سمح «أرشيف الجيش الإسرائيلي» بنشر وثيقة سرية حول إدلاء بعض الضباط الكبار بالجيش لشهادتهم حول هزيمة حرب اكتوبر أمام لجنة "أجرانات" التي شكلت عقب الحرب؛ لتقصي حقائق هزيمة حرب السادس من أكتوبر عام 1973 التي انتصرت فيها القوات المسلحة المصرية على دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحررت شبه جزيرة سيناء وتكبدت فيها إسرائيل خسائر فادحة. وجاء في الوثيقة السرية التي نشرتها العديد من الصحف الإسرائيلية، أنه تبين من خلال التحقيق في ملابسات حرب "يوم الغفران" -التسمية العبرية لحرب أكتوبر- أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية فشلت تماما في التنبؤ بموعد الحرب. وتضمنت الوثيقة شهادة العقيد السابق بالجيش الإسرائيلي يوئيل بن بورات، قائد وحدة الاستخبارات "848" التي كانت مهمتها جمع المعلومات الاستخبارية قبل الحرب وتحولت مؤخرا للوحدة "8200" المسؤولة حاليا عن مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي بالدول العربية، الذي أكد في شهادته فشل الاستخبارات في توقع الحرب. ذهول وقال بن بورات: "في يوم الغفران، هوجمنا من قبل مصر وسوريا، لقد أصابتنا المفاجأة بالذهول عندما بدأت الحرب الفعلية، وكان هجوما مفاجئا ومباغتا من جانب المصريين والسوريين"، كما وصف القائد العسكري الإسرائيلي الهجوم لأعضاء اللجنة أنه كان هجوما غير متوقع مشبها إياه بهجوم اليابان على القوات الأمريكية في "بيرل هاربور" خلال الحرب العالمية الثانية، مؤكدا أن الهجمتين كان لديهما الكثير من القواسم المشتركة في جميع الحالات. وأضاف العقيد يوئيل بن بورات: إنه حذر رئيس الاستخبارات العسكرية من نشاط غير عادي في منطقة "خليج السويس"، ولكن تم رفضه، موضحا أنه على الرغم من وجود بعض المعلومات المتاحة حول بعض التحركات المصرية إلا أنه لم تؤخذ بجدية، بل إنه كان هناك ما يكفي من المعلومات من حيث الجودة والكمية لإعطاء الجيش الإسرائيلي تحذيرا في وقت كاف قبل الحرب، مضيفا: "في رأيي لم يكن هناك أي مبرر بالنسبة لنا لنندهش". وقال العقيد الإسرائيلى وفقا للوثيقة: "إن الأنشطة العسكرية غير عادية في سيناء التي أثارت شكوكي على سبيل المثال، نقل قدر كبير من المعدات على الجانب الآخر من قناة السويس، بالإضافة إلى أن المصريين تجاوزوا جغرافيا المنطقة التي وضعوا فيها قواعدهم ونشروا معدات على نطاق أوسع". وكشف المسؤول الاستخباراتي الإسرائيلي للجنة عن محادثة تليفونية دارت بينه وبين رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية في حينها إيلي زعيرا، انتهت بتأكيد الأخير أن تلك العمليات والأنشطة في خليج السويس ليست إلا تمرينات عسكرية، مؤكدا أن زعيرا، رفض التحذير كما رفض طلبه بزيادة القوات في سيناء ليكونوا عامل ردع لأي محاولة لاختراق القناة من جانب المصريين، مشيرا إلى أن رئيس الاستخبارات أكد له أن مهمة الاستخبارات حماية الدولة وعدم بث القلاقل في الدولة حتى لا تصدم المجتمع والاقتصاد، وبالتالي رفض استدعاء حتى ربع قوات الاحتياط. وأشارت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية التي نشرت الوثيقة أن جزءا من شهادة بن بورات للجنة بشأن الإجراءات المتخذة قبل الحرب لا تزال سرية حتى الآن ولم يتم الكشف عن جميعها. ونشرت الصحيفة العبرية وثيقة سرية أخرى، عبارة عن شهادة أخرى من قبل المقدم يوسف زعيرا، ابن شقيق رئيس الاستخبارات العسكرية ايلي زعيرا، والذي كان رئيس الوحدة المسؤولة عن تصفية ومعالجة المعلومات الاستخباراتية، حيث قال في4 أكتوبر عام 1973 لعمه: إن لديه بعض علامات الاستفهام التي دعته للقلق للغاية من تحركات المصريين على الجانب الآخر. ووفقا لشهادة زعيرا التي سمح "أرشيف الجيش الإسرائيلي" بنشر أجزاء صغيرة جدا منها أن عمه تفهم هذه التحذيرات، ولكنه في الوقت نفسه كرر اعتقاده أن المصريين لا يمكن أن يحركوا الجيش وإعداده سرا للحرب. وأوضحت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن المعلومات التي قدمها بن بورات في 3 أكتوبر عام 1973 كانت مباشرة وشديدة الأهمية وخطيرة حول استعداد المصريين للحرب، ولكن لم يتم الالتفات إليها حيث أكد خلال اللجنة: "على حد فهمي، لو كان تم الانصات إلى هذه المعلومات كان يمكن للجيش الإسرائيلى بعد ساعة واحدة أن يستعد". وأكد بن بورات أن قرار مصر باستبعاد المستشارين الروس قبل الحرب كان أكبر دليل على استعداد المصريين لحرب كبيرة.