تمتلك دول الخليج العربي احتياطيات هائلة من النفط والغاز، وتعد من أكبر الدول في العالم تصديراً للنفط. فلقد بلغ إجمالى إنتاجها في شهر سبتمبر الماضي حوالي 17 مليون برميل باليوم، أي حوالي 18،5% من إجمالي الإنتاج العالمي، وأنتجت أيضاً حوالي 333 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، أو ما يعادل 10% من إجمالي الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي، وهو ثالث أكبر مصدر للطاقة بعد النفط والفحم الحجري، وتعتمد هذه الدول اعتماداً رئيساً على النفط في ميزانياتها، ولذلك فإن الكميات المصدرة والأسعار تؤثر كثيراً على النواحي الاقتصادية في هذه الدول. وفي حين كان استهلاك الدول الخليجية الأربع الأعضاء بمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" (السعودية، الكويت، الإمارات، وقطر) للطاقة في عام 2003م بحسب التقرير الإحصائي لشركة بريتش بتروليوم حوالي 4،3 مليون برميل نفط مكافئ باليوم، ارتفع استهلاك هذه الدول بعد عشر سنوات إلى حوالي 7،4 مليون برميل نفط مكافئ باليوم، وهذه الزيادة في الاستهلاك تقدر بحوالي 70%. والجدير بالذكر أن الولاياتالمتحدة شهدت انخفاضاً في استهلاكها للطاقة، ولنفس الفترة بحوالي 1،5%، واليابان بحوالي 7%، وتعد الصين الدولة الوحيدة في العالم التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في استهلاك الطاقة فاق 100%، ولكن الصين قد شهدت تحولاً كبيراً في العقد الماضي حتى أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بعد أن أزاحت اليابان، وها هى الآن تتنافس بقوة مع الولاياتالمتحدة على موقع أكبر اقتصاد بالعالم. وعلى كل حال أصبحت هذه الدول الخليجية الأربع مجتمعة، والتي يقدر عدد سكانها بحوالي 45 مليون نسمة، سادس أكبر مستهلك للطاقة في العالم، بعد أمريكاوالصينوالهند وروسيا واليابان، وتساوى معدل استهلاك كل قارة أفريقيا للطاقة. وبحسب تقرير بريتش بتروليوم فإن هذه الدول الأربع تستهلك يومياً من النفط أكثر من 4،6 مليون برميل باليوم، وبهذا تصبح ثالث أكبر مستهلك للنفط بالعالم بعد أمريكاوالصين، والعجيب أن هذه الدول تستهلك حوالي نصف استهلاك الصين، وأكثر من كل استهلاك الهند من النفط، وعدد سكانها لا يكاد يتجاوز 45 مليون نسمة، ولو حسبنا معدل استهلاك الفرد للطاقة لوجدنا أن الفرد من سكان هذه الدول يستهلك أكبر كمية من الطاقة بالعالم. ويبدو واضحاً أن الاستهلاك الكبير والجائر للموارد النفطية في هذه الدول يتنامى بصورة مقلقة، ولذلك يتوقع المحللون أن يؤثر استهلاك هذه الدول على قدرتها على تصدير النفط في المستقبل القريب، ولا شك أن من أهم ما تعاني منه هذه الدول هدر الطاقة والاستهلاك الجائر لها؛ بسبب الدعم الكبير الذي لا يوجد مثيله في كل دول العالم، ولقد بدأ هذا الدعم الذي أصبح كالنزيف بالتأثير على اقتصاديات هذه الدول إن لم يوجد له حل ناجع وسريع، وبدأت الدول الخليجية بدراسة موضوع الدعم، وكيفية كبح جماحه قبل استفحال الأمر وصعوبة العلاج.