تصاعُد الصراعات في ليبيا يعمل على إحباط الجهود الرامية إلى إحياء إنتاج النفط من أكبر احتياطيات الخام في إفريقيا بعد حصار دام عامًا كاملًا في الموانئ الشرقية، تمامًا في الوقت الذي توقع فيه بنك سوسيتيه جنرال وبنك باركليز ارتفاع الطلب. وفي حين قالت الحكومة في أوائل شهر يوليو: إنه يمكن للتجار شراء الشحنات مرة أخرى من السدر ورأس لانوف، وهما أكبر الموانئ المغلقة، إلا أن أيًّا منهما لم يشحن أي شيء. وفي طرابلس العاصمة فإن رجال الإطفاء لا يزالون يكافحون الحريق في مستودع لتخزين الوقود الناجم عن الاشتباكات بين الميليشيات التي تقاتل من أجل السلطة السياسية في السنوات الثلاث منذ الإطاحة ومقتل الزعيم معمر القذافي الذي حكم البلاد فترة طويلة. تم تداول العقود الآجلة لخام برنت كما لو أن الإمدادات ستكون وفيرة. ويتم تسعير العقود على المدى القريب بأسعار مخفضة للشحنات في وقت لاحق من هذا العام، وهو النمط المعروف باسم المؤجل، منذ 8 يوليو وهي أطول تمديد في أربع سنوات. سوسيتيه جنرال وباركليز هما من بين البنوك التي تتوقع بأن الخصومات لن تدوم، ومع تسارع النمو العالمي الذي يقود الطلب العالمي على النفط بأكثر مما أنتجت ليبيا في أي سنة منذ عام 1979. «أصبح المستثمرون متحمسين جدًا لإعادة فتح الموانئ والتقليل من المشاكل الفنية التي عقدت حتى استئناف الصادرات» وفقًا لما قاله ريكاردو فابياني وهو محلل ومقره لندن في مجموعة أوراسيا، وهي مجموعة تعمل في تحليل المخاطر السياسية والتي تتخصص في مجال الطاقة، وأضاف «إنهم بدأوا الآن فقط في التعامل مع صورة أكثر تعقيدًا». أجلت وزارة الخارجية الأمريكية سفارتها في ليبيا في يوم 26 يوليو بسبب أعمال العنف، في حين سحبت أيضًا المملكة المتحدة وكندا موظفي السلك الدبلوماسي. ومع الصراعات في هذا البلد الشمال إفريقي التي أصبحت أكثر انتشارًا وفتكًا قال سيتي جروب في تقريره أمس: «إن احتمال زيادة الصادرات بدأ يتخذ صورة سلبية أكبر بكثير من قبل». خام برنت تسليم سبتمبر أقفل عند 106.51 دولار للبرميل في بورصة العقود الآجلة الأوروبية مقارنة مع 106.99 دولار في العقود تسليم أكتوبر و 107.32 دولار في عقود تسليم شهر ديسمبر. وتداولت الأسعار للتسليم الفوري بسعر مخفض للعقود المؤجلة على مدى 17 جلسة متتالية، وهي أطول فترة منذ نهاية عام 2010، كما تظهر بيانات التداول. في 16 يوليو، والذي كان اليوم الأخير من التداول لعقود شهر أغسطس كان الخصم لعقود سبتمبر عند 1.32 دولار للبرميل، وهو ما دفع شركات بما في ذلك بنك أوف أمريكا كورب وشركة إنيرجي أسبكتس إلى التكهن بأنه سيكون مربحًا للتجار شراء النفط الخام بالسعر الحالي، وتخزينه، وبيعه في وقت لاحق. «الجميع متحمسون جدًا حول ما يحدث في فرق السعر الفوري عن خام برنت، لكنني لا أعتقد أن هذا يدل على انهيار السوق الإجمالية، أو أي شيء حتى يشبه ذلك»، كما قال سيث كلينمان، رئيس قسم سيتي جروب لأبحاث الطاقة الأوروبية، وأضاف: «إذا كنت تشترى الخام لمصفاتك، فإن كل ما يهمك هو مدى الموثوقية هناك، وأنت لا تستطيع أن تقول إنه سيكون هذا هو الحال بالنسبة إلى ليبيا». بلغ الإنتاج في ليبيا 1.7 مليون برميل يوميًا في عام 2008، وكان ما يقرب من 1.6 مليون قبل وفاة القذافي في عام 2011، وقد انخفض الإنتاج منذ ذلك الحين حيث زادت الاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي. وفي وقت سابق من هذا العام أصبحت ليبيا أصغر الموردين في منظمة الدول المصدرة للنفط وشحنت 300 ألف برميل يوميًا في يونيو، وفقًا لبيانات جمعتها بلومبيرج. إن الاستئناف الدائم في ليبيا يمكن أن يساعد في الحفاظ على أسعار المؤجل. كان فرق سعر برنت لخام غرب تكساس المتوسط، الخام المرجعي الأمريكي عند 6.24 دولار للبرميل اليوم، بعد أن استقر عند 6.75 دولار يوم أمس. النفط في ليبيا مشابه لخام برنت من بحر الشمال وهذا هو المعيار الأوروبي. كلاهما منخفض الكبريت وأقل كثافة من الأنواع الأخرى، وهذا يعني أنه يمكن أن يسفر عن نسبة أكبر من المنتجات ذات القيمة العالية، بما في ذلك البنزين ووقود الطائرات. «إذا كان لمعمل تكرير أن يشتري الخام الرخيص من ليبيا، فإنه لن تكون بالضرورة هناك حاجة لشراء براميل بحر الشمال التي لولا ذلك لكان مهتمًا بها» كما قال توربيورن كوجوس المحلل في (DNB) أكبر بنك في النرويج عن طريق البريد الإلكتروني يوم 23 يوليو، وأضاف: «إن ارتفاع الصادرات نتيجة لذلك يمكن أن ترفع البيع الؤجل لأبعد من ذلك». وفي حين أن الشحنات الليبية الإضافية من شأنها أن تضيف الإمدادات فهناك من المحتمل أن تقل الشحنات من بحر الشمال أيضًا. حيث يستعد المنتجون في المنطقة للخضوع لبرامج الصيانة السنوية في الشهر المقبل، وهو ما يحد من كمية الخامات المتاحة. شحنات من خام برنت من خامات فورتيس، وأزبيرج، وإيكوفسك، وهي الأنواع التي تشكل سعر برنت المادي سوف تنخفض إلى أدنى مستوى منذ 14 شهرًا بحوالي 755 ألف برميل يوميًا في الشهر المقبل، وفقًا لبرامج التحميل التي حصلت عليها بلومبيرج. وهذا سيحدث في نفس الوقت الذي يتعزز فيه الطلب، وسيزداد الاستخدام العالمي اليومي بمقدار 1.97 مليون برميل ليسجل 93.63 مليون برميل في النصف الثاني من هذا العام، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة إلى 29 دولة مستهلكة للنفط. بعض الدول بما في ذلك المملكة العربية السعودية يمكنها ضبط إنتاجها إذا شحنت ليبيا أكثر من ذلك، وفقًا لمايك ويتنر، المحلل لدى بنك سوسيتيه جنرال في نيويورك. إن استئناف إمدادات ليبيا سوف يكون متفاوتًا، ويمكن أن يعني القتال حول طرابلس انخفاض الإنتاج إذا أخلت شركات النفط الدولية المزيد من العمال، وفقًا لما يقوله ميسوين ميهيش المحلل في بنك باركليز في لندن. وأضاف: «المزيد من الضعف على برنت من المستويات الحالية من المرجح أن يكون محدودًا حتى نرى الصادرات من ليبيا تتحقق في الواقع بطريقة مستدامة، وهذا من غير المرجح نظرًا للحالة الهشة بشكل متزايد للأمور».