ارتفع إنتاج المملكة من النفط، بحسب تقرير الأوبك لشهر أغسطس الحالي، في ثلاثة شهور بحوالي 300 ألف برميل باليوم، ليسجل أكثر من 10 ملايين برميل باليوم في شهر يوليو المنصرم. ويذكر أن المملكة دأبت على زيادة الإنتاج خلال فصل الصيف؛ وذلك لتغطية احتياجات محطات الكهرباء المحلية، التي تبلغ ذروة إنتاجها من الطاقة الكهربائية خلال هذه الفترة. وهذا يدل على أن كميات النفط الخام التي تحرق مباشرة لتوليد الكهرباء كبيرة ومؤثرة. ولقد حرصت حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- على بذل الغالي والنفيس في سبيل تخفيف أعباء المعيشة على المواطنين والمقيمين، وتوفير الكهرباء التي يرتفع الطلب عليها في فصل الصيف بداعي الحاجة للتكييف. ولقد وصل معدل استهلاك المملكة للنفط في عام 2013م، وبحسب تقرير بريتش بتروليوم، إلى حوالي 3.1 مليون برميل باليوم، والجدير بالذكر أنه يوجد في العالم ست دول فقط تستهلك أكثر من 3 ملايين برميل نفط باليوم، وهي: أمريكا، والصين، واليابان، والهند، وروسيا. ويبدو واضحاً أن استهلاك المملكة للنفط ورغم أن عدد سكانها لا يتجاوز 30 مليون نسمة، يعادل تقريباً استهلاك الهندوروسيا، وأكبر من استهلاك معظم دول العالم التي يفوق عدد سكانها سكان المملكة بأضعاف. ولكن الحقيقة أن تنامي استهلاك المملكة للطاقة أو النفط بشكل خاص ملفت للنظر، إذ أنه بازدياد مستمر بحوالي 150-200 ألف برميل سنوياً. ولو تم حساب متوسط استهلاك الفرد السنوي في الدول ذات الاستهلاك الكبير للطاقة؛ لوجدنا أن معدل استهلاك الفرد الأمريكى يقارب 52 برميل نفط مكافئ، وفى الصين 15 برميلا، وأما روسيا فحوالي 37 برميلا، واليابان حوالي 27 برميلا، ومعدل استهلاك الفرد في العالم يساوى حوالي 13 برميل نفط مكافئ. وأما معدل استهلاك الفرد في المملكة، فهو يقترب من 60 برميل نفط مكافئ سنوياً، وهذا الرقم يعتبر من الأعلى في العالم. لذلك فإن تشريع القوانين لوقف نزيف وهدر الطاقة أصبح واجباً وطنياً من أجل مستقبل الاجيال القادمة. ويجب أن يدرك الجميع أنه لا يمكننا الاستمرار بنفس نهج استهلاك السنوات العشر الماضية، لأن ذلك سيؤدى إلى مشاكل ومتاعب اقتصادية يستطيع الجميع أن يراها ويتوقعها، وأبسطها انخفاض دخل المملكة من بيع النفط، وهو المصدر الرئيس للدخل الوطني، وهو ما قد يساهم فى انخفاض الانفاق على المشاريع الحيوية التي ستمتد إلى كل فرد فينا. نتمنى أن يأتى اليوم وأن يكون اعتماد كفاءة الطاقة في الأجهزة والمباني والمشاريع الصناعية ثقافة واصبحت من القوانين التى لا يمكن عمل شيء إلا اذا كان متماشىا مع انظمة الكفاءة العالمية. وقد يكون تغيير مزيج الطاقة الحالي فى المملكة أحد الحلول الناجعة للتخفيف من استهلاك النفط ،حيث يتكون مزيج الطاقة الحالي فى المملكة فقط من النفط والغاز الطبيعى. ويعد مزيج الطاقة من المعايير المهمة عالمياً من الناحية الاقتصادية. حالياً لا يمكن الاستغناء عن النفط كوقود لوسائل النقل كالبنزين والديزل، ولكن يمكن التخفيف من استخدام النفط ومشتقاته فى توليد الطاقة الكهربائية والطاقة الصناعية. فبحسب دراسة استراتيجية عن مزيج الطاقة واستخداماته المختلفة، فلقد وصلت نسب استخدام الفحم الحجرى في صناعة الإسمنت عالميا إلى نسب عالية، فمثلاً في الهند 96% وفي الصين 94%، كوريا الجنوبية 87%، اليابان 79%، الولاياتالمتحدةالأمريكية 66%، وفي المملكة صفر%. أما نسبة استخدام الفحم الحجرى في توليد الكهرباء فهي 45% في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وألمانيا 41%، استراليا 78%، الصين 79%، وفي المملكة صفر %. فلو تم تخفيف استهلاك النفط فى توليد الطاقة الكهربائية والصناعية وفى تحلية المياه؛ لاستطعنا توفير ملايين البراميل من النفط تحرق بشكل مباشر وبأسعار تقارب 4 دولارات للبرميل وبينما سعرها العالمي يتعدى 100 دولار للبرميل. وفى الختام، يجب أن نغير مزيج الطاقة لدينا، وان نضيف مصادر أخرى للطاقة سواء المتجددة او البديلة أو حتى الفحم الحجري الرخيص مقارنة بالذهب الأسود.