بعد ستة أسابيع من الارتفاعات المتوالية أغلق سوق الأسهم السعودية تداولاته الأسبوعية على تراجع طفيف جداً لم يتجاوز 5 نقاط فقط، وذلك بعد أن حقق قمة جديدة خلال تداولات منتصف الأسبوع وهي 11,159 نقطة وهي أعلى قمة للمؤشر العام منذ يناير من العام 2008م، ولم يتبق بذلك سوى ارتفاع المؤشر بحوالي 805 نقاط فقط ليمحو جميع خسائر السوق السعودي جرّاء الأزمة المالية العالمية، وما كان قبلها من مؤشرات تدل على قرب وقوع الأزمة، وهذا الأمر إن دل على شيء فإنما يدل على عودة الروح والزخم المالي القوي لسوق الأسهم، وأيضاً عودة الثقة بشكل تدريجي للمتداولين بعد أن فُقدت تلك الثقة بعد انهياريّ فبراير 2006م ويناير 2008م. ومن العوامل المساعدة على عودة تلك الثقة مظاهر الركود التي بدأت تظهر على سوق العقار منذ عامين تقريباً، فمنذ ذلك الحين والسيولة تقل بشكل كبير في قطاع العقار والاستثمارات خاصةً المباني السكنية وتجارة الأراضي لم تعد مجدية كما في السابق؛ لذلك أصبح الكثير من المستثمرين يفكرون في العودة جدياً لسوق الأسهم، خاصةً بعد نجاح المؤشر العام في تجاوز حاجز 10,000 نقطة وظهور بداية التراجعات على سوق العقارات. لكن من خلال وجهة نظري أجد ان سوق الأسهم لم يحظ حتى الآن بثقة شريحة واسعة من المستثمرين ظناً منهم أن تلك الارتفاعات السابقة ما هي إلا فقاعة سعرية سرعان ما ستزول وستعود الأسعار لمستوياتها السابقة، وأيضاً اعتقاداً منهم بأن الطبقة المسيطرة على سوق العقار في المملكة هي شريحة من الصعب الضغط عليها، ولن ترضى بتراجع سوق الأسعار وستحاول بشتى السبل الإيحاء للناس بأن العقار سيرتفع، وأن الركود الحالي هو مجرد استراحة محارب وستستأنف الأسعار الصعود بعد ذلك، لكن الواقع والتوجه العام للدولة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين ينفيان تلك الأماني التي يمنّي العقاريون بها النفس. أهم الأحداث العالمية اصطدمت أسعار خام وست تكساس هذا الأسبوع بالدعم التاريخي 91.24 دولار، وهو من الدعوم القوية في الوقت الراهن وقد دفعه هذا الاصطدام إلى الارتداد قليلاً للأعلى والإغلاق على مستوى 92.53 دولار للبرميل، وهو أدنى إغلاق أسبوعي منذ بداية العام. لكنني أتوقع أن هذا الارتداد هو ارتداد مؤقت وأن الدعم الآنف الذكر الذي ارتد منه الخام سيُكسر في غضون ثلاثة إلى أربعة أسابيع؛ لأن الخام قد سجّل بالفعل نقطة أدنى من النقطة المذكورة خلال تداولات منتصف الأسبوع، ففي تداولات يوم الخميس الماضي سجّلت أسعار الخام أدنى مستوى لها هذا العام عند 90,43 دولار وهذا ما يدعوني إلى الاعتقاد بأن المسار الهابط للخام ما زال مستمرا. أما أسعار الذهب فقدت كسرت بالفعل دعمها الأسبوعي عند 1,275 دولارا للأوقية، حيث واصلت الهبوط خلال الأسبوع المنصرم لتسجل أدنى نقطة لها في شهرين عند 1,228 دولارا قبل أن تبدأ مرحلة الارتداد الصاعد نهاية جلسة الأربعاء الماضي لتغلق عند 1,250 دولارا. وفي اعتقادي أن المعدن النفيس قد يواصل ارتداده المؤقت حتى مشارف 1,290 دولارا قبل أن يستأنف رحلته نحو الهبوط. أهم الأحداث المحلية أوصى مجلس إدارة الشركة العقارية السعودية بتوزيع أرباح نقدية على مساهمي الشركة عن النصف الأول من العام المالي 2014 م بواقع (0.5) ريال عن السهم الواحد، على أن تكون أحقية الأرباح لمساهمي الشركة المسجلين لدى تداول بنهاية تداول يوم 10/9/2014م. كما أعلنت شركة سلامة للتأمين التعاوني عن نتائج قوائمها المالية الإدارية لعامها المالي، والذي كان أبرز نتائجه تفاقم الخسائر المتراكمة إلى نحو 70 مليون ريال أي ما نسبته 70.7% من رأس مال الشركة. أيضاً أعلنت شركة سند للتأمين وإعادة التأمين التعاوني عن نتائج قوائمها المالية الإدارية لعامها المالي، وكان أبرز ملامح تلك النتائج تجاوز الخسائر المتراكمة إلى ما يفوق 164 مليون ريال أي ما نسبته 82.14% من رأس مال الشركة. التحليل الفني من خلال النظر للرسم البياني لسوق الأسهم السعودية أجد أن عمليات البيع تزداد وطأة كلما اقترب المؤشر العام من مستويات 11,200 نقطة، وهي إحدى المقاومات المستهدفة خلال الفترة الحالية ويدل على ذلك ظهور ما يسمى «الانفراجات السلبية» على مؤشرات السيولة والتي تدل على تصحيح سعري بدأت ملامحه بالفعل منذ منتصف الأسبوع الماضي، ليكون الاتجاه نحو الدعم الأول عند مستوى 11,000 نقطة والذي بكسره ستزداد عمليات البيع مما سيجعل المسار الهابط الفرعي أكثر وضوحاً، أما إذا ما تجاوز المؤشر العام أعلى قمة حققها خلال الأيام القليلة الماضية عند 11,159 نقطة فلا اعتقد انه سيذهب بعدياً عن مقاومة 11,200 نقطة. لكن لا يعني كلامي السابق أن السوق سيبدأ مساراً هابطاً رئيسياً، بل على العكس فإن الهبوط المتوقع ما هو إلا موجة تصحيحية فرعية ضمن مسار صاعد رئيسي لا يزال يسير بخطى واثقة نحو القمة التاريخية المتوقع الوصول إليها خلال الأشهر القليلة القادمة عند 12,000 نقطة، وهو ما سيجعل أن موجة تصحيح قادمة هي عبارة عن فرصة لبناء مراكز استثمارية ودخول أموال جديدة إلى سوق الأسهم سنرى معها السيولة تلامس 20 مليار ريال كتداول يومي متوقع. أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف اقترب بتراجعاته السابقة من مستوى الدعم الأول عند 23,500 نقطة؛ لذا فقد يدخل القطاع في موجة ارتدادية صاعدة حتى مشارف 24,000 نقطة قبل أن يواصل هبوطه. أما عند كسر دعم 23,500 نقطة فسيتجه لمستوى الدعم الثاني عند 22,650 وهي المنطقة التي اتوقع أن الهبوط سينتهي عندها وسيبدأ القطاع بعدها موجة صعود جديدة تخترق أعلى قمة حققها القطاع خلال تداولات شهر أغسطس المنصرم. في المقابل أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية قد تمكن من الحفاظ على ثباته فوق الدعم المشار إليه في مقالي للأسبوع الماضي وهو 9,000 نقطة، وهذا الأمر قد يدفع بالقطاع للارتداد صعوداً نحو مقاومة 9,150 نقطة، فإذا تمكن من اختراق الأخير فإن ذلك سينعكس إيجاباً على شركات القطاع بشكل خاص وعلى السوق ككل بشكل عام، أما إذا عاد وكسر مستوى 9,000 نقطة فإن ذلك يعني تأكيد التصحيح على القطاع مما سيفاقم الخسائر السوقية للقطاع وأن التراجعات قد تستمر حتى مستوى الدعم الثاني عند 8,800 نقطة. أما من حيث القطاعات الإيجابية حسب تحليلي لهذا الأسبوع فهي قطاعات الطاقة والتأمين والتطوير العقاري والاعلام والفنادق والسياحة. من جهة أخرى أجد أن السلبية لهذا الأسبوع قد تطال قطاعات الاسمنت والتجزئة والزراعة والاتصالات والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والنقل.