بعد بداية خضراء لجلسات الأسبوع المنصرم، عاد سوق الأسهم السعودية لاستئناف سلسلة الخسائر والتي بدأها مطلع شهر سبتمبر الماضي، فقد سجل المؤشر العام خسارة أسبوعية بنحو 385 نقطة أي بنسبة 3.8% وهذا الهبوط هو تأكيد على أن قوى البيع ما زالت هي المسيطرة حتى الآن، وأن اجتماع العوامل السلبية من اكتتاب البنك الأهلي وتراجع أسعار النفط والذهب بالإضافة إلى التذبذب الكبير على الأسواق الأمريكية والأوروبية والتطورات السياسية في المنطقة وأخيراً المشكلة المالية لشركة اتحاد اتصالات كان له الأثر الكبير على تراجع السوق. أما من حيث السيولة المتداولة، فقد تجاوزت سيولة هذا الأسبوع حوالي 34.6 مليار ريال أي أقل من سيولة الأسبوع الذي قبله بحوالي 800 مليون ريال فقط، وهذا الأمر يدل على أن وطأة البيوع بدأت بالضعف وأن قوى الشراء بدأت بالظهور مرةً أخرى، لكن لا يمكن في الفترة الراهنة التعويل على هذا الأمر؛ لأن الظروف التي دفعت السوق إلى الهبوط ما زالت قائمة، وحدة المسار توحي بأن الانخفاض سيستمر، لكن لا يمنع ذلك من وجود بعض الموجات الارتدادية الصاعدة أثناء مرحلة الهبوط مثلما سيحصل هذا الأسبوع كما أتوقع؛ نظراً لانتهاء اكتتاب البنك الأهلي ووصول أسعار النفط إلى منطقة دعوم تاريخية قد ترتد من عندها الأسعار صعوداً قبل أن تستأنف مسارها الهابط. أهم الأحداث العالمية واصلت أسعار النفط تسجيل مستويات دنيا تاريخية لم تشهدها الأسواق منذ عدة سنوات، فقد وصل خام برنت مستوى 81.63 دولار للبرميل وأدنى سعر له في أربع سنوات قبل أن يرتد نهاية جلسات الأسبوع الماضي ليغلق على 83.12 دولار، ليوحي بذلك أن الخام سيشهد هذا الأسبوع ارتداداً صاعداً سيكون له انعكاس إيجابي على بقية السلع، لكن يجب التنبيه أن برنت سيبقى رهينة للمسار الهابط إلا إذا اخترق مقاومة 88 دولارا، عند ذلك سيخرج من الحالة السلبية التي يعيشها الآن. أما خام وست تكساس فقد لامس مستوى 75.84 دولار للبرميل وهو أدنى مستوى له منذ شهر يونيو عام 2012م، وثباته خلال جلسات نهاية الأسبوع المنصرم يعطي انطباعاً أن الخام على وشك الارتداد هذا الأسبوع، لكن لا أعتقد أنه في ظل الظروف الحالية قد يتمكن من اختراق مقاومة 85 دولارا، وهي المنطقة التي بدأ بالهبوط المظلي لحظة كسرها، لذا أجد أنه من الطبيعي أن يجد الخام مقاومة شرسة عند تلك المنطقة ستدفعه لاحقاً من العودة لمساره الهابط الحالي. أيضاً وكباقي السلع سجلت أسعار الذهب مستويات دنيا جديدة، حيث وصلت في أدنى تداولاتها الأسبوع الماضي عند منطقة 1،130 دولار للأوقية وهو أقل سعر للمعدن النفيس منذ شهر أبريل من العام 2010م، وهذه التراجعات جاءت طبيعية عقب الصعود القوي للدولار وانخفاض أسعار النفط، وتأكيداً لقوة المسار الهابط الحالي للذهب، وبتحليلي للرسم البياني له أجد أن عدم العودة فوق مستوى 1،200 دولار يعني أن المعدن سيذهب بالتأكيد لما دون 1،000 دولار للمرة الأولى منذ 6 سنوات وبالتحديد عند دعم 920 دولارا، وهذا التحليل يتوافق مع الأهداف السلبية المتوقعة لأسعار النفط. أهم الأحداث المحلية لا شك أن إعلان شركة اتحاد اتصالات بتراجع أرباحها الربعية 71% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي كان له أثر سلبي واضح على السهم بشكل خاص وعلى السوق بشكل عام، فقد تراجع السهم بالنسبة القصوى لثلاث جلسات متتالية؛ مما خلق حالة من الذعر بين المتداولين وجعل حالة البيع الهستيري تدب بين ملاك السهم، لكن وخلال جلسة الخميس الماضي لوحظ أن تداولات السهم وصلت لمستوى 36 مليون سهم أغلبها كان شراء بدليل التنفيذ، مما يجعلني أتساءل، هل سنرى في قوائم كبار ملاك الشركة اسماً جديداً خلال الأيام القليلة القادمة؟ أم أن حصة كبار الملاك الحاليين ستزيد في خطوة احتوائية منهم؟ وخلافاً لتلك الأمور الآنفة الذكر، كيف سيكون تصرف شركة اتصالات الإماراتية حيال مجلس إدارة موبايلي وتحديداً الأستاذ خالد الكاف؟ وهل سيكون هناك اسم جديد على رأس مجلس إدارة الشركة خلال الفترة القادمة؟ وبأخذ جولة حول هذا الموضوع تحديداً في وسائل التواصل الاجتماعي، أرى أن أصوات بعض المتداولين بدأت بالظهور حول دور هيئة سوق المال الرقابي والسلطوي حول ما حدث، وهل سيكون هناك إيقافات وغرامات للأطراف ذات العلاقة؟ أتمنى ذلك، بل وأدعو هيئة سوق المال لممارسة دورها القانوني حماية للملاك، خاصة وأننا نتحدث عن شركة قيادية ذات مركز مالي لا يستهان به، بل إن أحد محللي القنوات الأمريكية المختصة بالشأن المالي وصف شركة اتحاد اتصالات بأنها «إنرون السعودية». التحليل الفني من خلال الرسم البياني للمؤشر العام أجد أنه قد تمكن حتى الآن من الحفاظ على دعم 9،430 نقطة وهو يعتبر دعم مسار صاعد للسوق، وهذا ما دفع المؤشر للارتداد خلال منتصف جلسة الأربعاء، لكن استمرار السوق في تسجيل سلسلة هابطة خلال الأيام الماضية يوحي أن الهبوط سيستمر، وحتى لو حدثت أي موجة ارتداد للأعلى دون اختراق مقاومة 9،700 نقطة فهو ارتداد وهمي؛ لذلك يجب أن يخترق المؤشر العام ذلك الأخير حتى يتأكد خروجه من وطأة المسار السلبي، أما الاستمرار بالهبوط فيعني التوجه لمنطقة الدعم القادمة بين 9،350 - 9،200 نقطة، لكن عموماً ضعف السيولة مع كل هبوط أسبوعي يقوم به السوق هو تأكيد أن ما حصل من تراجعات هو مرحلة مؤقتة قبل أن يستأنف السوق مساره الصاعد التاريخي والذي بدأه مطلع العام الحالي، وأن التصحيح السابق قد جعل الأسعار أكثر منطقية من الناحية المالية، بل وأكثر جذباً للمستثمرين، وهو ما سيدفع باعتقادي المستثمر الأجنبي بالدخول حال السماح له خلال العام القادم بإذن الله. أما من حيث القطاعات، فأجد أن قطاع المصارف قد اقترب بشكل كبير من دعم 20،200 نقطة، وكسرها يعني أن القطاع بصدد تحقيق مستويات دنيا جديدة لهذا العام، وهو ما سيؤثر بكل تأكيد على شركاته، لكن ذلك في رأيي لن يحدث إلا إذا كان هناك مشكلة ستواجه القطاع المصرفي في المملكة، وقد يكون لانخفاض قطاع العقار المتوقع أثر بكل تأكيد، حيث إن غالبية عمليات شراء العقارات تكون بتمويل من تلك البنوك، وأن القدرة الائتمانية للجهات والأفراد الممولين قد تكون حينئذٍ موضع شك. في المقابل، أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية أكبر الخاسرين من تراجع أسعار النفط؛ وذلك بسبب تراجع أسعار المنتجات البتروكيماوية، وما لذلك من تأثير مباشر على مبيعات شركات القطاع، لكن من الناحية الفنية أجد أن استقرار القطاع حول مناطق 7،000 نقطة هو إشارة إيجابية بكل تأكيد على تحول مسار القطاع للإيجابية، لكن هل هذا التحول يعني انتهاء التصحيح بشكل كامل؟ لا أستطيع الجزم بذلك الأمر دون أن يتجاوز القطاع مستوى 8،050 نقطة، وهذا الأمر أعتقد أنه صعب الحصول حاليا. أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع، فأتوقع أن تكون قطاعات الاسمنت والتجزئة والطاقة والتأمين والاستثمار المتعدد والتطوير العقاري والنقل والفنادق والسياحة. من جهة أخرى، أجد أن قائمة القطاعات السلبية ستشمل قطاعات الاتصالات والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والإعلام.