في صباح السبت تعلو «تكشيرة» شاحبة على محيا الخارجين من منازلهم ، وتغدو الابتسامة سلعة نادرة الوجود وعزيزة المنال ، ونسي المتجهمون أني أحتاج إلى سبعين عضلة مشدودة لأرسم لوحة العبوس على وجهي بينما لا تحتاج البسمة لأكثر من أربع عشرة عضلة فقط . الابتسامة ليست حركات بسيطة تغير جغرافيا وتضاريس وجوهنا ، بل هي قصة قلب عزف وروح غنت وتفرغ الباقي للاستمتاع، فابحث عن جمال شفتيك في شغاف قلبك، وجمال أسنانك سيظهرها تألق روحك . وديننا الجميل هو دين الابتسامة والفرح ، وسيد الخلق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم هو أستاذ المبتسمين، واسمعوا لعبدالله بن الحارث رضي الله عنه وهو يصف نبينا عليه السلام بقوله : (ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله) ، والصورة الذهنية التي جعلت من صفات المتمسك بالدين متجهماً مكفهراً عابساً هي صورة مشوهة لحقيقة الإسلام الذي رسم جماله أستاذ الأدب وفيلسوف الأخلاق الأعظم محمد بن عبدالله عليه أفضل صلاة وأجمل تسليم. الابتسامة لغة عالمية لا تحتاج إلى مترجم ، وفعل متعدٍ يؤثر جماله على الآخرين ، وكما يقول راندل : (ازرع البسمة في وجهك تحصد السعادة في قلوب الآخرين) ، بل اعتبرها الإسلام نوعاً من الصدقة تقدمها للآخرين فتنهال ثمارها في حسناتك ، ولا أدل على ذلك من قول المصطفى عليه الصلاة والسلام : (تبسمك في وجه أخيك صدقة ) . عندما تبتسم فأنت تطبع ذكرى جميلة على جبين أناس لا تعرفهم ، يرحلون ويبقى عبق الابتسامة يفوح في أطلال الذاكرة ، وبابتسامتك تفتح باباً للحب وتغلق آخر كان معداً للكراهية ، وكما يقول الإنجليزي شكسبير : ( أن تشق طريقاً بالابتسامة .. خير من أن تشقه بالسيف ). لا تفكر فيمن يستحق الابتسامة ، فهي تركة يتوارثها الجميع ، ابتسم لعامل النظافة ، وابتسم للطفل الذي ينظر إليك بفضول من سيارة والده ، وابتسم لمديرك الذي لا يعجبه شيء ، وابتسم حتى لنفسك إذا رأيتها في المرآة، وقل لها أنا أجيد فن الابتسامة دائماً . وإذا دخلت على جو متوتر ورائحة الخصومة تتعالى على أنوف الموجودين فتذكر الحكمة التايلندية التي تقول: (الابتسامة طريقك الأقصر إلى قلوب الآخرين) ، فالبسمة أفضل عربون لإنهاء الخصام ، وفولتير كان يردد دائماً : (الابتسامة تذيب الجليد) ، وأهم اللحظات التي تحتاج زوجتك إلى ابتسامتك عندما تكون غاضبة، ورضيعك الصغير يتأثر بابتسامتك ويفهمها وينتظر منك أن تفهم ذلك وتبتسم. إذا لم تكن تتقن فن الابتسامة فعليك تعلمها، وحياتك لن تكتمل إلا بها، وروحك لن تتذوق لذة الإشراق بدونها، واجعل من حوافز نفسك دافعاً لهذه الحركة التي تصنع الكثير . وحتى تكون ناجحاً في عملك فلابد أن تجعل الابتسامة من أصولك الاستثمارية، والصينيون قديماً كانوا يقولون : (الذي لا يبتسم عليه ألا يفتح دكاناً) . ابتسم ثم ابتسم ثم ابتسم .