بعد أن استمر الهبوط المظلي للمؤشر العام لسوق الأسهم السعودية للأسبوع قبل الماضي تمكّن السوق من إيقاف مسلسل التراجعات، وارتد صاعداً ليغلق نهاية الأسبوع المنصرم على مكاسب أسبوعية بلغت حوالي 618 نقطة، وهي تعادل 50% من خسائر الأسبوع قبل الماضي وذلك يعود من وجهة نظري إلى متانة دعم 9,350 نقطة، وهو المستوى الذي ارتد منه السوق قبل 6 جلسات, بالإضافة إلى وصول الأسعار في نظر العديد من المتداولين إلى مستويات مغرية جعلت القوى الشرائية تتغلب على قوى البيع، وهذا يفسّر تحقيق معظم الشركات لمكاسب سوقية بلغت بعض الأحيان أكثر من 15% من أدنى قاع تم تحقيقه، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على قوة عمليات الشراء التي تمّت على أسهم تلك الشركات. أما السيولة الأسبوعية فقد بلغت 42.8 مليار ريال أي أعلى بحوالي 1.2 مليار ريال مقارنةً بالأسبوع الذي قبله، والذي كان أكثر الأسابيع دموية منذ 6 سنوات تقريبا, ورغم ذلك الهبوط المتوالي، إلا أن السيولة الارتدادية هي أعلى من سيولة البيع، وهذا يشير إلى أن الأسعار ربما تشهد خلال الأسابيع القليلة القادمة، ضيقا في التذبذب وقلة في السيولة بهدف تأسيس قواعد سعرية لتمكين المؤشر العام من تسجيل مستويات عليا جديدة قد تتجاوز في رأيي مستوى 12,000 نقطة، بشرط الحفاظ على دعم 9,350 نقطة, وقد تكون تلك الفرضية مدعومة بهبوط أسعار العقارات المتوقع والذي سيجعل العديد من المستثمرين يغادرون ذلك السوق الراكد مؤخرا إلى سوق الأسهم والذي أصبح أكثر جذباً من أي وقت مضى، خصوصاً وأن التوجّه العام للدولة هو إرغام أسعار العقارات على التراجع، وهذا ما تم إعلانه أكثر من مرة على لسان عدة مسؤولين في الدولة. أهم الأحداث العالمية منذ أن فقد خام برنت مستوى 88 دولارا خلال الأسبوع قبل الماضي والسلبية لا تزال تطغى على تداولاته خاصةً وأنه عاد لمحاولة اختراق تلك المنطقة، إلا أنه لم يتمكّن من ذلك، مما أعطى انطباعاً بأن الأسعار ستتجه نزولاً، وذلك لتعميق الخسائر التي مُني بها الخام منذ حوالي خمسة أشهر، ومن المحتمل أن نرى الخام هذا الأسبوع يفقد مستويات 80 دولارا، والتي ظل محافظاً عليها لأكثر من أربع سنوات. وعند النظر إلى أداء المملكة في هذا الملف الحساس، نجد أنها تدعم انخفاض الأسعار بالرغم من أن ذلك قد يحدّ من الإنفاق الداخلي على البنية التحتية في ظل وجود العديد من تلك المشاريع لكن يبدو أن الدولة لدينا قد أعدت العدة لذلك الأمر. أمّا، خام وست تكساس، فرغم مساره الحاد السابق إلا أنه لا زال متماسكاً فوق دعم 81 دولارا للبرميل، مما يوحي بدخوله في مسار عرضي قبل استئناف مساره الهابط، نحو هدف النموذج السلبي عند منطقة 71 دولارا، وهي المنطقة التي من المتوقع أن يدخل فيها الخام في موجة ارتدادية صاعدة. في المقابل، أجد أن أسعار الذهب قد تمكّنت من الثبات حتى الآن فوق مستوى 1,200 دولار للأوقية، مما يؤهّلها لمواصلة الصعود حتى مقاومة 1,320 دولارا، واختراق ذلك الأخير، يعني نجاح المعدن الثمين في تأكيد المسار الصاعد الحالي، لكن الفشل في ذلك الأمر سيكون بمثابة إشارة إلى أن الأسعار ستعود مجدداً للاتجاه الهابط. أهم الأحداث المحلية من أهم الأحداث المحلية المنتظرة هذا الأسبوع، هو إعلان نتائج الربع الثالث لشركة سابك والمزمع إعلانها اليوم الأحد حسب تصريح الشركة, وكانت توقعات بيوت الاستثمار تشير إلى أن أرباح الشركة الربعية ستتراوح بين 6.5 مليار ريال و6.7 مليار ريال، وسواء كانت هذه أو تلك، فهذه التوقعات تشير إلى أن أرباح الشركة ستزداد بنسبة 3% تقريبا، وهذا بلا شك أمر إيجابي، قد يعزّز من الارتداد الصاعد لسهم سابك والذي بدأه نهاية جلسة الخميس قبل الماضي. أيضاً، من المتوقع أن تستمر فترة اكتتاب الأفراد في أسهم البنك الأهلي التجاري طوال هذا الأسبوع، وذلك بعد أن تم تغطية ذلك الاكتتاب خلال الأسبوع المنصرم بحوالي 18% فقط، وهذا الأمر يعكس مدى عزوف الكثيرين من المتداولين عن الاكتتاب، بعد إجماع العلماء على تحريم هذا الاكتتاب لوجود استثمارات ربوية فيه. الجدير بالذكر، أن هذا الاكتتاب هو أطول فترة اكتتاب شهدتها الشركات السعودية المدرجة، فعادةً ما تكون فترة الاكتتاب حوالي 10 أيام فقط، في حين نجد أن فترة هذا الاكتتاب تمتد لثلاثة أسابيع كاملة. التحليل الفني من خلال النظر إلى المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية، نجد أنه حافظ على دعم 9.350 نقطة بكل جدارة، وهذا ما دفعه إلى الارتداد صعودا وبسيولة مرتفعة أيضاً أكثر من سيولة الهبوط السابق وهذا أمر يدعو للتفاؤل, ومما زاد من الإيجابية أنه تمكّن من اختراق المقاومة النفسية 10.000 نقطة والثبات أعلى منها حتى نهاية الأسبوع، مما يوحي بأن السوق سيواصل ارتفاعاته خلال هذا الأسبوع حتى المقاومة الأصعب عند 10.500 نقطة وهي بمثابة المحك والاختبار الحقيقي للسوق خلال الفترة الراهنة, فاختراق تلك المقاومة والثبات أعلى منها يزيد من احتمالية العودة فوق منطقة 11.000 نقطة، وهذا في نظري صعب الآن، بسبب أنه يحتاج إلى سيولة أعلى من الأسبوع الماضي، ولا أظن أن السيولة سترتفع في ظل استمرار انخفاض أسعار النفط واحتمال تراجع الأسواق الأمريكية والأوروبية خلال جلسات هذا الأسبوع, لذا فأنا أرجّح أن يبدأ المؤشّر العام في مسار تصحيحي بمجرد أن يصل لمقاومة 10.500 ثم يفقدها نزولاً، لكن السؤال الذي يحيّر العديد من المحللين على مختلف مدارسهم الفنية، هل سيصمد سوق الأسهم السعودية فوق مستوى 9.3050 نقطة أم سيكسرها هبوطا؟؟ اعتقد أنه لا أحد يستطيع الآن الإجابة على ذلك السؤال، لأن السيناريوهات عديدة والاحتمالات مفتوحة في ظل التقلّبات السياسية والاقتصادية المتسارعة. أمّا من حيث القطاعات، فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية ساعدا كثيراً- كغيرهما من القطاعات- المؤشر العام في عملية الارتداد، لكن الشمعة قبل الأخيرة تدل على أن القطاع سيدخل مسارا تصحيحيا بسيطا ثم سيستأنف مشواره نحو الارتداد صعوداً حتى مشارف 22.770 نقطة، لكن ذلك السيناريو مرهون بالثبات مجدداً فوق مستوى 21.570 نقطة والذي فشل خلال جلسة الخميس الماضي من الإغلاق فوقها مما رجّح فرضيّة التصحيح الفرعي التي ذكرتها آنفا. في المقابل، أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية يسير بنفس خطا من سبقوه تقريبا, فبعد أن تمكّن من احترام دعم 7.300 نقطة، دخل القطاع في موجة ارتدادية ساعدت بشكل مباشر على ارتداد السوق ككل، لكن ذلك الارتداد لم يكن بالقوة الكافية لتجاوز مقاومة 8.000 نقطة والذي يُعتبر تجاوزها تأكيدا لقوة الارتداد الحالي وإشارة إلى مواصلة الصعود حتى المقاومة الأقوى عند 8.450 نقطة. أمّا من حيث القطاعات المتوقع أن يكون أداؤها إيجابياً لهذا الأسبوع، فهي قطاعات التجزئة والزراعة والاتصالات والاستثمار المتعدد والتطوير العقاري والنقل. من جهة أخرى، أتوقع أن تشتمل قائمة القطاعات السلبية على قطاعات الأسمنت والطاقة والتأمين والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والإعلام والفنادق والسياحة.