كانت الكعبة المشرفة حتى القرن السابع الميلادي عبارة عن قاعدة على هيئة متوازي مستطيلات، يحدها أربعة جدران يبلغ ارتفاع كل منها ارتفاع رجل وبدون سقف. ولقد أثبتت مخطوطات من القرن السابع حتى القرن السابع عشر الميلادي بأن المحور الأكبر للكعبة المشرفة يتجه نحو نقطة شروق النجم سهيل، بينما المحور الأصغر يتجه ناحية شروق الشمس في منتصف الصيف، كما سبق أن ذكرنا. والنجم سهيل هو نجم عملاق جبار أبيض، ويعتبر ألمع نجم في السماء بعد نجم الشعرى اليمانية. وكان الفلكيون المسلمون في العصور الوسطي يحددون اتجاه القبلة بواسطة المعلومات الجغرافية واستخدام معادلات دقيقة لحل المثلثات، وكان على سبيل المثال من هؤلاء الفلكيين الذين استطعنا الحصول على بعض من مخطوطاتهم العالم اليمني الذي كان يقيم في عدن والذي سبق ذكره ويسمى محمد ابن أبي بكر الفارسي في القرن الثالث عشر الميلادي، وكانت له جداول دقيقة (أزياج) حسبت بمهارة لبلاد اليمن، وكان الجزء الأول من المخطوط عن طريقة تحديد اتجاه القبلة بواسطة النجوم والرياح. في القرن التاسع فيلسوف قرطبة بالأندلس ابن حبيب قال إن القبلة عند قرطبة تكون في اتجاه شروق النجم ألفاسكو «SCO» (وهو ألمع نجم في مجموعة العقرب) لأن هذا النجم يشرق في اتجاه ركن الحجر الأسود بالكعبة المشرفة. وهناك الكثير من جوامع قرطبة التي أقيمت في العصور الوسطي تتجه ناحية الجنوب من الشرق بمقدار 30 درجة في اتجاه شروق الشمس في الشتاء وهو نفس اتجاه النجم «SCO». وعلى الطرف الآخر فإن الجامع الكبير في قرطبة والذي بني في القرن الثامن الميلادي فإنه يأخذ اتجاه 60 درجة جنوب الشرق. ويبدو أنه يتجه ناحية الضلع الشمالي الغربي للكعبة المشرفة، لذلك فإن حائط القبلة لهذا الجامع الكبير يكون موازيا للضلع الشمالي الغربي للكعبة المشرفة. وارتفاع التلال المحيطة بالكعبة المشرفة مقدرة بالزاوية هي 7.70 درجة للضلع الشمالي الشرقي و3.2 درجة للضلع الجنوبي الشرقي و4.40 درجة للضلع الجنوبي الغربي و6.70 درجة للضلع الشمالي الغربي، وإذا وقف الإنسان بمقام إبراهيم ونظر في اتجاه الضلع الشمالي الشرقي للكعبة المشرفة فإنه يمكنه رصد الهلال المولود حديثا في أوائل الشهور العربية لفصل الشتاء. ويحاول بعض علماء الفلك الأثري بالغرب فهم الدلالات الفلكية للكعبة المشرفة عن طريق دراسة الآثار الفلكية عند قدماء العرب، كآثار الأنباط في شمال الجزيرة العربية (كمدائن صالح بالسعودية ومدينة البتراء بالأردن) والآثار الموجودة بجنوب الجزيرة وكذلك الأحجار التي لها دلالات فلكية والتي تسمي «Megalithic» في أماكن متفرقة بوسط الجزيرة على أساس أنه أثر وثني من صنع قدماء العرب!! ويحاول علماء الفلك الأثري بالغرب الربط أو المقارنة ما بين الكعبة المشرفة كأثر فلكي مع الآثار الفلكية الأخرى بالعالم مثل الأثر المسمي «Stonehenge» بإنجلترا أو معبد خنسو (إله القمر عند المصريين القدماء وأحد عناصر ثالوث طيبة الوثني آمون وموت وخنسو) بمجمع الكرنك بالأقصر بمصر، جاهلين أو متجاهلين أن الكعبة المشرفة أقدم من كل هذه الآثار وأن قواعدها مرساة ومحددة منذ بدء الخليقة من قبل الخالق العظيم في مكان ثبت بالحساب الفلكي الحديث أنه مركز أطراف الأرض كلها (مكةالمكرمة) صرة العالم. فسبحان الله العظيم على هذا الإعجاز المعماري والفلكي في بناء الكعبة المشرفة.