للسلام مع إسرائيل؟
(بابتسامة فيها بعض الغضب): الأمريكيون لا يعرفون سوى مصلحتهم، ولولا أنني أثبت جدارة في مجال التعليم، ما استعانوا بي.. إنهم ماديون، ويجرون وراء مصالحهم فقط، دون مجاملة، فما بالك في الحقل الأكاديمي أو العلمي.. كنت أعمل وكانت الجامعات تتسابق عليّ، ودرست في 4 جامعات، آخرها جامعة ميريلاند، وسأذهب إن شاء الله في الصيف لتصفية متعلقاتي بشكل نهائي للاستقرار في مصر.
اعتزاز بالسعودية
قبل الحوار، قلتِ لي إنك تكنّين اعتزازاً شديداً بالسعودية، وذكرت الملك فيصل رحمه الله، وأيضاً خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز.. اشرحي لي ذلك.
لا يمكن أبداً نسيان مواقف القادة السعوديين، طيلة تاريخهم المشرّف، منذ عهد الملك عبد العزيز الذي أوصى أبناءه بمصر. لقد كان أنور السادات يحب الملك فيصل بشكل كبير.. وأريد أن أقول لك إن السعوديين بالذات شعب أصيل، وهذا الشعب هو من وقف مع مصر بقوة خلال حرب أكتوبر، واستخدم الملك فيصل سلاح البترول في وجه أمريكا والغرب، لأول مرة في التاريخ العربي. في موقف لا يُقدر بثمن.. ولا يمكن أن نوفيهم حقهم.
والملك عبدالله بن عبد العزيز، أعاد هذا التاريخ الناصع والرجولي، بوقفته الشجاعة مع إرادة الشعب المصري، في ظروفه الأخيرة.. وساندتنا السعودية قيادة وحكومة وشعباً بكل الوسائل السياسية والمادية والمعنوية، الأمر الذي ساهم أيضاً في رفع معنويات المصريين تجاه الهجمة الغربية الشرسة بعد ثورة 30 يونيو.
وفي هذه المناسبة، لا يمكن أن أنسى أيضاً الموقف الإماراتي، وكذلك الكويت والبحرين والأردن، ولولاهم لا أعرف ماذا كان يمكن أن يحدث.
خطوات صحيحة
سيدة جيهان.. باعتبارك ترقبين أحداث اليوم وعينك على الماضي، تحتفلين بانتصار أكتوبر ولا تنسين المأساة.. كيف تنظرين لمصر؟
نحن في موقف يحتاج لدعم وتأهيل كبير في كل المجالات، لا تنس أن السنوات الماضية أثرت كثيراً، خاصة السنوات الثلاث الأخيرة، التي خربت مصر كثيراً، وأنا متفائلة للغاية، لأن الرئيس السيسي يخطو خطوات صحيحة، من أجل أن تقف البلد على قدميها، ويركز على محاور التنمية والاستثمار، ويحاول الاستعانة بالشباب لفهم الحقيقة.
السادات والسيسي
بصراحة.. ما الذي ترينه في الرئيس السيسي ولم يكن لدى الرئيس السادات؟
(تصمت طويلاً): مش عارفة، سؤال صعب جداً، ومع ذلك أرى فيه صفات كثيرة من أنور السادات، الهدوء، والحنكة، والدهاء السياسي، والتدين، والطيبة الشديدة.
أيضاً لم تجيبي على السؤال.. أسهل عليك قليلاً: ما الذي في السادات وليس في السيسي؟
(تبتسم): تاني.. برضو مش عارفة.. أول مرة لا أعرف الجواب على سؤال.! ولكن أستطيع أن أقول إن لكل منهما شخصيته، وهناك نقاط تجمع بينهما.. مش عارفة.!
غلطة السادات
طيب.. ما هو القرار الخطأ الذي ارتكبه السادات من وجهة نظرك؟
أعتقد أن قراره باعتقالات 28 سبتمبر لم يكن موفقا، لأنه جعل ممن قبض عليهم أبطالاً، ولا يستحقون البطولة. خاصة بعض السياسيين والمنتمين للجماعات الإسلامية. ولكنه وجه بقرارات الاعتقالات وفق قرارات أمنية من وزارة الداخلية، حرصاً منه على أن تمر الفترة حتى اكتمال تحرير سيناء بهدوء، وقطع الطريق على الإسرائيليين من التذرع بأي حجة. وهذا ما كان يخاف منه.
ولقد صارحني أنه سيتحفظ عليهم مؤقتا حتى استلام سيناء وكان يريد مرور فترة ال6 أشهر (موعد استلام سيناء بالكامل) بسلام، ولم تكن لديه نزعة انتقامية أو رغبة في السجن، لأنه جرب السجن ويكرهه بشدة، ولكن الحقيقة لم أحب أن يفعل ذلك، وأعتبرها غلطة.
أنقذت مصر
اعتبرتها أنت غلطة.. ماذا عنه.. هل اعترف بالخطأ؟
نعم، وقلت له: يا أنور لم ينبغ أن تفعل ذلك، ولكنه، قال لي: أنا أتصرف وفق تقارير معلوماتية، ومع ذلك لو تعرف أن هذه الغلطة أنقذت مصر.
كيف؟
أعضاء التيارات الدينية الذين اعتقلهم كانوا من أشرس الشخصيات الإخوانية، وتخيل مثلاً، لو كانت طليقة وحدث الاغتيال.. ماذا سيفعلون؟ كانوا مسكوا الإذاعة "وعملوا بلاوي"، يعني اعتقالهم كان فيه شيء من الحماية لمصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.