اثارت وثائق سرية حول تقرير لجنة "اغرانات"، التي حققت في اخفاقات حرب اكتوبر، نقاشا اسرائيليا واسعا حول كيفية التعامل مع التهديدات التي تواجهها الدولة العبرية. فقد بينت هذه الوثائق، التي قررت وزارة الدفاع والرقابة العسكرية الكشف عنها، ان حرب اكتوبر التي وقعت عام ثلاثة وسبعين لم تكن مفاجئة لكن القيادة الاسرائيلية واجهزة الموساد والاستخبارات، انذاك، استهترت بقدرة العرب على الحرب. وكشفت هذه الوثائق عن حجم الغرور الذي كان سائدا في ذهنية هذه القيادة العسكرية والسياسية في اسرائيل. وبينت الوثائق ان ست معلومات استخبارية وصلت يومي الاول والثاني من اكتوبر، قبل اندلاع الحرب، تؤكد ان مصر تنوي شن حرب على اسرائيل. وابرز ما كشفته الوثائق الدور الذي قام به، اشرف مروان، الذي كشفت اسرائيل انه كان عميلا لها ثم اعلنت ان تحقيقتها دلت انه كان عميلا مزدوجا لاسرائيل ومصر. فقد بينت الوثائق انه ابلغ الاسرائيليين عن الاستعدادات المصرية للحرب وطلب لقاء رئيس الموساد لكن المسؤولين الاسرائيليين تعاملوا باستهتار. وحسب ما ذكر تقرير لجنة "اغرانات" فان قادة الاستخبارات العسكرية والموساد كانوا نياما في بيوتهم عندما كانت مصر تتحرك باتجاه اسرائيل وهم مطمئنون ان العرب لا يمكنهم مواجهة اسرائيل وشن حرب ضدها. وفي الوثائق ان الاستهتار وصل الى حد عدم نقل هذه المعلومات الى رئيسة الحكومة،انذاك، غولدا مئير. والفشل الاستخباري الاسرائيلي يبرز في هذه الوثائق لدى ذكرها ان المخابرات المصرية تمكنت من الحصول على وثائق اسرائيلية ساعدتها على تضليل اسرائيل واقناع القيادة ان مصر لا تفكر في محاربتها. حيث جاء في الوثائق ان القيادة الامنية الاسرائيلية اعربت عن قلقها الشديد إزاء وثيقة سرية للجيش الإسرائيلي كانت قد وصلت إلى الجيش المصري مفادها توجيه معلومات لعناصر الجيش الاسرائيلي العمل على التأهب والاستعداد، إلا أن المصريين تصرفوا بعكس ما في الوثيقة الأمر الذي أوهم فيه الجيش الإسرائيلي بعكس ما كان متوقع. وقال المسؤول في قيادة الشمال، حجاي مان:" ان معلومات مؤكدة وصلت للاستخبارات العسكرية الاسرائيلية تقول ان وحدة عسكرية سورية قادمة من حلب وان سورية في طريقها الى شن حرب على اسرائيل، لكن احدا لم يبلغني منهم، لان كنت العنوان لذلك في قيادة الشمال ولضمان الاستعداد لمواجهة الاليات السورية، وهذا يؤكد ان الاستهتار كان السياسة التي مارستها القيادة انذاك". وفي شهادته التي ادلى بها امام لجنة "اغرانات"، قال قائد قيادة الجنوب في حرب اكتوبر، شموئيل غوتان: " النقاشات التي أجريت في قيادة الأركان مع بداية عام 1973 حول تقليص الخدمة للجنود النظاميين أثرت بشكل كبير على معنويات الجيش لأنه كان في تقديرات الجيش انه لن يكون هناك حرب، على الأقل في العامين المقبلين". وأظهر غوتان أمام اللجنة أنه صدرت وثيقة قبل توليه منصبه في قيادة الجنوب عبارة عن أوامر شملت 14 إشارة تؤكد على استعدادات المصريين بخصوص الحرب ضد إسرائيل كان المفترض أن توجه إلى الجنود الإسرائيليين من أجل مراقبة النوايا المصرية من توجيه حرب ضدنا أم لا. كما وصلت اشارات اخرى من ان موضحاً أن جنود كوماندوس مصريين يتمركزون في المقدمة وهم بزي عسكري يختلف عن باقي الجنود، هذه الاشارات"، اكد غوتان، كان اكبر شاهد على البدء بالحرب لكنها ووجهت باستهتار واهمال من قبل القيادة.