يقول كثير من علماء النفس ان أكثر ما يسعد الانسان هو نفسه، وكذلك اكثر ما يحزنه أيضا هو نفسه، شخصيا اتفق مع هذه العبارة ولكني اضع قبلها شرطا، ان السعادة والحزن في رضا الله او سخطه ثم الوالدين، بعدها أنا متفق، والدليل اننا نجد شخصين مختلفين يمران بنفس الظرف ولكن الشخصين ليسا سواء من حيث السعادة والحزن وشتان بينهما. هناك أناس يحاولون جاهدين ان يسعدوا أنفسهم حتى ولو بأمور بسيطة وينجحوا، وهناك أناس ينتظرون الدنيا كلها كي تأتي لتسعدهم ولا يكلفون أنفسهم أي شيء، ما اقوله قد لا يحتاج الى أموال أو أفعال بل في كثير من الأحيان الى أقوال أو حركة بسيطة، فمثلا اتصل بي صديق يعتذر عن موعد بيننا فقلت "وشبك يابو فلان" قال "من البارح وانا مزكوم وشفت الموت"!! قلت تعوذ من الشيطان حبتين بانادول وتنتهي الامور، فاحمد ربك على ما اعطاك من صحة وعافية، هذه احد الامثلة فالشخص الذي يعكر حياته من اجل شيء بسيط جدا يثاب عليه ان احتسب الاجر تكفيرا لذنوبه وعلى غراره كثيرون يشتكون كثيرا من اجل شيء تافه بسيط ويقلبون الدنيا وينسيهم ابليس نعم الله عليهم التي لا تعد ولاتحصى. مرة كنت في زيارة لاحد اقاربي في المستشفى وحين ركبت المصعد واذا بصبي عمره ما يقارب 12 عاما مع والده ومعه كيس حلويات بيده، وكان ممسكا بأنبوب يتنفس منه، نظرت الى الطفل وابتسمت وقلت له: «ما تشوف شر حبيبي» فرد مبتسما: الحمد لله، ظننت ان الموضوع بسيط وانه ضيق تنفس اى كحة او آلام في الصدر، فقال والده الحمد لله كان معه فشل كلوي ثم اكتشفنا ان معه مرضا خبيثا، فالحمد لله على كل حال، ثم خرج من المصعد، وقبل ان يغلق باب المصعد فتحته من جديد ثم تبعته لاني لم اصدق ما قال عن شدة قوة بأسه وبشاشته، فلقيته، فقال هذا ابني الثالث الذي يعاني من فشل كلوي ويحتاج لعملية زراعة، والحمد لله نحن بخير، ومنذ سنوات وانا دائم الزيارة للمستشفى للمراجعة لأبنائي، للحظة تخيلت ان هموم الدنيا على رأسه وكيف كان صابرا محتسبا مبتسما، ماشاء الله عليه. للاسف بعضنا لا يسعد نفسه حتى بابتسامة، بل ان العلم يقول انه حتى الابتسامة غير المرئية تجلب السعادة، فمثلا لو ابتسمت لمن تتحدث معه بالهاتف سيشعر من طريقة كلامك بابتسامتك، وكذلك كفيف النظر، فالابتسامة مصنع للسعادة ان قامت على قواعد الرضا بما قسم الله وعدم نسيان نعمه التي لا تعد ولا تحصى، رزقنا الله شكره قولا وعملا كما يحب ويرضى، وآخر ما اختم به، الابتسامة هي شفاه مقوسة تجلب السعادة، تَقوّسوا.