لا ندري كيف سيتم (تقييم المخاطر) التي سوف تترتب على تدهور الأوضاع في اليمن بعد سقوط صنعاء. هل كنا مستعدين لاستيعاب هذا التطور الكبير؟ الغريب ان هذا السقوط السريع يوازي ما حدث في العراق.. حيث فجأة وجدنا داعش قريبة من بغداد. المختلف في الأمر هو التحرك الدولي السريع لحماية النظام في بغداد، والآن ثمة برود وعدم اهتمام بما يفعله الحوثيون وما سوف يفعلونه مستقبلا، حتى ولو مجرد ملاحظة. إذا استمر المشهد الذي نراه الآن، فبدون شك سوف تكون ايران أبرز الرابحين حيث تخرج من الأزمة السورية منتصرة، وهي الآن ترتب الوضع لإبقاء الأسد، وفتحت جبهة جديدة مع حلفائها الحوثيين، وقد تنجح في فرض إرادتها على الأوضاع في اليمن، وهو نفس السيناريو الذي حدث في لبنان عبر حزب الله الذي رأيناه يحتل بيروت، ومن ثم يسيطر على الحكومة وينشئ منطقة نفوذه واستقلاله في جنوبلبنان، والخشية أن يكون سقوط صنعاء مؤشر نجاح جديد لمشروع ولاية الفقيه؟! إذا تدهورت الأوضاع في اليمن، فان دول الخليج جميعا ستكون في ورطة حقيقية. الحوثيون سوف يعملون على إشعال حرب أهلية في اليمن، وان لم يسعوا لها فإنها سوف تقع بحكم ضعف بنية الدولة وبقاء القوى السابقة التي تكيد الدسائس وتحيك المؤمرات. إذا وقعت الحرب الأهلية فسوف يترتب عليها (نزوح جماعي) كبير إلى المملكة وإلى بقية دول الخليج، أي سنرى طوابير الفارين بحياتهم من جديد تتشكل في خاصرة الجزيرة العربية. وهذا ما تريده ايران، فمن مصلحتها تعقد الظروف واستمرار خلط الأوراق واللاعبين، ويبدو مع الأسف أنها تنجح بهذا المسعى لضعف الدول العربية وغياب مشروع تعاونها القومي العربي المشترك. منذ ثلاثة عقود اتضحت خطورة التهديد الايراني للأمن القومي العربي، وإيران عملت على مشروعها وبقينا نقدم حسن النوايا، حتى وصلنا إلى «الخواء الاستراتيجي)! استمرار المشروع الايراني بهذه الدموية والدمار الذي يترتب عليه في عدة جبهات، لابد أن يستدعي احياء الأطروحات حول ضرورة فتح جبهات جديدة على ايران من شمالها وجنوبها لإشغالها واستنزافها، كما تفعل معنا، مع بدء مشروع مقاطعة اقتصادية وسياسية، ودول الخليج اذا لم تسع لهذه الاستراتيجية مع أصدقائها وحلفائها فإنها ستكون في نهاية المقص، ولن تنفعها صداقتها أو ثرواتها ومشاريعها التنموية، وكما قلنا سابقا: من يضمن عدم وجود تحالف خفي بين المشروع الصهيوني والمشروع الايراني؟ كلاهما الآن يحققان النتائج والأهداف التي سعيا إليها. كما قلنا في مقال سابق، نكرر الآن الأمل والرجاء أن نرى (الحكمة اليمنية) تجد طريقها إلى العقول، فليس من مصلحة جميع الأطراف انزلاق الأوضاع إلى الدمار، ونقول مرة اخرى نتمنى أن يدرك الحوثيون أن مشروع ايران لن يكون الأبقى أو الأقوى، فمصلحتهم هي مع إخوانهم في اليمن ومع جيرانهم، ولعل طموح السلطة وشهوة الحكم لا تأخذهم من الإدراك ان مشروعهم يمضي في مسار ضد الحقائق على أرض الواقع.. وضد أيضا حقائق التاريخ!